السياسة تطغى على المؤتمر القادم للمحامين في تونس

مساع للتخلص من العميد الحالي بسبب موقفه من الرئيس قيس سعيد.
الجمعة 2022/09/02
انتخابات هيئة المحامين مسرح للمناكفات السياسية

يواجه العميد الحالي للمحامين إبراهيم بودربالة المؤيد لمسار 25 يوليو معارضة طبقة من المحامين الموالين للمنظومة السابقة، لكنه لا يزال يحظى بشعبية داخل القطاع، ما يشير إلى البعد السياسي و"الحزبي" للانتخابات المرتقبة لمجلس الهيئة الوطنية للمحاماة.

تونس - تستعدّ الهيئة الوطنية للمحاماة في تونس لإجراء مؤتمرها الانتخابي لاختيار تركيبة جديدة لمجلس الهيئة وعميدها، ويرى مراقبون أن التجاذبات السياسية ستطغى على أطوار المؤتمر، بين أطراف تساند مسار الخامس والعشرين من يوليو وأخرى تعارضه، فضلا عن السعي إلى التخلص من العميد الحالي إبراهيم بودربالة بسبب موقفه من الرئيس قيس سعيّد.

وتعقد الهيئة الوطنية للمحاماة في تونس مؤتمرها الانتخابي في العاشر والحادي عشر من سبتمبر الجاري، لاختيار تركيبة جديدة لمجلس الهيئة وعميدها ونفس الشيء بالنسبة إلى المجالس الجهوية بكافة فروع الهيئة التي تتركب من رئيس وعدد أعضاء يتراوح بين 20 عضوا و10 أعضاء و4 أعضاء حسب كلّ هيئة فرعية.

وتتنافس 5 أسماء على خلافة العميد الحالي إبراهيم بودربالة، وهم كلّ من المحامين حاتم مزيو، محمد الهادفي، ومحمد بكار وسامي شطورو وبوبكر بالثابت، كما تمّ تقديم 39 مطلبا لعضوية مجلس الهيئة الوطنية والبالغ عدد المقاعد المتنافس عليها 14 مقعدا.

وبالنسبة إلى الفروع الجهوية تمّ تقديم 43 ترشّحا لرئاسة الفروع الجهوية والبالغ عددها 17 فرعا و248 ترشّحا لعضوية مجالس الفروع وعدد المقاعد المتنافس عليها يبلغ 114.

وتُجرى انتخابات المحامين، وفق ما يضبطه المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المؤرّخ في 20 أغسطس 2011 والمتعلّق بتنظيم مهنة المحاماة، فمن المنتظر تنظيم الجلسة العامّة الانتخابية للهيئة الوطنية للمحامين يوم 11 سبتمبر القادم وتسبقها بيوم جلسة عامة عادية لمناقشة التقريرين المالي والأدبي والمصادقة عليهما.

نبيل الرابحي: المؤتمر القادم سيتخذ صبغة سياسية أكثر من المؤتمرات السابقة

ويبلغ عدد المحامين المرسمين بالهيئة 9075 محامية ومحاميا موزعين بين 3474 محاميا لدى التعقيب و4587 محاميا لدى الاستئناف و1014 بصدد التمرين.

ودائما ما تكون انتخابات هيئة المحامين مسرحا للمناكفات السياسية، باعتبار أهمية القطاع على الصعيدين الوطني والسياسي في البلاد.

ويقول مراقبون سياسيّون إن الحسابات السياسية ستطغى على النقاش داخل جلسات الهيئة، في ظلّ الاختلاف القائم على أسس سياسية وحزبية وحتى فكرية بين من يساندون مسار الخامس والعشرين من يوليو ومن يرفضون المسار برمته.

وأفاد المحلّل السياسي نبيل الرابحي بأن “المؤتمر القادم سيتخذ صبغة سياسية أكثر من المؤتمرات السابقة، باعتبار أن العميد بودربالة اختار مساندة توجهات الرئيس قيس سعيّد، كما أن الأضواء السياسية سلّطت على المحاماة أكثر من غيرها".

وقال في تصريح لـ”العرب”، “عزل العميد بودربالة خاضع لموازين القوى داخل الهيئة بين من يساندون مسار 25 يوليو ومن يعارضون توجهات الرئيس قيس سعيّد، ووقعت بعض المسارات وتظلّم بعض المحامين للمحكمة الإدارية بخصوص عهدة بودربالة، ما يعني أن صوت 25 يوليو داخل المحاماة هو الغالب".

وتابع الرابحي “بقايا المنظومة السابقة لا تزال موجودة في كل الرابطات والمنظمات والهيئات، وهذا هو الفرز السياسي والاجتماعي في تونس بشأن المنظمات والأحزاب، ومسار 25 يوليو ليس بمسار الرئيس قيس سعيّد، بل هو مسار شعبي”.

وساهمت تصريحات العميد الحالي للهئية إبراهيم بودربالة في إضفاء صبغة سياسية على المؤتمر الانتخابي المرتقب.

وبداية أغسطس الماضي، قال بودربالة، إنه قد “تم الحفاظ على الموعد الخاص بانتخابات الهيئة الوطنية للمحامين، المزمع تنظيمها يومي 10 و11 سبتمبر القادم، على الرغم من رفض فئة معيّنة تقف وراءها مصالح حزبية لذلك”.

وأضاف في تصريح لإذاعة محلية أن “هذه الفئة مُعارضة لتدابير 25 يوليو التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، قيس سعيّد” مؤكدا، “شخصيا أنا أساند الرئيس بخصوص رفع شعار القضاء على الفساد الذي استفحل في البلاد..والمواقف التي اتخذتها كانت نتيجة قناعات ومن أجل الصالح العام”.

وفي وقت سابق، قال طارق الحركاتي، رئيس جمعية المحامين الشبان إن “98 في المئة من المحامين التونسيين مع العميد ابراهيم بودربالة وقراراته، والتابعون لبعض الأحزاب جرحى أحزابهم".

◙ الحسابات السياسية ستطغى على النقاش داخل جلسات الهيئة، في ظلّ الاختلاف القائم على أسس سياسية وحزبية

وأعرب في تصريح صحافي، عن “مساندة مسار 25 يوليو وأن القضية المرفوعة من طرف مجموعة من المحامين هي مهزلة وأن جمعية المحامين الشبان تندد بالمطلب الذي يحتوي على طلبات غريبة والعريضة المقدمة هي في حد ذاتها مهزلة".

وأشار إلى أن "بعض أسماء الموجودين لا انتماء لهم ولكن أغلبهم ينتمون إلى حركة النهضة وهي جزء من العشرية السوداء، وهم 163 محاميا من أكثر من 8 آلاف محام".

ولم يخف متابعون للشأن التونسي، وجود البعد السياسي و”الحزبي” في انتخابات المحامين المنتظرة، حيث يحاول البعض التخلّص من العميد السابق الذي يدعم توجهات الرئيس قيس سعيّد وتسانده في ذلك أغلبية المحامين.

وقال رافع الطبيب، الباحث في الشؤون الجيوسياسية، "المحامون قادوا العديد من النضالات في السابق، والآن هناك من يساند مسار 25 يوليو وهناك من يرفضه، ويحاول داخل الهيئة الترويج عبر العرائض إلى أن العميد بودربالة لا يمثّل الأغلبية من المحامين".

وأضاف لـ"العرب"، "جسم المحاماة له مشاكل كبيرة، والمحامون اليوم يريدون الانكباب على حلّ تلك المشاكل، وهم مدعوون مستقبلا إلى المشاركة في رسم القوانين التي ستصدر عن الدستور، وسيكون لهم دور كبير في ذلك".

وأردف الطبيب "مخطئ من يعتقد أن العميد بودربالة يمثّل نفسه، والمحامون يرفضون أي نوع من الهيمنة على عمادتهم، وأعداء بودربالة كشفوا عن أوراقهم منذ مدّة والشقّ الآخر سيفرض نفسه في المعركة الانتخابية".

اقرأ أيضا: 

فرنسا تعيد إصدار التأشيرات للتونسيين بنسق طبيعي

4