الرزاز يوسع دائرة الخصوم ويضيق حلقة الأصدقاء

القرارات الحكومية الأخيرة تكشف غياب خطة استراتيجية واضحة للتحكم في التدهور المتسارع للوضع الاقتصادي.
الخميس 2020/06/04
كمن يمشي في حقل ألغام

الأردن دخل المرحلة الأصعب في احتواء تداعيات تفشي وباء كورونا، وهو تحقيق التعافي الاقتصادي، والذي يخشى من أن يأتي على حساب الطبقتين الوسطى والفقيرة، ولاسيما بعد القرارات الأخيرة التي تم اتخاذها في ما يتعلق بالقطاع الخاص.

عمان- تتجه الحكومة الأردنية لخسارة الرصيد الشعبي والسياسي الذي راكمته طيلة المرحلة الأولى من التعامل مع وباء فايروس كورونا، من خلال سلسلة الإجراءات التي اتخذتها في الآونة الأخيرة والتي أثارت تململا ليس فقط لدى الشارع الأردني بل وأيضا في صفوف المسؤولين وحتى رجال الأعمال.

وتبدو الحكومة التي يقودها عمر الرزاز، وفق منتقديها، كمن يمشي معصب العينين في حقل ألغام، في غياب خطة استراتيجية واضحة المعالم للتحكم في التدهور المتسارع للوضع الاقتصادي والذي بدأ يضغط بشدة على المواطن العادي وعلى قطاع الأعمال في نفس الوقت.

وأثار قرار الحكومة الذي يصفه كثيرون بالارتجالي، ويتمثل في أمر الدفاع السادس الذي مكن أصحاب العمل من حق تخفيض الرواتب إلى نحو 60 في المئة وإنهاء عقود موظفين دون وضع ضوابط واضحة ومحددة، غضبَ ليس العاملين في القطاع الخاص فقط، ولكن غضب مسؤولين سابقين ونواب أيضا، وحتى ممثلي القطاع الخاص.

وحذر رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع من التبعات السلبية التي يحملها القرار على عجلة الاقتصاد المحلي، والتي بدأت تظهر في تململ الشارع في صورة تنذر بأن “القادم قد لا يكون مريحا لأحد”.

وشدد الطباع على أن التعديلات التي فرضها قانون الدفاع عدد ستة لم تأخذ بعين الاعتبار التأثيرات السلبية لتخفيض الرواتب على الاقتصاد الوطني من تراجع في القدرة الشرائية والطلب الاستهلاكي حتى على السلع الأساسية، إلى جانب إغفال حقيقة أن العديد من فئات المجتمع لديها قروض والتزامات عديدة من رسوم وفواتير وغرامات وعبء ضريبي يجب أن توفي به، وبالتالي فإن تخفيض الرواتب دون أن يرافقه تخفيف من مقدار الأعباء المفروضة على المواطنين ستنتج عنه حالة من عدم التوازن بين الدخل والاستهلاك والإنفاق وهذا الأمر لن يصب في مصلحة تنشيط الاقتصاد الوطني.

حمدي الطباع: القادم قد لا  يكون مريحا لأحد  في الأردن
حمدي الطباع: القادم قد لا  يكون مريحا لأحد  في الأردن

وأوضح رئيس جمعية رجال الأعمال على أهمية أن يتم الأخذ بعين الاعتبار التبعات المستقبلية للقرارات التي يتم اتخاذها حيث يجب أن تكون هذه القرارات رشيدة وعقلانية وبعيدة عن التخبط خاصة وأن هناك حالة من عدم التأكد حول الأوضاع الاقتصادية وما مدى عمق تأثير التداعيات الاقتصادية لفايروس كورونا وما ستؤول إليه الأمور في المستقبل حيث يجب أن تكون حماية المستويات المعيشية للمواطنين وتوفير الحمايات الاجتماعية وترسيخ قيم العدالة الاجتماعية على سلم أولويات الحكومة في الفترة الراهنة.

ويقدر عدد العاملين بالقطاع الخاص ممن هم مشتركون في الضمان الاجتماعي بنحو 24 في المئة، من مجمل القوة العاملة في الأردن فيما تقدر نسبة العاملين غير المشتركين في الضمان الاجتماعي نحو 31 في المئة. وعلى ضوء القرار الحكومي المثير للجدل فإن الآلاف منهم قد يجدون أنفسهم معرضين للخصم من رواتبهم أو حتى للفصل، وبالتالي زيادة معدلات البطالة التي تشهد ارتفاعا مطّردا قدرته الأرقام الرسمية بـ19.2 في المئة وهو ما يشكك فيه كثيرون.

ويقول نشطاء ونواب إن المؤشرات توحي بأن الإجراءات الحكومية لن تتوقف عند المس بالقطاع الخاص، في إطار حديث متزايد عن إعادة هيكلة القطاع العام الذي يحتضن ما نسبته 36 في المئة من إجمالي القوة العاملة في الأردن.

وهناك مخاوف جدية من أن يتم التخلص من الآلاف من الموظفين الحكوميين، حيث تدرس الحكومة صيغا عدة من بينها إحالة من لهم 25 سنة في العمل فما فوق على التقاعد.

وحذر في وقت سابق النائب صداح الحباشنة من تمش حكومي لتصفية القطاع العام. وقال إن قرار الإحالة على التقاعد سيدمر مئات الأسر الأردنية ويحولهم إلى أسر فقيرة، نظرا لانخفاض الرواتب التقاعدية.

وأوضح الحباشنة أن الهدف من هذا القرار هو نقل الالتزامات المالية للموظفين من الحكومة إلى المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وترك مصيرهم في مهب الريح، مشيرا إلى أن القرار لن يساهم بخفض نسبة البطالة نظرا لتوقف الحكومة عن التوظيف.

وشدد على أن حكومة عمر الرزاز “الساقطة شعبيا استغلت أزمة كورونا وأصبحت تتخذ قرارات لتصفية القطاع العام والتخلص من الموظفين، وتستغل قانون الدفاع لهذه الأهداف”.

ومنذ كشفت الحكومة عن توجهاتها التقشفية، بدأت تبرز حركة شعبية تنادي على مواقع التواصل الاجتماعي بوقف العمل بقانون الدفاع الذي كان تم تفعيله في مارس الماضي في إطار مواجهة فايروس كورونا.

أثار قرار الحكومة الذي يصفه كثيرون بالارتجالي، ويتمثل في أمر الدفاع السادس الذي مكن أصحاب العمل من حق تخفيض الرواتب إلى نحو 60 في المئة وإنهاء عقود موظفين دون وضع ضوابط واضحة ومحددة

وتناقل كثيرون رسما لرسام الكاريكاتير رأفت الخطيب أطل فيه رئيس الحكومة عمر الرزاز في وضعية الجاثم على أعناق الأردنيين في صورة مستوحاة من مشهد الشرطي الأميركي الجاثم على عنق الرجل الأسمر جورج فلويد، والذي فجر احتجاجات في معظم الولايات الأميركية.

ويقول مراقبون إن هناك مخاوف حكومية جدية من انتقال الاحتجاجات الفايسبوكية والتويترية إلى الشارع، ولاسيما مع انضمام قوى سياسية من مشارب مختلفة إلى الدعوات المطالبة بوقف العمل بقانون الدفاع.

ويشير المراقبون إلى أن حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت معارضين سياسيين من بينهم مؤسس الحركة الوطنية الأردنية أحمد عويدي العبادي، هي بمثابة رسائل تحذرية من مساعي استغلال التململ الشعبي لحث الناس على الخروج والتظاهر.

ويعتقد هؤلاء أن خطوات الحكومة في ما يتعلق بمعالجتها للأزمة الاقتصادية مع التلويح بالعصا الأمنية قد تقود إلى نتائج عكسية، محذرين من تكرار سيناريو 2017.

2