القاهرة تدخل في مواجهة ضريبية جديدة مع التجار

القاهرة تدخل في مواجهة جديدة مع أصحاب المحلات التجارية بهدف ضمهم لمنظومة الاقتصاد الرسمي عبر فرض جباية ضريبية على هذه الفئة
الأربعاء 2018/12/26
مدّ الضرائب يصل للمحلات العشوائية

القاهرة - وافق البرلمان المصري مؤخرا على قانون جديد لتراخيص المحلات التجارية بهدف دمجها في الاقتصاد الرسمي بدلا من دفع ما يشبه “الإتاوات المالية”، وتذهب لفئات بعينها بعيدا عن خزانة البلاد.

وقدرت لجنة الإدارة المحلية في البرلمان نسبة المحلات التي تعمل دون تراخيص بنحو 80 بالمئة، وزاد هذا العدد بعد انضمام فئات كبيرة إلى النشاط، وتحديدا المحلات السورية التي انتشرت بكثافة وأحدثت طفرة في صناعة النسيج والمأكولات السريعة.

ووفق تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن بالبلاد حوالي 1.3 مليون محل تجاري وتزيد إلى نحو 1.8 مليون مع إضافة فروع هذه المحلات.

وتتراوح قيمة رسوم التراخيص بالقانون الجديد بين مئة دولار و5 آلاف دولار بحسب مساحة المحل ونشاطه وموقعه.

وقال عبدالعظيم حسين رئيس مصلحة الضرائب لـ”العرب” “إننا نستهدف من خلال تطبيق القانون الحفاظ على موارد البلاد وحماية أصحاب المحلات التجارية من الوقوع تحت عمليات التقدير الجزافي حال عدم تقديمهم مستندات ودفاتر منتظمة”.

وأضاف “لن نتراجع عن تحقيق المستهدف من الدخل الضريبي خلال العام المالي الحالي بنسبة مئة بالمئة والمقدر في الموازنة العامة للدولة بنحو 44 مليار دولار”.

ولم يحدد المسؤول المصري حجم الضرائب المتوقعة من تطبيق هذا القانون ونسبتها إلى إجمالي الحصيلة الضريبية.

وعبر فتحي الطحاوي، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بالغرفة التجارية للقاهرة، عن اعتراضه على القانون الجديد، قائلا إنه “يكرّس لجباية جديدة عبر الرسوم الإضافية التي تفرضها الدولة على التراخيص الجديدة، وكذا رسوم التفتيش على المحلات”.

وأوضح لـ”العرب” أن الحكومة ليست ضد توثيق أوضاع المحلات التجارية، إلا أن البيروقراطية تضع أصحابها في مأزق، حيث يقومون بتأسيس المحلات ثم يسيرون في إجراءات التراخيص ثم يتفاجأون بعد مرور 60 يوما، وهي المدة الجديدة المحددة في القانون للرد على طلب تراخيص المحال العامة، برفض الطلب.

فتحي الطحاوي: القانون يكرس للجباية والبيروقراطية العميقة تضعنا في موقع المخالفين
فتحي الطحاوي: القانون يكرس للجباية والبيروقراطية العميقة تضعنا في موقع المخالفين

وتتسبب تلك الخطوة في خسائر كبيرة لمن يرغبون في الاتجاه للعمل الحرّ وهو الاتجاه الذي تدعو إليه الحكومة، ومن ثم فإن صاحب المشروع أمام أمرين إما تحمل الخسارة ودفع غرامات، وإما الاتجاه لدفع إتاوات مقابل استمرار النشاط.

وتصل عقوبة العمل دون ترخيص في القانون الجديد إلى حد السجن، وهو حق الدولة في ضبط ورقابة منظومة التجارة بهدف الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين، لكن بيروقراطية الدولة العميقة، تعرض أصحاب المحال الذين يطبقون ضوابط الأمن والسلامة للعقاب.

ونص القانون الجديد على أن يعاقب كل من قام بفتح محل دون ترخيص بالحبس لمدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز سنة، وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه (280 دولارا) ولا تتجاوز 20 ألف جنيه (1120 دولارا) أو بإحدى العقوبتين، فضلا عن غلق المحل على نفقة المخالف.

ولم يتطرق القانون لمواعيد فتح وغلق المحلات التجارية بعد أن تصاعدت أصوات تطالب بذلك بعد أن حدد القانون السابق الصادر في عام 2012 مواعيد الغلق في العاشرة مساء في الشتاء والحادية عشرة مساء في فصل الصيف، ولم يُفعل واعترض عليه التجار.

ودفع رخص سعر الطاقة، وتحديدا الكهرباء، في أوقات سابقة إلى إمكانية مواصلة العمل 24 ساعة، لكن مع تطبيق المرحلة الأخيرة من إلغاء دعم الطاقة والمقررة في يوليو المقبل، قد تدفع الكثيرين إلى تقبل الفكرة.

ويصل عدد العمالة في المحلات التجارية نحو 3.5 مليون عامل، ويبلغ إجمالي الأجور 28.5 مليار جنيه (1.6 مليار دولار).

وقال أحمد شيحة، عضو شعبة المستوردين بالغرفة التجارية للقاهرة، إن “معظم المحلات التجارية العاملة بالمدن المصرية، مرخصة ولديها بطاقات ضريبية وسجل تجاري، ولا يتبقى سوى المحلات المتواجدة في الريف والأقاليم والمناطق الشعبية”.

وأشار النائب البرلماني السابق خلال حديثه مع ”العرب” إلى أن نسبة كبيرة من المطاعم والمقاهي تخضع لإشراف وزارة السياحة، وهي غير مرخصة، وتظل على حالها في ظل القانون الجديد الذي لا يخضعها لرقابته.

ويبلغ حجم مبيعات المحلات التجارية، وفق التقديرات الرسمية، نحو 49 مليار دولار، وحقق أصحابها أرباحا وصلت إلى نحو 6 مليارات دولار.

واستبعد شريف الكيلاني، الشريك بمكتب أرنست أندينغ بمصر، أن تنجح مبادرات القانون الجديد في ضم هذه المحال لمنظومة الاقتصاد الرسمية. ولفت في تصريحات لـ”العرب” إلى أن هذه المحال تقوم بتغيير أنشطتها باستمرار، فضلا عن صعوبة حصر تعاملاتها اليومية بشكل دقيق.

وأكد أن تطبيق الفاتورة الإلكترونية ونشر ثقافة الحصول على فاتورة عند الشراء بداية لحصر أنشطة هذه الفئات وبالتالي تتبعها ضريبيا، علاوة على أن الفاتورة تضمن آمان المنتجات التي تبيعها، لأنه حال اكتشاف تجاوزات سيكون لدى المستهلك مستند على شرائه المنتج من مكان معروف.

11