السعودية تستضيف معرضا عالميا يروي رحلة الكتابة والخط عبر التاريخ

تستضيف السعودية، انطلاقا من الأربعاء معرضا خاصا بتاريخ الخط العربي وقصة الكتابة وفنونها منذ فجر الحضارة العربية وإلى اليوم، عبر رحلة معرفية شاملة، وبمشاركة كبار الخطاطين والمصمّمين المعاصرين من السعودية ومختلف دول العالم، وذلك تحت عنوان “رحلة الكتابة والخط”.
الرياض - بتنظيم من وزارة الثقافة السعودية يحتضن المتحف الوطني بالرياض في الفترة الممتدة بين السادس عشر من يونيو الجاري وحتى الحادي والعشرين من أغسطس المقبل معرضا جماعيا بعنوان “رحلة الكتابة والخط” يُسلّط الضوء على جذور اللغة العربية وتطوّر فن الخط العربي والعلاقات الفنية بينه وبين التصميم المعاصر والذكاء الاصطناعي، وذلك في سياق مبادرة “عام الخط العربي 2021” التي تحتفي الوزارة من خلالها بالقيمة الثقافية التي يمثلها فن الخط العربي.
ويقدّم المعرض على مساحة 1500 متر مربع رحلة متكاملة لمسيرة الخط العربي وأساتذته الكبار على مدى تاريخ الحضارة العربية، منذ نشأة الكتابة قبل نحو 1700 عام في شبه الجزيرة العربية، مرورا بمراحل تطوير أنماط الخطّ المنقوشة على اللوحات الحجرية والمخطوطات واللوحات الخطية والأجسام في جميع أنحاء العالم الإسلامي، كما يغطي المعرض التطبيقات الحديثة لفن الخط العربي في الأزياء والتصميم والذكاء الاصطناعي.
وتتوزع أقسام ومحتويات المعرض على خمس مراحل تشمل جذور الكتابة العربية، وفن الخط، وأساتذة الخط، إضافة إلى الخط والتصميم المعاصر، ولقاء بين الخط والذكاء الاصطناعي، حيث يكتشف الزوار من خلال هذه المراحل تاريخ الكتابات المختلفة التي تم استخدامها قبل اعتماد اللغة العربية في شبه الجزيرة العربية، والاطلاع على اللوحات والعتبات المنقوشة بالخطوط الدادانية والنبطية، وكذلك صور النقوش التي التقطها المصوّر الشهير روبرت بوليدوري في محافظة العُلا.
كما يجد زوّار المعرض بالقرب من هذه الأعمال الكلاسيكية جهاز ذكاء اصطناعي للفنان والمصمم المصري هيثم نوار يسمح لهم بإنشاء مخطوطة تصويرية جديدة على شاشة رقمية.
ويحتوي المعرض على واحدة من أقدم صفحات القرآن الكريم والتي يعود تاريخها إلى القرن الثاني الهجري – الثامن الميلادي، إلى جانب مجموعة مختارة من المنشورات والصفائح القرآنية بما في ذلك المصحف الأزرق ومصحف المدينة، إضافة إلى مخطوطة مصممة بالذكاء الاصطناعي تقدّمها مجموعة “أوبفيوس” المؤلفة من باحثين وفنانين فرنسيين.
ويضم المعرض بين جنباته قسما فريدا لأساتذة الخط العربي السعوديين والعالميين، وهم: أحمد فارس رزق، وأيمن حسن، وبوبكر صادق، وتاج السر الحسن، وجاسم معراج الفيلكاوي، وجمال العنزي، وجمال الكباسي، والحاج نورالدين مي جوانج جيانج، وحميدي بلعيد، وحسن رضوان، ورشا قاسم شهبار، ورشيد وبوت، وربيع عبدالإله مجيد، وصلاح عبدالخالق، وماجد اليوسف، وامحمد صفرباتي، ومريم نوروزي، وعبدالعزيز الرشدي، وعبيد النفيعي، وعبدالرحيم جولين، وعمر جمني، وعبيدة محمد صالح البنكي، وعبدالرحمن الشاهد، ونرجس نورالدين، ونوريا غارسيا ماسيب، وناصر السالم، وناصر الميمون ووسام شوكت.
وخصّصت وزارة الثقافة في قسم أساتذة الخط العربي صالةً تضم 31 عرضا من الآلاف من الخطوط التي أنتجها وريث مدرسة بغداد التي تأسّست في القرن الثالث الهجري – العاشر الميلادي، الشاعر والخطاط العراقي عبدالغني العاني الذي يعدّ أحد أساتذة الخط المعاصر وحاصل على جائزة اليونسكو – الشارقة للثقافة العربية لعام 2009.

ولا تقتصر اللوحات الفنية لشيخ الخطاطين العراقيين على الآيات القرآنية، بل تتعداها إلى الشعر والحكم والمقولات المأثورة. كما أنه يستخدم ورقا خاصا به يقوم بصنعه أحيانا بنفسه من أوراق الأشجار والجرائد، إضافة إلى استخدام التوابل والمواد الطبيعية مثل الشمندر والصمغ في الكتابة.
ويقيم العاني في باريس منذ أكثر من نصف قرن، حيث درس القانون، وكان أول طالب عربي يحصل على الدكتوراه في حقوق الملكية الفكرية للمؤلف، قبل أن يتفرّغ للخط العربي في مرسمه ببيته.
كما يضم المعرض قسما بعنوان “علامات رحّالة في الفن والتصميم المعاصرين” من تنسيق القيّمة الفنية هدى سميتسهوزن أبي فارس، يظهر من خلاله الدور الحاسم الذي أدّته النصوص العربية القديمة في تطوير النص العربي المستخدم في الفنون والتصاميم المعاصرة، متضمنا أعمالا لعددٍ من المصممين العرب من مختلف التخصصات والجنسيات وهم: ابتسام القصيبي، وحسين الأزعط، وحمزة العمري، وخالد مزينة، ورشا دقاق، ورنيم الحلقي، وزينة المالكي، وفرح بهبهاني، ومارغريتا أبي حنا، وميليا مارون، ومحمد خوجة، ومي أبوالفرج، وناصر السالم، ونادين قانصو ونور صعب. وتشتمل الأعمال المعروضة على فنون ومجوهرات وأزياء ومنسوجات وأثاث وسيراميك وأعمال أخرى.
ويعدّ المعرض الأول من نوعه الذي يجمع بين الخط العربي الكلاسيكي والذكاء الاصطناعي، ويقدّم الفنان ميشال بيزان من خلال هذا المسار، نسخة جديدة من جهازه بعنوان “أستوديو العين الخطاطة – كوكبة من الحروف” الذي يعتبر من الأجهزة القادرة على استكشاف جذور الخط وآلياته العميقة، والذي جاء بتنسيق من قبل جيروم نوتر كبير أمناء مؤسّسة جي وميريام أولينز في سويسرا.
ويأتي معرض “رحلة الكتابة والخط” بوصفه إحدى الفعاليات والأنشطة المتعددة التي نفذتها وزارة الثقافة السعودية تحت مظلة مبادرة “عام الخط العربي” ضمن مبادرات برنامج جودة الحياة أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030، والتي أطلقتها الوزارة العام الماضي ومدّدتها لعامٍ إضافي احتفاء بالخط العربي كرمز للهوية الثقافية العربية، ومصدرا لإلهام الفنانين عبر التاريخ، وعنصرا ثقافيا أساسيا في تاريخ الحضارة العربية.