السلطة الجزائرية تحشد لإنجاح الاستفتاء على الدستور

الجزائر - تعكف السلطة الجزائرية على تمرير وثيقة الدستور، في أجواء من الشك والريبة حول مشاركة الشارع الجزائري في الاستحقاق المقرر في الأول من نوفمبر القادم، بسبب العديد من العوامل المتراكمة، مما يطرح إمكانية اللجوء إلى المرور بقوة إلى الدستور الجديد في الثاني من الشهر المذكور.
ولم يستبعد القيادي في حزب طلائع الحريات محمد بن عالية، أن تلجأ السلطة إلى المرور بقوة في الدستور الجديد، لقناعتها الباطنية بعدم تفاعل الجزائريين مع الاستحقاق، والعودة إلى أساليب الحجر على إرادة الناخبين، وحتى عدم اقتناع الطبقة السياسية بأساليب السلطة في ذر الرماد على العيون.
وصادق مجلس الوزراء برئاسة الرئيس عبدالمجيد تبون الأحد، على مضمون الوثيقة الدستورية الجديدة، على أن تحال إلى البرلمان في بحر هذا الأسبوع من أجل الإثراء والمناقشة والمصادقة، ثم عرضها على الاستفتاء الشعبي في أول نوفمبر.
وأمام انهماك السلطة على إنجاح الاستحقاق المذكور، في محاولة لترميم الشرعية الشعبية المهزوزة، والمرور إلى مرحلة متقدمة من تفويت الفرصة على المطالب السياسية الراديكالية للحراك الشعبي، يبدي الشارع الجزائري فتورا تجاه الاستفتاء.
لم يستبعد القيادي في حزب طلائع الحريات محمد بن عالية، أن تلجأ السلطة إلى المرور بقوة في الدستور الجديد، لقناعتها الباطنية بعدم تفاعل الجزائريين مع الاستحقاق
وباستثناء قوى حزبية وأهلية موالية للسلطة أو مقربة منها، التي تعمل على حشد وعائها البشري لتزكية الدستور الجديد، فإنه لا شيء في الشارع الجزائري يوحي بأن هناك استحقاقا على أهمية قصوى يعرض على الاستفتاء بعد أقل من شهرين.
وفي ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة الناجمة عن تقلص موارد الدولة، وتضرر السكان من جائحة كورونا، يسجل غيابا تاما للاهتمام الشعبي بالدستور الجديد، مقابل التركيز الكلي على كيفيات مواجهة الأوضاع المعيشية المتدهورة، حيث سجلت عودة لافتة للهجرة السرية خلال الأسابيع الأخيرة، وتوسع دائرة البطالة والفقر وتدني مستوى الخدمات.
وذكر محمد بن عالية بأن “فضائح الفساد المالي والسياسي التي تهز أركان البرلمان”، في إشارة للإفادات التي قدمها برلماني مسجون ونجل الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني للقضاء حول بيع وشراء القوائم والمراتب خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، واحتفاظ السلطة بنفس الآليات والأدوات السياسية والحزبية، فإن الاستفتاء على تعديل الدستور لن يكون أحسن من استحقاقات دستورية وانتخابية سابقة.
وألمح المتحدث في منشور له على حسابه الرسمي بفيسبوك إلى أن الشارع الجزائري لا يأمل في أي تغيير من خلال هذا الاستفتاء، بسبب الكثير من المؤشرات التي جعلته يفقد الثقة في خطاب السلطة الجديدة، ويستقيل مبكرا من مساعي إعادة دمجه في المسار السياسي، في ظل إصرار السلطة على تجاوز نبض ومطالب الشارع.
لكن في المقابل دخلت أحزاب موالية للسلطة الجديدة وداعمة للنظام السابق، في حملة لحشد قواعدها البشرية من أجل إنجاح الاستفتاء الشعبي وتحسيسها بالمشاركة القوية في الاستفتاء، على اعتبار أنه “الممر الوحيد للمرور إلى مرحلة الجزائر الجديدة”، على حد تصريح الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أبوالفضل بعجي أمام أعضاء كتلته النيابية.
ولا زال المهتمون يتطلعون للكشف عن الوثيقة النهائية بعد الانتقادات التي وجهت من أكثر من جهة، إلى المسودة التي عرضت منذ أسابيع للإثراء والمناقشة، خاصة في المسائل المتعلقة بصلاحيات الرئيس ومنصب نائب الرئيس، والهوية ودور المؤسسة العسكرية مستقبلا.
واستقبلت اللجنة التي أوكل لها الملف، نحو 2000 مساهمة نقاش وإثراء وتعديل تقدمت بها أحزاب سياسية وجمعيات وتنظيمات ونقابات، لكن الأوضاع الصحية السائدة والإجراءات الوقائية المطبقة حالت دون بروز نقاش موسع أو حضور شعبي.
ولا زال الشارع الجزائري يحتفظ بتقليد مقاطعة الاستحقاقات الانتخابية والمواعيد السياسية، إلى غاية الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي سجلت نسبة مشاركة لم تتعد الأربعين في المئة وهو سيناريو غير مستبعد في الاستفتاء على الدستور.