القاهرة تطارد عربات التوك توك لزيادة الإيرادات الضريبية

وجهت السلطات المصرية أنظارها إلى إخضاع عربات التوك توك المنتشرة في أنحاء البلاد للضرائب بهدف ضم هذا القطاع العشوائي إلى الاقتصاد الرسمي وزيادة الإيرادات الحكومية من أجل خفض العجز المزمن في الموازنة العامة للدولة.
القاهرة - بدأت مصلحة الضرائب المصرية في مطاردة نحو ثلاثة ملايين مركبة توك توك منتشرة في معظم المناطق العشوائية وريف البلاد بهدف وضعها ضمن دائرة المراقبة حتى تساهم في النمو الاقتصادي مستقبلا.
وتسعى الحكومة إلى تحصيل عوائد تقدر بحوالي 120 مليون دولار سنويا من هذا القطاع، الذي يعمل تقريبا خارج منظومة الاقتصاد غير الرسمي منذ سنوات.
وبات التوك توك، المركبة ذات الـ3 عجلات، وسيلة رئيسية للتنقل، حيث سُمح بدخولها إلى البلاد دون وجود قانون يسمح بترخيصها وهي شاهد على سياسات حكومية ظلت مترهلة لسنوات.
وتشمل التعليمات الضريبية الجديدة حساب إيراد يومي لهذه المركبة بنحو 100 جنيه (6 دولارات) بأثر رجعي منذ العام 2014 وتزيد بنحو 10 بالمئة سنويا.
ووفق المعطيات الحالية، فإن متوسط الإيراد اليومي للتوك توك هذا العام بلغ نحو 161 جنيها (9.2 دولار) وسيتم فرض ضريبة أرباح تجارية وصناعية على 25 بالمئة منه بنحو 22.5 بالمئة.
وتمثل هذه الحصيلة الضريبية نحو 78 بالمئة من إجمالي إيرادات البلاد البالغة نحو 56 مليار دولار، وتسهم بنحو 44 مليار دولار في الموازنة العامة الحالية.
ويرى حسام نصر، الشريك في مكتب أرنست أند ينغ، صعوبة كبيرة في عمليات تطبيق القرار، حيث يحتاج هذا العدد الضخم من مركبات التوك توك إلى مكاتب متخصصة لترخيصه، بعيدا عن إدارات وإجراءات مرور السيارات.
ويصل عدد المركبات والسيارات في مصر عموما إلى حوالي 9 ملايين، بخلاف مركبات التوك توك، والدرجات النارية، وفق التقديرات الرسمية.
وقال نصر لـ”العرب” إنه “من الممكن أن يعامل التوك توك معاملة سيارات التاكسي عند التراخيص، بحيث يتم إلزام صاحب المركبة بالحصول على شهادة من مصلحة الضرائب تفيد سداد الضريبة أولا قبل تجديد الترخيص”.
ووافق البرلمان على قانون لإنشاء جهاز تنظيمي للنقل البري الداخلي والدولي للركاب والبضائع، ومن ضمن مهامه مواجهة فوضى نقل الركاب، ويسحب القانون الجديد اختصاصات المحافظين حول تراخيص نقل الركاب، حيث كانت تعترض بعض المحافظات على منح تراخيص لمركبات التوك توك.
ووجه مصطفى مدبولي رئيس الوزراء مؤخرا، المحافظين بوقف تراخيص التوك توك لفترة مؤقتة كي يتسنى الحد من الظواهر السلبية التي نتجت عن الانتشار غير المنضبط لهذه الوسيلة.
وحذرت دراسات حديثة من خطورة استسهال الشباب للعمل على التوك توك والانصراف عن فرص العمل الجادة التي تحقق التنمية وتبني مجتمعا متطورا.
التوك توك متهم في نظر كثيرين بأنه أدى إلى استقطاب الأطفال للعمل في هذه الوسيلة والحصول على أموال ينفقونها بشكل غير منضبط نظرا لحداثة سنهم، ما يخلف مجموعة جديدة من الأمراض الاجتماعية التي لها انعكاسات اقتصادية.
وأكد أحمد جلال، وزير المالية الأسبق، أنه إذا كانت الدول تسعى لضم هذا القطاع إلى المنظومة الاقتصادية، فعليها أن تمنحه عدة حوافز، منها منظومة متكاملة من الرعاية الطبية، ومعاشات عند التقاعد، وجميع الإجراءات التي تشجع أصحاب المركبات على دفع الضرائب.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ”العرب” أن “أصحاب مركبات التوك توك يعملون حاليا خارج المنظومة الرسمية دون أن يتكبدوا أعباء ضريبية، ولذلك لا بد أن يلمسوا مردودات سوف تعود عليهم بالنفع من دفع تلك الضريبة”.
وجذب التوك توك شريحة كبيرة من العمال وأصبحوا يفضلون العمل عليه بدلا من الذهاب إلى المصانع، وتحول إلى وسيلة نقل رئيسية في المناطق العشوائية والريف وبدأ يزحف على الحضر، واستغنى قطاع كبير من المزارعين عن الدواب في نقل المحاصيل.
وقال حمدي عبدالعزيز رئيس غرفة الصناعات الهندسية السابق في تصريح لـ”العرب”، “إننا نعاني من نقص شديد في عدد العمالة في المصانع بسبب انتشار التوك توك”.
وأوضح أن خضوع هذه الفئة للضريبة يجعل الشباب الذين يفضلون العمل على مركبات التوك توك يفكرون بشكل دقيق، وحساب التكلفة والعائد، وبالتالي قد تدفع هذه الخطوة عددا منهم إلى العودة مرة أخرى إلى مواقع الإنتاج في المصانع.
ويصل متوسط عدد أفراد الأسرة في مصر وفق إحصاء وزارة التضامن الاجتماعي نحو 5.6 فرد وبالتالي فإن أكثر من 16.8 مليون شخص يعتمد دخلهم الأساسي على ثلاثة ملايين توك توك وهي نسبة كبيرة تتجاوز 17.6 بالمئة من عدد السكان البالغ عددهم نحو 95 مليون مواطن.
وتبحث وزارة المالية من خلال تلك الخطوة عن موارد جديدة تعزز بها حصيلتها الضريبية لسد العجز المقدر في الموازنة الحالية بنحو 438 مليار جنيه (24.8 مليار دولار) بعد أن تجاوز حجم الدين العام 91 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفق موازنة عام 2018-2019.