الصين تشدّد السيطرة على هونغ كونغ

الولاء للحزب الشيوعي الصيني، سيكون معيارا أساسيا لتحديد ما إذا بالإمكان اعتبار أحد سكان هونغ كونغ "وطنيا".
الجمعة 2021/03/12
شي جين بينغ يفرمل الديمقراطية

بكين – وافق البرلمان الصيني الخميس على مسودة قرار بتغيير النظام الانتخابي في هونغ كونغ، على نحو يزيد من تقليص التمثيل الديمقراطي في مؤسسات المدينة، ويضع آلية لاختبار مدى ولاء الساسة لبكين.

وتأتي هذه الإجراءات في إطار جهود بكين لتشديد قبضتها على هونغ كونغ، بعد سن قانون للأمن الوطني في يونيو يعتبره منتقدوه أداة لسحق المعارضة.

ويحدث هذا بعد احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في هونغ كونغ في 2019، اعتبرتها الصين تهديدا لأمنها القومي. ومنذ ذلك الحين سُجن أغلب الساسة والنشطاء البارزين المطالبين بالديمقراطية أو غادروا البلاد.

وقال مكتب الاتصال، وهو مكتب التمثيل الصيني في هونغ كونغ، في بيان “السلطات المركزية نواياها طيبة”.

وأضاف “نتوقع من جميع قطاعات المجتمع والجماهير بشكل عام، أن تتبنى العمل على تعديل القانون، وأن تقدم اقتراحات حتى تتولد طاقة إيجابية قوية تحت راية الوطنية وحب هونغ كونغ”.

وصفق المشرعون المجتمعون في قاعة الشعب الكبرى، عندما عُرضت على شاشات القاعة نتيجة التصويت على القرار، التي أظهرت موافقة 2895 عضوا وعدم اعتراض أي أحد وامتناع عضو واحد عن التصويت.

وفي بيان منفصل تعهدت كاري لام زعيمة هونغ كونغ “بالدعم القوي”، وأبدت “خالص الامتنان”، وقالت إن التغيير يهدف إلى “إعادة المدينة إلى المسار الصحيح”.

وتقضي التعديلات فعليا على أي فرصة لتأثير المعارضة على نتائج الانتخابات في المستعمرة البريطانية السابقة، التي عادت إلى حكم الصين في 1997 مع التعهد بأن تتمتع بدرجة عالية من الحكم الذاتي.

التعديلات تقضي فعليا على أي فرصة لتأثير المعارضة على نتائج الانتخابات في المستعمرة البريطانية السابقة

ويقول المحللون إن شرط “الوطنية” المطاط، يزيد من خطر أن يبدأ السياسيون في التنافس على من منهم سيبدي ولاء أكبر للصين، لا على من منهم لديه أفكار أفضل لإدارة المدينة.

وأوضح مسؤول صيني كبير أن الولاء للحزب الشيوعي الصيني، سيكون معيارا أساسيا لتحديد ما إذا بالإمكان اعتبار أحد سكان هونغ كونغ “وطنيا”.

وأوضح نائب المفوض لوزارة الخارجية الصينية في هونغ كونغ سونغ رو، أنه “حين نتحدث عن الوطنية، فإننا لا نتحدث عن حب الصين الثقافية أو التاريخية، بل نتحدث عن حب جمهورية الصين الشعبية الحالية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني”.

وأضاف “الوطنيون يجب أن يحترموا الحزب الشيوعي الصيني”، موضحا “سننظر في ما إذا كان المرشحون تنطبق عليهم هذه المعايير”.

وهذا الإصلاح سيتيح لبكين استبعاد مرشحي المعارضة المطالبين بالديمقراطية، إذ تعتبر أن مثل هذا الإجراء ضروري لإعادة الاستقرار إلى هذا المركز المالي. بينما يرى معارضو النظام الشيوعي أن هذه الخطوة تقضي على آخر أمل بتحقيق الديمقراطية في هونغ كونغ.

وأطلق على الإصلاح الانتخابي شعار “وحدهم الوطنيون يمكنهم أن يحكموا هونغ كونغ”.

وهذه العبارة كان استخدمها الزعيم الصيني دينغ هسياوبينغ عام 1984، لطمأنة سكان هونغ كونغ الذين كانوا قلقين من انتهاء التعددية السياسية عند إعادة المدينة عام 1997.

وقال هسياوبينغ آنذاك “إن هذا يعني أن سكان هونغ كونغ هم جزء من الصين وعليهم دعم ازدهارها”، ولكن ليس بالضرورة أن يكونوا موالين للحزب.

Thumbnail

وقد وعدت الصين بأن تحتفظ هونغ كونغ ببعض الحريات عندما أعادتها لها بريطانيا. ويوجد في المدينة مجلس تشريعي منتخب جزئيا، كما وعدت الصين أيضا بمنح السكان حق الاقتراع العام يوما ما.

واشتكى المنتقدون لسنوات من أن الحريات تتراجع بشكل مطرد. وكثفت بكين عمليات قمع الديمقراطية في المدينة ردا على التظاهرات الضخمة والعنيفة أحيانا، التي شلت الإقليم طوال العام 2019.

وكانت هونغ كونغ تستعد لإجراء انتخابات مباشرة لنصف مقاعد الهيئة التشريعية في المدينة الصيف الماضي، لكنها أرجأتها لمدة عام بسبب فايروس كورونا. ولمحت لام إلى احتمال حدوث المزيد من التأخير في الانتخابات، في ظل التغييرات التي تخطط لها بكين.

وقالت “لا يمكننا إخباركم في الوقت الراهن ما إذا كان يمكن إجراء الانتخابات في سبتمبر كما هو مقرر”، مضيفة أن “الأولوية هي تنفيذ أي تغييرات تقررها بكين أولا”.

واتهمت بريطانيا الصين بعدم الوفاء بوعد قطعته قبل إعادة المنطقة إليها، بأن يحتفظ هذا المركز المالي بالحريات الأساسية والاستقلالية لمدة خمسين عاما. وشددت لندن على واجبها الأخلاقي في أن تهب لنجدة مستعمرتها السابقة. وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون “نحترم صلاتنا العميقة والتاريخية والودية مع شعب هونغ كونغ، وندافع عن الحريات والاستقلالية”.

ومؤخرا تمكن الملايين من مواطني هونغ كونغ من التقدم للحصول على تأشيرات جديدة تسمح لهم بالبقاء لفترة أطول في بريطانيا ثم طلب الجنسية، في ما يعتبر مخرجا تريد بريطانيا تأمينه للذين يريدون الهرب من القمع الصيني.

ويمكن لحاملي جواز سفر بريطاني لما وراء البحار وأقرباء لهم التقدم عبر الإنترنت للحصول على تأشيرة تسمح لهم بالعيش والعمل في المملكة المتحدة لخمس سنوات. وبعد ذلك يمكنهم تقديم طلب للحصول على الجنسية. وقبل ذلك، كان بإمكانهم زيارة بريطانيا والبقاء فيها لستة أشهر، لكن من دون أن يتمتعوا بالحق في العمل.

وتأتي خطة الهجرة البريطانية ردا على قرار بكين العام الماضي فرض قانون شامل للأمن القومي على المنطقة التي تتمتع بشبه حكم ذاتي، لإسكات احتجاجات مطالبة بالديمقراطية، بعد التظاهرات الشعبية الحاشدة التي جرت في 2019.

5