العفو الشامل عقبة أخيرة في طريق تشكيل حكومة كويتية جديدة

الغالبية العظمى من المدانين ليس لديهم مانع من الرجوع إلى البلاد وتسليم أنفسهم.
الاثنين 2021/02/08
الحربش ينتظر في تركيا تبييض صفحته في الكويت

الكويت - أصبح إنهاء الخلاف بشأن العفو عن معارضين من النواب السابقين والناشطين السياسيين المدانين بأحكام مختلفة في الكويت مدارا رئيسيا للجهود الحثيثة التي يبذلها رئيس الوزراء المكلّف الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح لإزالة العوائق من أمام تشكيل حكومة جديدة.

فبينما يعكف الشيخ صباح الخالد على اختيار وزرائه تعهّد عدد كبير من النواب بالمضي في تنفيذ وعدهم الانتخابي بـ”رفع الظلم” عن هؤلاء المعارضين الذين أدينوا في القضية المعروفة باقتحام مجلس الأمّة أو في قضايا تتعلق بتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان معظم هؤلاء المعارضين قد سافروا إلى تركيا أو بلدان أخرى، لكن منهم من رجعوا إلى الكويت ونفذوا شروطا شملت تسليم أنفسهم للسلطات وقضاء جزء من عقوبة السجن وتقديم اعتذار مكتوب لأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي أصدر عفوا خاصا عمن استجاب لتلك الشروط، ومن هؤلاء النائبان السابقان وليد الطبطبائي وفهد الخنة.

وتعود وقائع قضية اقتحام المجلس إلى نوفمبر 2011 حين دخل نواب وعدد من المتظاهرين القاعة الرئيسية في مبنى البرلمان احتجاجا على أدائه في ظل سيطرة النواب الموالين للحكومة عليه وطالبوا باستقالة رئيس الوزراء آنذاك، الشيخ ناصر المحمد الصباح الذي اتهموه بالفساد.

عدنان عبدالصمد: العفو الشامل يجب أن يشمل أعضاء خلية العبدلي
عدنان عبدالصمد: العفو الشامل يجب أن يشمل أعضاء خلية العبدلي

ورغم استقالة الشيخ ناصر بعد أيام من هذه الواقعة وتعيين الشيخ جابر المبارك الصباح خلفا له وإجراء انتخابات نيابية عدة مرات ظلت القضية متداولة في أروقة المحاكم إلى أن صدر بشأنها حكم محكمة التمييز، وهي أعلى محكمة، في نوفمبر 2017 وقضى بحبس عدد من المتهمين بينهم النائبان الإخواني جمعان الحربش والسلفي وليد الطبطبائي، والمعارض البارز مسلم البراك.

وقالت ثلاثة مصادر إن الغالبية العظمى من المدانين ليس لديهم مانع من الرجوع إلى البلاد وتسليم أنفسهم للسلطات وقضاء فترة من العقوبة وتقديم اعتذار شفهي أو مكتوب، لكنّ “صيغة الاعتذار” المطروحة عليهم غير مرضية لهم حتى الآن.

وقال مصدران إن محاولات سابقة جرت من أجل تخفيف صيغة الاعتذار لكنها لم تكلل بالنجاح. وقال مصدر ثالث إن حالة من التفاؤل سادت أوساط المعارضة بعد تولي الشيخ نواف الأحمد السلطة بإمكانية تخفيف صيغة الاعتذار وطي الملف، لكن الوضع بقي على ما هو عليه حتى الآن.

وفي التاسع من ديسمبر الماضي وبعد ساعات من إعلان نتيجة الانتخابات التي جرت في السادس من الشهر ذاته وفاز فيها نواب معارضون وتغير خلالها نحو ثلثي نواب البرلمان، اتفق 37 نائبا على عدد من الأولويات جاء في مقدمتها إقرار قانون العفو الشامل.

وبعدها بأيام تقدم خمسة نواب بأول اقتراح بقانون في مجلس الأمة الحالي يتعلق بالعفو الشامل عن هؤلاء.

وأيد نحو 37 نائبا من أعضاء البرلمان الخمسين الاستجواب، وهو ما أسفر عن استقالة الحكومة وإعادة تكليف الشيخ صباح الخالد بتشكيل حكومة جديدة.

ومثلت تلك المواجهة بين الحكومة والبرلمان أول تحد يواجه أمير الكويت الجديد الذي تولى زمام الحكم في سبتمبر الماضي بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد. كما جاءت في لحظة يئن فيها اقتصاد البلاد المعتمد على النفط من هبوط أسعار الخام والتداعيات الناجمة عن انتشار فايروس كورونا.

ويعطي الدستور الكويتي أمير البلاد الحق في إصدار مرسوم بالعفو عن المدان أو تخفيف عقوبته، كما يعطي البرلمان سلطة إصدار عفو شامل يمنح المدانين إعفاء من العقوبة والآثار المترتبة عليها بما يسمح لهم بخوض الانتخابات مرة أخرى، بينما لا يسمح لهم العفو الخاص بذلك.

والتقى رئيس الوزراء المكلّف عددا من النواب الأسبوع الماضي، وقالت صحف محلية إن قضية العفو كانت حاضرة في الاجتماعات، وقد تجد طريقها إلى الحل في الفترة المقبلة. وتوقعت جهات إعلامية أن يصدر عفو خاص من أمير البلاد يتزامن مع الأعياد الوطنية.

وبعد تكليف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة أعلن النائب مساعد العارضي تقديم استجواب جديد له لأنه “لم يتعاون في ملف العفو.. ولأن غير القادر على التصالح مع شعبه لا يستحق أن يدير حكومة”.

ويؤيد الصيفي مبارك الصيفي العفو الشامل على المدانين في قضية اقتحام البرلمان لأنهم في نظره “لم يعتدوا على المال العام ولم يكونوا إلا مدافعين عن أبناء الوطن وخوفهم على وطنهم هو الذي أدى بهم إلى قضية دخول المجلس”.

وفي المقابل يطرح نواب آخرون قضية خلية العبدلي التي أدين فيها إيراني وعدد من الكويتيين -جميعهم شيعة- بالتجسس لصالح إيران وجماعة حزب الله اللبنانية، بعد أن عثرت السلطات الكويتية بحوزتهم على أسلحة ومتفجرات في مداهمة استهدفت الخلية في 2015 وهو ما تسبب في تصعيد توترات طائفية آنذاك.

وقال النائب عدنان عبدالصمد في تصريح صحافي عقب لقاء رئيس الوزراء الأسبوع الماضي “إذا كان هناك عفو شامل أو مصالحة فيجب أن تشمل الجميع بمن فيهم أعضاء ما يسمى خلية العبدلي، فهؤلاء قضيتهم حيازة سلاح.. وهم لم يرتكبوا أي سلوك عدائي بهذه الأسلحة”، لكن البعض يرى أنّ الزج بهذه القضية ضمن مسألة العفو الشامل، يعقّد مساعي الحلّ باعتبار قضية الخلية مسألة أمن وطني لا يمكن التساهل مع المتورّطين فيها.

3