القاهرة تتنصل من وعود خفض أسعار الغاز لمصانع الحديد المصرية

انتفض مجلس الوزراء المصري منذ شهرين لإنقاذ صناعة الحديد، لكنه عاد ليتنصل من وعوده بتخفيض أسعار الطاقة، الأمر الذي فاقم أزمة صناعة الحديد وأدخلها في دائرة جديدة من الخسائر.
الثلاثاء 2016/05/03
مليارات ضائعة

لا تزال الحكومة المصرية تراوغ منتجي الحديد الإسفنجي بعد أن وعدتهم بتخفيض أسعار الغاز لإعادة تشغيل المصانع التي توقفت عن الإنتاج منذ شهرين.

ووعد شريف إسماعيل رئيس الحكومة صناع الحديد في بداية مارس الماضي أمام وزراء الصناعة والاستثمار والتخطيط بحل كافة المعوقات التي تواجههم، فضلا عن تخفيض أسعار الطاقة.

وشملت الوعود الحكومية، التي جاءت خلال اجتماع رسمي، تخفيض أسعار إمدادات الغاز للمصانع من مستويات 7 دولارات إلى 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية.

واستنكر جورج متى مدير التسويق في مجموعة حديد عز، في تصريحات لـ“العرب” تباطؤ الحكومة في تنفيذ وعودها بخفض سعر الغاز لمصانع الحديد.

وقدر السعر العادل لإمدادات الغاز إلى صناعة الحديد بنحو 3 دولارات فقط لكل مليون وحدة حرارية، وأن وعود الحكومة بخفض الأسعار لا تصل إلى السعر العادل.

وأشار إلى أن هذا التباطؤ سوف يؤثر على معدلات نمو الاقتصاد المصري في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تنفيذ عدد كبير من المشروعات القومية والتي ستؤدي إلى ارتفاع الطلب على استهلاك الحديد بشكل كبير.

وكانت الحكومة المصرية تستهدف من مساندة مصانع الحديد خفض فاتورة استيراد الحديد لتخفيف الطلب على الدولار، في الوقت الذي تعاني فيه مصر نقصا شديدا في مواردها من النقد الأجنبي.

رفيق الضو: الحديد الصيني الأرخص عالميا قفز سعره إلى 150 دولارا للطن بالسوق المصرية

ويوجد في البلاد حاليا 8 خطوط لإنتاج الحديد الإسفنجي في مصانع الحديد المصرية، وهي تنتج نحو 70 بالمئة من إجمالي إمدادات الحديد إلى السوق المحلية، وتصل استثماراتها إلى نحو 3.4 مليار دولار.

وتراجع حجم إنتاج الحديد خلال شهر يناير الماضي إلى نحو 520 ألف طن مقابل 800 ألف طن في يناير 2015.

وقدر بنك الاستثمار بلتون حجم المشروعات تحت الإنشاء في البلاد بنحو 250 مليار دولار، وهو ما يؤدي إلى زيادة الطلب على الحديد، في الوقت الذي لا تستطيع المصانع المحلية مواكبة هذه الزيادة.

وقال محمد حنفي، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية في اتحاد الصناعات المصرية، “إن هناك خيارين أمام صناعة الحديد؛ الأول هو استيراد الحديد الخردة من الخارج وإعادة صهره للدخول في صناعة الحديد، وهذا الخيار يكلف الدولة نحو ملياري دولار سنويا. أما الخيار الثاني فيتمثل في صهر الحديد الإسفنجي من خلال استيراد خام الحديد، وهو يكلف الدولة نحو 700 مليون دولار سنويا، وبالتالي فإن تشغيل مصانع الحديد الإسفنجي سيوفر على الدولة نحو 1.3 مليار دولار”.

ويصل إنتاج مصر من الحديد إلى نحو 8 ملايين طن في العام، ومن المستهدف زيادة معدلات الإنتاج إلى نحو 10 ملايين طن سنويا بحلول عام 2018، وأن يرتفع الإنتاج إلى 12 مليون طن في عام 2020.

وكشف تقرير صادر عن اتحاد الصناعات المصرية أن خامات الحديد عالميا شهدت قفزات سعرية هائلة وبصفة شبه يومية لم تشهدها الصناعة منذ عام 2008. بينما وصل حجم الزيادة السعرية في الحديد الصيني إلى نحو 150 دولارا خلال شهر أبريل.

جورج متى: تباطؤ الحكومة في معالجة المشكلة يؤثر على معدلات نمو الاقتصاد المصري

وتضاعف تأثيرها بسبب الارتفاع الحاد في سعر صرف الدولار في السوق المصرية وأصبحت صناعة الصلب في موقف حرج.

وأوضح التقرير أن المصانع لا تستطيع زيادة الأسعار لمواكبة ارتفاعات التكلفة المتتالية، في ظل صعوبة مواصلة الإنتاج وفق معايير الجدوى الاقتصادية، بسبب عدم توافر الدولار، إضافة إلى شحة تدفق إمدادات الغاز إلى المصانع، وهو ما يعرضها في النهاية لنزيف مستمر من الخسائر.

وكشف التقرير أن سعر خام “البيليت”، وهو الخام الرئيسي لصناعة الحديد قفز منذ نهاية شهر فبراير الماضي بمقدار 142 دولارا للطن، ليصل إلى 420 دولارا، وارتفع سعر الحديد الخردة بمقدار 99 دولارا للطن ليصل إلى 297 دولارا.

وتراوحت نسب تلك الزيادات بين 32 و52 بالمئة خلال شهرين فقط، إضافة إلى ارتفاع سعر الدولار بنسبة 24 بالمئة، مما أدى إلى ارتفاعات في تكلفة الإنتاج بلغت في المتوسط نحو 200 دولار للطن خلال تلك الفترة.

وقال رفيق الضو العضو المنتدب لشركة السويس للصلب “إن أسعار الحديد الصيني المستورد، وهو الأرخص عالميا، ارتفعت في السوق المصرية بشكل كبير ووصلت إلى نحو 698 دولارا بسبب تراجع الإنتاج وزيادة الطلب”. وأضاف لـ“العرب” أن الأسعار العالمية شهدت زيادات غير مسبوقة نتيجة غلق طاقات إنتاجية كثيرة كانت تسجل خسائر، وقد ترتب على ذلك تراجع في المعروض تزامن مع تحول الطلب في الصين إلى الارتفاع بعد الإجراءات الحكومية لتعزيز معدلات النمو الاقتصادي.

وذكر الضو أن ذلك تزامن أيضا مع زيادات أخرى في التكلفة ناجمة عن زيادة سعر صرف الدولار في السوق المحلية.

وأشار إلى أنه لا مناص من رفع أسعار الحديد في السوق المحلية في ظل تلك الظروف الاستثنائية لتخفيف عبء الخسائر المتلاحقة في صناعة الحديد المصرية التي تصل استثماراتها إلى نحو 7 مليارات دولار.

10