القاهرة في معركة شاقة لوقف بيع الدواجن الحية

استنكر أصحاب مزارع الدواجن قرار وزارة الزراعة المصرية بمنع بيع وتداول الدواجن الحية للمواطنين، في الوقت الذي لم تتخذ فيه الحكومة إجراءات مناسبة لتهيئة المناخ لتطبيق القرار الذي ظل حبيس الأدراج لأكثر من 9 سنوات.
القاهرة - دخلت الحكومة المصرية في معركة شاقة مجددا مع أصحاب مزارع ومحلات الدواجن، بعد أن قررت تفعيل قانون يجرم بيع الدواجن الحية يعود للعام 2009.
وبدأ بالفعل منع تداول الدواجن الحية وإتاحة بيع الدواجن المجمدة بمحافظتي القاهرة والجيزة تمهيدا لتطبيق القانون في باقي محافظات البلاد.
وترتبط الدواجن المجمدة في مصر بتاريخ سيء السمعة مع التوسع في سياسة الانفتاح الاقتصادي خلال ثمانينات القرن الماضي، وتحديدا واقعة استيراد رجل الأعمال، توفيق عبدالحي، دواجن مجمدة منتهية الصلاحية، والمعروفة بقضية “الدواجن الفاسدة”.
واستورد رجل الأعمال المصري نحو 1426 طنا من الدواجن المجمدة الفاسدة وطرحها في الأسواق، ومنذ ذلك الحين وهناك حاجز نفسي بين غالبية المصريين والدواجن المجمدة.
وقالت سيدة محمود، ربة منزل، لـ”العرب”، “أتوجه أسبوعيا لسوق سليمان جوهر بمنطقة الدقي في محافظة الجيزة وأفحص الدجاجة قبل شرائها خشية أن تكون مريضة”.
وأضافت “لا يمكن أن أشتري الدجاج المجمد أبدا، حيث تعودت على شرائه طازجا مثلما عودتني أمي منذ أكثر من 50 عاما”.
وعمليا، يواجه قرار الحكومة صعوبات في التنفيذ رغم أنه يستهدف حماية المواطنين من الأمراض نتيجة مخالطة الطيور، وعدم نشر الأوبئة بين المحافظات.
وظهرت أول إصابة بفيروس أنفلوانزا الطيور “إتش.وان أن.وان” في البلاد عام 2006 وينشط الفيروس خلال فصل الشتاء ويبدأ في الانحسار في فصل الصيف.
وكشفت بيانات وزارة الزراعة أن عدد بؤر إصابة الدواجن بمرض أنفلوانزا الطيور بلغت نحو 495 العام الماضي.
وأكد محمد الشافعي، نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، أن منع تداول الدواجن الحية في مصر، أمر ليس يسيرا، فالحديث عن منعها بدأ منذ حوالي ثلاثة عقود ولم يتم تطبيقه، ثم تجدد قبل تسع سنوات، ولم يطبق أيضا.
وأشار لـ”العرب” إلى أن منظومة صناعة وتجارة الدواجن معقدة، من حيث حجم الإنتاج وعدد المجازر وتوزيعها الجغرافي.
ولا توجد في مصر مجازر تكفي لذبح ثلثي إنتاجها من الدواجن ويقدر بنحو 1.2 مليار دجاجة، فضلا عن أن توزيع هذه المجازر لا يتناسب جغرافيا مع مراكز الإنتاج، فالمجازر في محافظة القاهرة تكفي لذبح 30 مليون طائر سنويا، رغم أنه لا توجد بها مزارع.
وعلى العكس، فإن محافظة الشرقية شمال القاهرة، والتي تعد أكبر محافظة لإنتاج الدواجن بطاقة 150 مليون دجاجة سنويا، لا يوجد بها سوى مجزر واحد، ومن ثم فإن العقبات تحيط بتنفيذ القرار.
ورفض السيد مشالي، عضو الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، القرار ووصفة بأنه غير مدروس، ويصب في صالح استيراد الدواجن وبعض رجال الأعمال، على حساب الثروة الداجنة المحلية.
وقال لـ”العرب” “إذا كانت الحكومة ترغب في تطبيق سليم للقرار، فلا بد أن تصلح أوضاع أصحاب المحلات أولا”، بمعنى ضبط سلاسل التوزيع، لكن الوضع الحالي يستهدف غلق تلك المحلات لحساب السلاسل التجارية الكبرى التي يتجه المستهلكون إليها.
وتساهم الدواجن في سد نحو 35 بالمئة من فجوة البروتين الحيواني، ويصل عدد مزارع الدواجن في مصر لنحو 47 ألف مزرعة، والمرخص منها رسميا نحو 20 ألف مزرعة.
ولفت مشالي إلى أن المشكلة ليست في القاهرة والجيزة، بل في المزارع العشوائية في المحافظات، لأن أكثر من نصف إنتاج الدواجن يُنتج في مزارع صغيرة وغير منظمة، ويقدم أصحاب هذه المزارع نحو مليون دجاجة يوميا.
وإذا أرادت الحكومة تفعيل قرارها، فيجب أن تقوم بإنشاء مجازر قريبة من هذه المزارع وتنظيم عملها، وهي مسألة قد تستغرق عامين.
ويواجه القرار صعوبات أخرى، منها غياب آلية واضحة تلزم إجبار أصحاب المزارع على بيع الدواجن الحية لمجازر الدواجن، لأن المعمول به على مدى تاريخ هذه الصناعة هو بيع الدواجن للتجار والموزعين، الذين يقومون ببيعها لأصحاب المحلات، وهو الشائع في المناطق الشعبية والريف المصري.
وأوضحت منى محرز، نائب وزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية، لـ”العرب”، أنه سيتم توقيع اتفاق مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة لمنح قروض ميسرة لأصحاب محلات بيع الدواجن لتمويل شراء مبردات وثلاجات لحفظ الدواجن.
ويقدر مجلس الوزراء إجمالي استثمارات الإنتاج الداجني والخدمات الصناعية المرتبطة به بنحو 3.6 مليار دولار، ويوفر 2.5 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
ووفقا لشعبة الدواجن بالغرفة التجارية للقاهرة، فإن عدد محلات بيع الدواجن الحية على مستوى البلاد يصل لنحو 20 ألف متجر.
وقال عبدالعزيز السيد رئيس الشعبة لـ”العرب” “نؤيد قرار منع تداول الدواجن الحية، للقضاء على الأوبئة، وفي الوقت ذاته الحفاظ على نشاط أصحاب المحلات، وسنعمل على مساعدتهم لشراء ثلاجات ومبردات”.