الغنوشي يلعب دور "الحكيم" للتغطية على دوره في إشعال الأزمة

رئيس البرلمان التونسي يطرح مبادرة لحل الأزمة السياسية بالبلاد.
الأحد 2021/02/21
محاولة الخروج من عنق الزجاجة

تونس - في محاولة للخروج من عزلته المتفاقمة وإنقاذ شعبيته المتآكلة كثف رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي مؤخرا من طرح المبادرات لحل الأزمة السياسية العميقة، فيما يحمّله سياسيون ومراقبون مسؤولية اتساع الأزمة في تونس.

وفي هذا الإطار طرح الغنوشي السبت مبادرة لحل الأزمة السياسية بالبلاد بعد مبادرات مماثلة طرحها في محاولات للظهور كرجل إنقاذ لترميم شعبيته المتراجعة.

وتتواصل في تونس أزمة التعديل الحكومي بين رئيسي الحكومة هشام المشيشي المدعوم من قبل حركة النهضة ورئيس الجمهورية قيس سعيّد منذ نحو شهر.

وقال الناطق باسم النهضة فتحي العيادي إن الغنوشي “وجه صباح السبت رسالة إلى الرئيس قيس سعيّد يدعوه فيها إلى التفضل بعقد لقاء ثلاثي (بين رئاسات البرلمان والجمهورية والحكومة) يشرف عليه هو (سعيّد) بهدف حل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد”.

وأضاف العيادي أن “مبادرة الغنوشي تأتي تقديرا منه بأن البلاد تعيش أزمات كثيرة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والصحي، ولكنها بحاجة لما هو أهم وهو التهدئة وتنمية روح التضامن الوطني”.

لكن محللين وسياسيين يرون أن الغنوشي سبب رئيسي في تفاقم الأزمة السياسية التونسية، معتبرين أن استمراره في رئاسة البرلمان يزيد من الاضطرابات ويعمق الخلافات بين الأطراف السياسية الفاعلة.

وتابع العيادي أن المبادرة “تأمل من رئيس الدولة وباعتباره رمز وحدتها أن يسعى إلى تأليف وجمع كلمة التونسيين وبث الروح الوطنية في هذه اللحظة العسيرة من تاريخ التجربة التونسية”، مؤكدا أن “هذه المبادرة تأتي للبحث عن توافقات ضرورية لحل الأزمة السياسية التي تمثل عائقا أمام أي حل لبقية الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد”.

وأضاف أن “في هذه المبادرة دعوة إلى الرشد والتعقل والحكمة ووقف سير البلاد نحو الهاوية”.

وأعلن المشيشي في يناير الماضي تعديلا حكوميا شمل 11 حقيبة وزارية من أصل 25 وبعد 10 أيام صدّق عليه البرلمان، ورغم ذلك لم يوجه سعيّد دعوة إلى الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبرا أن التعديل تشوبه “خروقات”.

Thumbnail

وآنذاك دعا الغنوشي جميع الأطراف إلى التعامل بمرونة وعدم تعطيل مصالح الدولة والمجتمع.

واعتبر في بيان أن خطوة المشيشي “حل مؤقت والحل الجذري هو في تشكيل المحكمة الدستورية (تعطل تشكيلها لأكثر من 5 سنوات بسبب غياب التوافق)، وإلى أن يتم ذلك يجب على كل الأطراف التعامل بمرونة حتى لا تتعطل الدولة ومصالح المجتمع”.

وتأتي مبادرات الغنوشي في وقت ارتفعت فيه دعوات سحب الثقة منه لعزله من منصب رئاسة البرلمان، فيما يواجه زعيم النهضة أيضا داخل حزبه انتقاداته لسياساته ورفضا لاستمراره في رئاسة الحزب لسنوات.

وقبل يومين وقع أكثر من مئة عضو على وثيقة سحب الثقة من الغنوشي في محاولة لعزله من منصبه بسبب تماديه في ممارساته غير القانونية وتعدد خروقاته على رأس مؤسسة البرلمان.

وعلى وقع تزايد التذمر والاستياء من أداء الغنوشي تتحرك كتل برلمانية إلى جانب الحزب الدستوري الحر لجمع أكبر عدد من توقيعات النواب لإمضاء عريضة جديدة تهدف لسحب الثقة من زعيم حركة النهضة وعزله من رئاسة البرلمان.

ومؤخرا تصاعدت الأصوات داخل البرلمان محذّرة من تداعيات بقاء الغنوشي في منصبه على أداء مجلس النواب وعلى مستقبل الاستقرار السياسي في البلاد، حيث أكد النائب عن الكتلة الديمقراطية هشام العجبوني أن “وضع البرلمان لن يتغير إلا برحيل الغنوشي”.

ووصف العجبوني الغنوشي بـ”الرئيس الكارثة”، مشيرا إلى أنه تعسف على النظام الداخلي وطوع الإجراءات لخدمة أجندات حزبه وحلفائه الإسلاميين.

من جانبه اعتبر النائب عن التيار الديمقراطي زياد الغنّاي أن الغنوشي هو رأس الأزمة السياسية في تونس منذ سنوات ما بعد الثورة.

وبدوره أكد حاتم المنسي النائب عن كتلة الإصلاح بالبرلمان أن “سحب الثقة من الغنوشي لا يزال مطلبا مستعجلا”.

وعلّلت الكتل الساعية لعزل رئيس البرلمان الخطوة بأنها “جاءت نتيجة اتخاذ الغنوشي قرارات بشكل فردي دون الرجوع إلى مكتب البرلمان (أعلى هيئة)، وإصدار تصريحات بخصوص العلاقات الخارجية لتونس تتنافى مع توجّه الدبلوماسية التونسية”.

وقال النائب عن كتلة تحيا تونس مروان فلفال إن “نفس الأسباب للتقدم باللائحة الجديدة ما زالت قائمة والأزمة زادت تعقيدا”، دون أن يكشف عن الكتل الموقعة على اللائحة الجديدة.

ويتطلب تمرير لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان إلى الجلسة العامة توقيع 73 نائبا، فيما تتطلب الموافقة عليها تصويت 109 نواب.

2