العنف الأسري مقدمة لتطرف الأبناء

كثيرا ما تكون السلوكيات المضطربة لدى الأبناء ناتجة عن الأسرة التي فقدت الكثير من وظائفها ومنها الاهتمام بأبنائها .
السبت 2021/11/27
من يدفع الثمن؟

لندن – أفاد بحث أجري بتكليف من شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية أن هناك انتشار كبيرا للعنف المنزلي في حياة أولئك الذين أحيلوا إلى برنامج للمعرضين لخطر أن يصبحوا متطرفين.

وفحصت الدراسة 3045 شخصا جرى تصنيفهم على أنهم عرضة للتطرف، ووجدت أن ما يزيد قليلا عن ثلثهم كانت لديهم صلة بحادثة عنف أسري إما كمعتدين أو ضحايا أو شهود أو مزيج بين الحالات الثلاث.

وتراوحت الحوادث بين طفل شاهد عنفا في البيت وأناس أدينوا بالشروع في قتل شركائهم. واشتمل البحث المعروف باسم مشروع ستارلايت على نحو نصف المحالين إلى برنامج المعرضين للتطرف في إنجلترا وويلز في عام 2019.

ووجدت الدراسة أن ما يزيد قليلا عن 15 في المئة من المحالين إلى البرنامج بين سن الـ16 والـ64 كانوا ضحايا لعنف أسري، وهي نسبة أعلى بحوالي ثلاثة أمثال من الرقم الوطني المقدر.

ووجدت الدراسة أنه في الحالات التي ثبت فيها وجود صلة للعنف الأسري كانت الأيديولوجيا الإسلامية مسجلة في 28 في المئة من المحالين إلى البرنامج بينما سُجلت حالات اليمين المتطرف في 18 في المئة.

دراسة في هذا الشأن تظهر أن الوالدين يتسببان بنسبة 85 في المئة من مجموع حالات الإساءة

وقالت الكاتبة الجزائرية يونسي تونسية “إن للتنشئة الاجتماعية والتربوية دورا مهما في تشكيل نمط الشخصية الإنسانية وهي مرهونة إلى حد كبير بطبيعة ومستوى أسلوب التنشئة الاجتماعية من حيث هو القالب الثقافي الذي يهب الإنسان خصائص إنسانيته”، مشيرة إلى أن التطرف هو انعكاس لدرجة العنف والتسلط في أساليب التنشئة الاجتماعية السائدة في مجتمع ما، وكثيرا ما يكون سبب السلوكيات المضطربة لدى الأبناء هو الأسرة التي فقدت الكثير من وظائفها وأصبح الاهتمام بأبنائها من الوظائف الثانوية، ما انعكس سلبا على الأفراد والمجتمع وأدى إلى ظهور ظاهرة التطرف خاصة لدى الشباب.

وازدادت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ ظاهرة العنف على الصعيدين العالمي والمحلى حتى أصبحت قضية سلوكية عامة تنتشر في كل المجتمعات، وذلك وفق ما جاء في دراسة بعنوان “العنف الأسري وعلاقته بالاتجاه نحو التطرف لدى الشباب الجامعي”. وتؤكد الدراسة أن ظاهرة العنف تجاوزت حد الفروق بين الثقافات واتخذت صورا متباينة، وهي لا تقتصر على فئة عمرية معينة وإنما اقترنت أكثر بفئة الشباب.

وتشير إحصائيات دراسة أنجزت على عينة من الأطفال في إحدى مقاطعات إنجلترا إلى أن المعدل السنوي كان 1000 طفل من ذوي الإصابات التي تبلغ درجة من الشدة، منها كسور مختلفة في العظام أو نزيف في الدماغ، كما بينت الدراسة أيضا أن 3 من 1000 مراهق تحت سن الـ18 كانوا في سجلات حماية الأسرة، وأن كل 4 من هؤلاء قد عانوا من إساءة جسدية.

وأظهرت الدراسة ذاتها أن الوالدين يتسببان بنسبة 85 في المئة من مجموع حالات الإساءة، كاشفة أن الأدوات المستخدمة في إيقاع الإساءة الجسدية ضد الأبناء تتمثل في الضرب المتكرر الموجع بفرشاة الشعر، والضرب باستخدام الأسلاك الكهربائية والحبال والملاعق الخشبية وأرجل الكراسي.

وقالت يونسي إنه في هذه الدراما المأساوية يعي الشباب دوامات القهر والهزيمة في أساليب التنشئة الأسرية السائدة، ويستبطنون أجواء التسلط والإكراه وينمون في مؤسسات التغريب والعنف، وتشل لديهم طاقات الفعل والحضور والإبداع، وتبدأ رحلة تطرفهم التي تزداد يوما بعد يوم.

17