القاهرة تسعى لجذب المزيد من الاستثمارات السورية الهاربة من الحرب

قال محللون إن إعلان وزارة الصناعة والتجارة المصرية عن تخصيص منطقة صناعية سورية متكاملة على مساحة تصل إلى نحو نصف مليون متر مربع، يمكن أن يعطي دفعة قوية لتحريك الاقتصاد المصري.
وتسعى القاهرة من خلال المنطقة الصناعية في مدينة العاشر من رمضان الصناعية قرب القاهرة لجذب مزيد من الاستثمارات السورية الهاربة من الحرب في إطار استراتيجيتها الخاصة بإقامة تجمعات صناعية متخصصة.
وتشير التقديرات إلى أن حجم استثمارات رجال الأعمال السوريين الذين انتقل كثير منهم إلى مصر منذ بداية الحرب يبلغ نحو 800 ألف دولار، معظمها مستثمر في العقارات والمصانع والمطاعم.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين بمصر نحو نصف مليون لاجئ، من بينهم نحو 15 ألف رجل أعمال سوري، بحسب السفير طارق القوني، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية.
وقال طارق قابيل، وزير الصناعة والتجارة، في تصريح لـ”العرب” إن “المنطقة الصناعية السورية تضم عددا من المصانع المتخصصة في صناعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة وهي الصناعات التي يمتلك المستثمرون السوريون فيها مزايا تنافسية كبيرة”.
|
وأكد أن بلاده حريصة على تقديم جميع أشكال الدعم للمستثمرين السوريين وتذليل العقبات التي تواجههم لضخ المزيد من الاستثمارات بمصر.
وكان قابيل طلب من هيئة التنمية الصناعية التابعة للوزارة تطبيق المعايير المعتمدة لتخصيص الأراضي الصناعية، بما يتوافق مع خارطة الاستثمار الصناعي بالبلاد.
وقال خلدون الموقع رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في القاهرة في تصريح لـ”العرب” إن “المنطقة الجديدة تسع لنحو 80 مصنعا في مختلف القطاعات الاقتصادية”، موضحا أن الحكومة المصرية ساندت بقوة مبادرة رجال الأعمال السوريين لنقل استثماراتهم إلى مصر.
ولفت الموقع إلى أن القاهرة تستهدف الانطلاق من السوق المصرية لتصدير المنتجات لكافة دول العالم التي ترتبط معها مصر باتفاقيات تجارية تحت شعار “صنع في مصر”، “فضلا عن استعادة الأسواق التي فقدنها خلال السنوات الماضية بسبب الحرب في سوريا”.
وتضم المنطقة الصناعية الجديدة مصانع في قطاعات الأدوية والكيماويات والصناعات الغذائية والهندسية.
وكان التحالف المشترك وقع بروتوكول تعاون مع غرفة القاهرة التجارية لتنظيم معارض دائمة للمنتجات السورية على مدار العام.
وفشلت مبادرة تأسيس منطقة صناعية للمستثمرين السوريين خلال فترة حكم الإخوان المسلمين بمصر، والتي تبنتها جمعية الأعمال والاستثمار الدولي (إيبيا) وهي ذراع شباب رجال الأعمال المحسوبين على الإخوان.
ونظمت الجمعية لقاء موسعا في أبريل 2013 ضم عددا كبيرا من المستثمرين الفارين من جحيم الحرب في سوريا.
|
وشارك في اللقاء حاتم صالح وزير التجارة والصناعة المصري السابق ورجل الأعمال المصري أحمد السويدي، الذي يمتلك مع مجموعة من المستثمرين منطقة صناعية خاصة تعمل بنظام المطور الصناعي بمدينة العاشر.
وتم توقيع اتفاق تعاون بين الجمعية والسويدي يستهدف قيام رجل الأعمال المصري بمنح المستثمرين السوريين عددا من المصانع تتراوح مساحتها بين 5 و10 آلاف متر وحتى مئة ألف متر بمدينة العاشر من رمضان لإنشاء المنطقة الصناعية، لكن لم يفعل الاتفاق حتى الآن.
ورغم ترحيب عدد كبير من المستثمرين ورؤساء منظمات الأعمال بالمنطقة الصناعية السورية الجديدة، وفي مقدمتهم محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية، وأحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، إلا أن البعض تحفظ على الاستثمار الجديد.
وقالت سالي فاروق رئيس لجنة الصناعات النسيجية بجمعية مستثمري العاشر إن “الاستثمارات السورية الجديدة جاءت لتستفيد من التخفيضات الكبيرة التي شهدتها العملة المصرية لذلك سوف يوجهون منتجاتهم نحو التصدير للأسواق الخارجية”.
وحررت الحكومة المصرية سعر صرف الجنيه في نوفمبر الماضي وتراجعت قيمته بنحو مئة بالمئة أمام جميع العملات في الفترة الماضية، لكنه ارتفع الإثنين قليلا أمام الدولار.
وأوضحت فاروق لـ”العرب” أن مصانع الغزل والنسيج المصرية تعاني من مشكلات تراكمت على مدى عقود وتحديدا المصانع الحكومية، وبالتالي سيكون سباق المنافسة محسوما لصالح مصانع الغزل والنسيج السورية.
ويشهد القطاع الصناعي المصري حالة من التباطؤ أدت إلى تراجع الطاقات الإنتاجية، تتراوح في قطاع الغزل والنسيج بين 30 بالمئة و50 بالمئة.
وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع الرقم القياسي لإنتاج الصناعات التحويلية والاستخراجية بالبلاد بنحو 11.2 بالمئة، عقب توقف بعض المصانع للصيانة ووجود أعطال في وحدات الإنتاج وطول فترة الإجراءات الجمركية لفحص الخامات المستوردة.
ويتوقع البعض من المراقبين أن يدفع نجاح المستثمرين السوريين الكثير من رجال الأعمال من دول أخرى إلى ضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد المصري أملا في حصد مكاسب واعدة، على ضوء الحوافز الجديدة التي بدأت الحكومة المصرية في تقديمها وأهمها الحد من البيروقراطية.