الفنان المغربي أحمد العمراني يتحدى كورونا بلوحات "حميمية"

في أعمال أحمد العمراني رؤية عميقة للوجود الإنساني تحضر من خلال النواة التي يتكون منها الذكوري والأنثوي.
الثلاثاء 2020/10/27
أعمال تشبه الولادة الجديدة لللإنسان

طنجة (المغرب) – يقترح معرض الفنان التشكيلي المغربي أحمد العمراني الموسوم بـ”حميمية”، الذي سيتواصل في رواق “كينت” بطنجة إلى غاية 20 ديسمبر، حوالي 30 لوحة تشكيلية أبدعتها أنامل الفنان منذ سنة 1967 إلى اليوم، استعملت فيها تقنيات مختلفة من الرسم على الورق والخشب بأحجام مختلفة، وتعكس جوانب متباينة من روح التشكيلي المفعمة بالفن والحرية والمشاعر.

وأوضح العمراني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أنها لوحات تشكيلية تجريدية اختير لها موضوع “زوج”، وأبدعت باستعمال تقنية الطباعة الرقمية على الورق الياباني.

ويرى الفنان أن “الزوج/ الثنائي” يرمز إلى العلاقات الاجتماعية كما يسلط الضوء على الحساسيات الإنسانية التي تتجلى في أحيان كثيرة على شكل مشاعر الحب والتقاسم.

وقال العمراني إنني “في لوحاتي أمزج بين الرسم واللصق من خلال تركيب أوراق رفيعة السمك بعضها فوق بعضها ومزجها بالألوان”.

وأضاف في تقديمه للمعرض أنه اعتمد في لوحاته على الألوان الزيتية وأخرى طباعية ما يقدم تنوعا للمتلقي، حيث أكد الفنان أن المعرض يمثل فرصة هامة بالنسبة إليه للتواجد في طنجة المدينة التي يحبها، معتبرا أن المعرض نجاح كبير بالنسبة إلى مسيرته الفنية.

وشدد على أننا نعيش في فترة صعبة للغاية اليوم، في إشارة إلى انتشار فايروس كورونا المستجد، معتبرا أن الإنسان إذا لم يتشبع من الروحيات والفنون سيأكله المرض، ويثقله بالسلبيات، معتبرا أن المعارض والموسيقى والشعر هي التي ستساعدنا على استعادة الحياة الطبيعية من جديد.

أحمد العمراني: المعار والموسيقى والشعر هي التي ستساعدنا على استعادة الحياة الطبيعية من جديد.
أحمد العمراني: المعارض والموسيقى والشعر هي التي ستساعدنا على استعادة الحياة الطبيعية من جديد

بدورها أشارت عزيزة العراقي، مديرة المعرض، إلى أن “حميمية”، “معرض كبير ومهم للفنان أحمد العمراني، الذي أعتبره فنانا كبيرا بالنسبة إلي، وإلى مدينة طنجة وإلى المغرب”.

ولفتت إلى أن “غاليري كينت” يواصل نهجه في دعم الفنانين ذوي المنجزات الإبداعية المتميزة، وذلك بتقديم هذا المعرض الذي يعد حصيلة للمنجز الفني لأحد أهرام الإبداع التشكيلي المغربي ويسلط الضوء على مسيرته الحافلة بالإبداع والتفرد.

وتابعت العراقي أن الفن مهم للغاية ويمكنه أن يعطينا الأكسيجان وأن يساعدنا يوميا على استرجاع الحيوية ولكي لا نتوقف ونواصل مسيرنا إلى الأمام، فهو مصدر طاقة وقوة في الأوقات الصعبة التي يمر بها الإنسان.

وفي ما يتعلق بالإجراءات الوقائية التي اتخذها المعرض لفتت العراقي إلى أنهم اختاروا عرض اللوحات في قاعة كبيرة تتمتع بتهوئة طبيعية، كما أن المعرض مفتوح أيضا في نسخة افتراضية على موقع صالة العرض. مشددة على أنه لا يمكن البقاء مسجونين والفن هو ما يحرر أرواحنا.

في ورقة تقديمية للمعرض، يرى القاص والروائي محمد عزالدين التازي أن في أعمال أحمد العمراني رؤية عميقة للوجود الإنساني وهي تحضر من خلال النواة التي يتكون منها الذكوري والأنثوي، مبرزا أنه يستهوي حضور الجسدين في أعماله والتلاعب بهما تنويعا لوجود ممكن ومتعدد الحضور بأشكاله وألوانه وبلاغته الدلالية والجمالية.

وتابع أن فلسفة الوجود الإنساني التي يقدمها الفنان أحمد العمراني في لوحاته بكثير من سحر الفن وجمالية التعبير تكمن في تلاحم الدلالي والجمالي في الفضاءات والألوان والخطوط وأشكال التعبير، كأنها ولادة جديدة لإنسان ممكن يتقاسم العيش مع إنسان آخر لا يستقل عنه، بل إنه يتكامل معه، يعيش معه المشترك والحميم.

وخلص إلى أن المتابع لمسيرة هذا الفنان سيجد أنه يشتغل على الجسد بكثير من المعاناة من أجل صوغه وجوديا وجماليا على أنماط متنوعة من التعبير التشكيلي، معتبرا أن “الأعمال المعروضة ما هي إلا محطة فنية من محطاته وهو ينوع في تجربته ويمنحها حياة بعد حياة”.

ويمكننا اعتبار هذا المعرض بمثابة لقاء واحتضان لذاكرة بصرية عميقة تتخذ من الثنائيات موضوعا لها، وذلك من قبيل السماء والأرض والخير والشر والذكر والأنثى، وهي ثنائيات بقدر ما تبدو ضدية إلا أنها تنصهر في تجربة العمراني لتتخذ تمثيلات جمالية وبصرية تغري بطرح الأسئلة أكثر مما تقدم أجوبة جاهزة، ذلك أن الرهان هو القبض على المنفلت والتحسيس بما هو مقيم في الذاكرة والوجدان.

 إن الثنائيات التي عبرت عنها أعمال الفنان تستخدم تقنيات متنوعة ومختلفة كالكولاج الذي ألفه جمهور أحمد العمراني، كما ألف لغته التشكيلية المنبثقة من الموروث الثقافي المغربي دون أن يعني ذلك الانسلاخ عن سياقات الحاضر برهاناته وتشعباته.

واهتمام الفنان بالموروث الشعبي والفنون التقليدية ظاهر وجلي في تركيب هويته البصرية من خلال توظيفه للمواد والخامات التي يستنبطها من عمق الموروث المغربي كالصناعة التقليدية والزرابي المغربية وأنواع الطرز كطرز التغجيرة الشهيرة بتطوان.

ورأى أحمد العمراني النور بمدينة تطوان حيث درس بمدرسة الفنون الجميلة قبل أن يتابع تكوينه بمدرسة الفنون الجميلة سان فيرناندو بمدريد. وتأثر أسلوبه بالمدرسة الانطباعية وبعدد من كبار التشكيليين الإسبان، وفي مقدمتهم فرانسيسكو خوسي دي غويا.

ويضم التشكيلي في رصيده سلسلة من المعارض الفنية الفردية والجماعية بعدد من المدن المغربية والعالمية خاصة ببرشلونة وبلنسية وساو باولو ومراكش وطنجة وأمستردام وباريس والخرطوم والقاهرة والرياض وغيرها.

 أنماط متنوعة من التعبير التشكيلي
أنماط متنوعة من التعبير التشكيلي

 

14