القاهرة تدمج مصانع السيارات الحكومية الخاسرة في شركة واحدة

الحكومة المصرية تدخل في معركة شاقة لتمكين شركات السيارات الحكومية المترهلة من المنافسة في السوق المفتوح. لكن تجارب الماضي ترجح عجز شركات القطاع العام عن مسايرة التطورات الصناعية.
الخميس 2018/05/31
فتح السوق للمنافسة الأجنبية يهدد الشركات الحكومية

القاهرة - شكك اقتصاديون في قدرة وزارة قطاع الأعمال العام في مصر على السيطرة على خسائر شركات السيارات الحكومية الخاسرة، واستبعدوا دمجها في كيان واحد لوضع حد لأزماتها المزمنة.

وأعلنت الوزارة عن دمج 7 شركات بقطاع صناعة السيارات، هي ناروبين واليايات والنقل والهندسة والنصر لصناعة السيارات والنيل لصناعة وإصلاح السيارات والهندسية لصناعة السيارات، ومصر لتجارة السيارات، في شركة واحدة لم يتم تحديد اسمها بعد.

ويبلغ إجمالي حجم ديون شركات قطاع الأعمال العام نحو 3 مليارات دولار، منها 850 مليون دولار لشركات الغاز والكهرباء.

وقالت مصادر لـ“العرب” إن “الشركة الجديدة بعد الدمج سوف تتبع الشركة القابضة للنقل البحري والبري”.

وتأتي الخطوة بعد تصريحات خالد بدوي وزير قطاع الأعمال العام مؤخرا، أكد خلالها أن إنتاج سيارة مصرية “صعب للغاية” ويحتاج إلى إنفاق مليارات الدولارات، ومن الأفضل أن تركز الشركات التابعة لقطاع الأعمال على الصناعات المغذية.

وقال إن “تصنيع سيارة مصرية يحتاج لسوق قدرته التسويقية لا تقل عن 300 ألف سيارة سنويا، لضمان تدشين صناعة محلية”.

وبلغ عدد السيارات التي تم إنتاجها عن طريق التجميع العام الماضي نحو 59319 سيارة، استحوذت شركة نيسان اليابانية منها على 28.7 بالمئة، وشركة هيواندي الكورية الجنوبية على حوالي 27.5 بالمئة.

وأوضح حسين مصطفى خبير صناعة السيارات، أن الخطوة تعدّ محاولة لتغيير فكر شركات قطاع الأعمال العام، لكنها تتطلب دراسات جدوى دقيقة حول إمكانية التسويق والاستثمارات المتعلقة بالمعدّات المطلوبة لتطوير الصناعات المغذية المزمع تنفيذها في خطة الدمج.

وقال لـ“العرب” إن “احتمال نجاح الخطة ضعيف لأنها تحتاج إلى جهاز تنفيذي ضخم وخبرات إدارية وفنية وتسويقية أيضًا، وهي غير متوفرة بقطاع الأعمال العام”.

وتتواكب خطة الحكومة مع استهدف القاهرة تأسيس مدينة للصناعات المغذية للسيارات في محور قناة السويس، بهدف التكامل مع مدينة “رحايل” في أبوظبي لصناعة السيارات، والتي تستهدف توطين صناعة السيارات وتصدير منتجاتها لجميع أسواق الشرق الأوسط.

حسين مصطفى: احتمال نجاح خطة الدمج ضعيف والشركات الحكومية لا تمتلك الخبرة
حسين مصطفى: احتمال نجاح خطة الدمج ضعيف والشركات الحكومية لا تمتلك الخبرة

وأشار مصطفى إلى أن دمج تلك الشركات يتطلب دراسات غير تقليدية، فضلا عن التعبئة المالية القوية والتي قد تقف عائقا أمام النجاح، أما الخبرات فمصر مليئة بالكفاءات العاملة في هذا القطاع والتي يمكنها المشاركة في مجال صناعة السيارات، بعيدًا عن الفكر الحكومي.

وتتهرب الحكومة من فشل مشروع إنتاج سيارة مصرية الذي ظل حلما لسنوات إلى الدخول في قطاع الصناعات المغذية للسيارات، وكي لا تتكبد تكلفة تأهيل هذه المصانع الخاسرة وتطويرها، وتفوق عمليات التطوير قدراتها في ظل ضعف الاقتصاد وتفاقم ديون الشركات.

واستبعد علي توفيق، رئيس رابطة الصناعات المغذية للسيارات، نجاح دمج الشركات في الوصول إلى صناعة قوية مغذية للسيارات، لأن جميع شركات تجميع السيارات المحلية لديها موردون، ولا بد أن تصل الشركة الحكومية الجديدة لمرحلة من الجودة والتسعير للمنافسة في السوق.

ويعد ارتفاع التكاليف أهم التحديات التي تواجه الشركات الحكومية بسبب ارتفاع عدد العمالة، علاوة على ارتفاع تكلفة ديونها، ما يقضي على الفكرة من البداية.

ولفت توفيق لـ“العرب”، إلى أن الشركات الحكومية ليست لديها سابقة خبرة في الصناعات المغذية للسيارات، وتحديدا الموديلات الجديدة، لأنها كانت تعمل على توفير قطع غيار السيارات القديمة التي توقف إنتاجها من 16 عاما تقريبا.

وأكد أن دمج شركات السيارات الحكومية، لن يترتب عليه تكامل، لأن كل شركة تعمل في نطاق يختلف تماما عن طبيعة الصناعات المغذية للسيارات.

وتكافح الحكومة لتخفيف وطأة رفض الاتحاد الأوروبي تمديد اتفاق إعفاء دخول السيارات الأوروبية تامة الصنع دون جمارك.

ووقّعت مصر اتفاقية مشاركة مع الاتحاد الأوروبي، ودخلت حيّز التنفيذ منتصف عام 2004 ونصت فور توقيعها على إعفاء الصادرات المصرية من الضريبة الجمركية لجميع دول الاتحاد الأوروبي، مع إعفاء تدريجي لواردات القاهرة من أوروبا يصل تدريجياً إلى صفر بالمئة مطلع 2019.

وأصدر طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة المصري، قرارا بخفض مساهمة خطوط تجميع السيارات إلى نسبة التصنيع المحلية الكلية للسيارات البالغة 28 بالمئة، بنحو واحد بالمئة سنويا.

واحتدم الجدل حول استراتيجية صناعة السيارات التي أطلقتها وزارة التجارة والصناعة المصرية والتي تقر بأن لا تقل نسبة التصنيع المحلي في صناعة السيارات عن 46 بالمئة.

ويقول خبراء ومختصون في المجال إن الاستراتيجية الحكومية الجديدة تحمل في ظاهرها تعميق الصناعات المغذية للسيارات، إلا أن باطنها يحمل وبالاً على هذا القطاع الذي لا يقوى على المنافسة في ظل استيراد مستلزمات إنتاجه بالأسعار العالمية من الخارج.

وشهد سوق السيارات ركودا العام الماضي، وفق مركز مسوقي السيارات “أميك”، حيث كشف تقريره السنوي عن انخفاض عدد السيارات الجديدة المباعة بنحو 31.6 بالمئة بمقارنة سنوية.

11