القاهرة تدفع بالمصانع الجاهزة لمواجهة مشكلة البطالة

طرح 1657 وحدة صناعية أمام الشباب ضمن خطة لتأسيس ما يقرب من 5 آلاف مصنع.
السبت 2020/10/31
صناعة النسيج تمتص البطالة

دفعت مصر بمنظومة الوحدات الصناعية الجاهزة كرافد استثماري جديد وسريع لحث الشباب على العمل وزيادة الإنتاجية للحفاظ على معدلات نموها الاقتصادي، وتأمل من خلال المنظومة الجديدة في مواجهة أعداد البطالة المتزايدة والتي تفاقمت أوضاعها مع تفشي وباء كورونا، وزيادة العبء مع مؤشرات عودة الكثير من العمالة المصرية من الخارج.

القاهرة - طرقت القاهرة باب تدشين المصانع الجاهزة من أجل تخفيف حدة البطالة على معدلات نموها الاقتصادي، وحاولت تقديم حلول عملية أمام أكثر من 2.5 مليون شاب معطل عن العمل.

وطرحت وزارة التجارة والصناعة 1657 مصنعا جاهزا في سبعة مجمعات صناعية أمام الشباب في مختلف القطاعات، بغرض إعداد جيل جديد من رجال الصناعة وتوفير المزيد من فرص التشغيل.

وكشفت بيانات الوزارة أن عدد الوحدات التي تم حجزها تجاوز الـ900 وحدة صناعية، فيما يتم منح الحاجزين مزايا وحوافز استثمارية، وصفتها نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة بأنها غير مسبوقة.

وتتاح الوحدات الصناعية مجهزة بجميع المرافق وبمساحات مختلفة بنظام الإيجار أو التمليك في سبع محافظات، هي: الإسكندرية والبحر الأحمر والغربية وبني سويف والمنيا وسوهاج والأقصر، وتتضمن أنشطة صناعية متنوعة في المجالات الهندسية والغذائية والكيميائية والبلاستيكية والصناعات النسيجية ومواد البناء.

وتتم إتاحة المصانع الجاهزة أيضا بقيمة إيجارية بواقع 1.3 دولار للمتر شهريا فيما تتراوح المساحات المتاحة بين48 مترا وحتى 792 مترا مربعا، وفقا لمكان المجمع والأنشطة الصناعية المتوفرة فيه، ويمكن تملك الوحدة الصناعية بتسهيلات تمويلية من البنوك أو التملك المباشر من خلال الهيئة العامة للتنمية الصناعية.

فؤاد ثابت: نوايا المبادرة جيدة لكن تنفيذها يتسم بالعشوائية
فؤاد ثابت: نوايا المبادرة جيدة لكن تنفيذها يتسم بالعشوائية

وتعاقدت الهيئة مع ثمانية بنوك يمكن من خلالها الحصول على تمويل شراء الوحدة الصناعية بالتقسيط بتسهيلات تصل لنحو 10 سنوات.

وتستهدف الوزارة خطة لتدشين 13 مجمعا صناعيا جديدا بجميع أنحاء البلاد بإجمالي 4307 وحدات صناعية جاهزة على الإنتاج مباشرة.

وقال فؤاد ثابت، رئيس جمعية الصناعات الصغيرة والمتوسطة ببورسعيد، إن مبادرة إنشاء مجمعات صناعية متطورة متكاملة الخدمات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة خطوة جيدة لكنها تتسم بالعشوائية.

وأضاف لـ”العرب” أن الحكومة لم تستطلع رأي الصناع وجمعيات المستثمرين قبل إطلاق المبادرة، كاشفا عن إرسال جمعيته شكوى إلى رئاسة الجمهورية، بسبب ارتفاع أسعار المصانع المطروحة بالمبادرة، وتبلغ قيمة المصنع الذي تصل مساحته 300 متر نحو 220 ألف دولار.

ولا تزال مشكلة المغالاة في تسعير أراضي الاستثمار الصناعي تمثل مسلسلا مستمرا، ما يدفع شريحة من الشباب إلى إيداع أموالهم في البنوك والعيش من عوائدها دون مشقة، بعيدا عن سلسلة المشكلات المرتبطة بشراء المصانع الجديدة.

وكشف ثابت أن هذه المشكلات أدت إلى ظهور فئات من السماسرة يضاربون على أسعار الوحدات لحد وصل إلى التسويق عبر صفحات التواصل الاجتماعي.

ويكتفى للحصول على الوحدة الصناعية تقديم دراسة مبدئية تؤكد جدوى المشروع يشارك في إعدادها جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة، مع عدم الإلزام بتقديم السجل التجاري عند التقدم للحصول على وحدة.

وتم تقليل مدة فحص الطلبات من 45 يوما إلى نحو 15 يوما، فضلا عن مد فترة الإيجار للوحدة من 5 أعوام إلى 10 سنوات ويمكن تجديدها لنحو 5 مرات، مع رفع الحد المسموح به للحصول على الوحدات من 4 وحدات إلى 8 وحدات طالما أن النشاط يستوعب ذلك.

وأكد هشام كمال رئيس جمعية دعم وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وجود نفس مشكلة مستويات الأسعار غير العادلة عند شراء المصانع، ما يعد تحديا أمام المشروعات الصغيرة.

ورغم أن هناك حلولا لتأجير المصانع، إلا أن أصحاب المشروعات يفضلون الشراء، لأنهم يرون في ذلك استثمارا إضافيا، فإلى جانب أرباح النشاط، يمكن أن تحقق جملة من العوائد الكبيرة عند بيع المصنع نفسه، وبالتالي يستفيد من تضخم أسعار المنشآت الصناعية بشكل كبير.

وأشار كمال إلى أن الحكومة لم تشترط سنا معينا لشراء المصنع، ومن ثم لا تقتصر على الشباب، الأمر الذي يدفع بعض كبار المستثمرين لمنافسة الشباب، وتفاقم مشكلة البطالة مجددا.

هشام كمال: لا يوجد سن معين للحصول على المصانع والمنافسة كبيرة
هشام كمال: لا يوجد سن معين للحصول على المصانع والمنافسة كبيرة

وتوقع تقرير أعده المركز المصري للدراسات الاقتصادية ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى نحو 13.4 في المئة تأثرا بتداعيات وباء كورونا، في الوقت الذي توقعت فيه كل من منظمة العمل الدولية وصندوق النقد الدولي تصاعد معدلات البطالة السنوية في مصر بنهاية العام الحالي إلى نحو 10.3 في المئة، ومتوقع أن ترتفع إلى نحو 11.6 في المئة بنهاية عام 2021.

واستند المركز في توقعاته على زيادة أعداد المصريين العائدين من الخارج، خاصة من دول الخليج العربي التي تستوعب النسبة الأكبر من العمالة في الخارج.

وأشار التقرير إلى أن تأثير الخريجين الجدد على ارتفاع معدل البطالة سيظهر أثره على أرض الواقع في خلال بيانات الربع الأخير من عام 2020، حيث سيتم رصد بيانات الداخلين الجدد إلى سوق العمل وحالة التعطل أو التشغيل الخاصة بهم.

ولفت التقرير إلى عدم وضوح ما إذا كانت معدلات البطالة الرسمية المعلنة في البلاد تعبر عن معطلي القطاع الرسمي فقط، أم أنه تم احتساب المعطلين في سوق العمل غير الرسمي، في الوقت الذي تمثل العمالة غير الرسمية 83 في المئة من العاملين خارج القطاع الحكومي وقطاع الأعمال.

وهناك ارتفاع البطالة بين كافة المستويات التعليمية باستثناء أصحاب المؤهلات العليا، وارتفاعها بشكل ملحوظ بين الفئات ذات المؤهلات المنخفضة، وهي ظاهرة غير معتادة مشاهدتها في سوق العمل المصري بين الفئات المتعلمة بشكل أكبر مقارنة بالفئات الأخرى.

ويرجع التغير في نوع البطالة السائدة إلى سهولة وسرعة الاستغناء عن العمالة ذات التعليم المنخفض بين أصحاب المؤهلات المتوسطة والمهارات المنخفضة.

وأظهرت أزمة كورونا صعوبة خروج فئات عديدة من سوق العمل، خاصة أصحاب الخبرات المتراكمة عبر السنوات داخل العمل، وبالتالي يصعب الاستغناء عنهم أو استبدال مهاراتهم، وإن كان ذلك يرتبط بمدة الإغلاق.

وكشف تقرير المركز المصري عن تصحيح لظاهرة هرم البطالة المقلوب، في إشارة إلى ضرورة استكمال العملية التعليمية كضمانة صريحة للاستمرار في سوق العمل.

ويشير البعض من الخبراء إلى أن الطريقة التي تتعامل بها الحكومة لحل المشكلة تنطوي على طموح كبير، غير أن الإمكانيات المتاحة لن تسعفها في تحقيق أهدافها.

11