الرئيس الجزائري يحث الخطى لتطويق نفوذ الجيش

الجزائر – ألحق الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، مهام وصلاحيات الأمين العام لوزارة الدفاع، بوزير الدفاع نفسه، على اعتبار أن دستور البلاد يمنح المنصب بصفة آلية لرئيس الجمهورية، وهي الخطوة التي تلمح إلى نوايا الرئاسة في تقليص نفوذ قائد أركان الجيش.
وذكر القرار الصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، بأنه “يكّلف الأمين العام لوزارة الدفاع الوطني، تحت سلطة وزير الدفاع الوطني، بالسهر على السير الحسن لهياكل وزارة الدفاع، باستثناء أركان الجيش الوطني الشعبي. وزيادة على ذلك، يساعد وزير الدفاع الوطني في إدارة وزارة الدفاع وتسييرها، بتنشيط الهياكل التابعة لها وتنسيقها ومراقبتها، ويرفع تقريرا عن نشاطاته إلى وزير الدفاع”.
وبموجب القرار الجديد، “يخول للأمين العام لوزارة الدفاع في حدود صلاحياته، الإمضاء باسم وزير الدفاع، على جميع العقود والمقررات بما فيها القرارات”.
وتعتبر الخطوة التي أقدم عليها تبون، حلقة جديدة من مسلسل استعادة مؤسسة الرئاسة لزمام المبادرة من مؤسسة الجيش، عبر تغييرات باشرها في الآونة الأخيرة أضفت إلى تنحية عدد من الضباط السامين، الأمر الذي أثار جدلا حول إمكانية عودة الصراع بين الطرفين، مما حدا بالرئاسة إلى التدخل مطلع هذا الأسبوع للتأكيد على ما أسمته بـ”التوافق والانسجام داخل أركان السلطة”، وأوعزت التسريبات إلى “محاولات يائسة لبث البلبلة والشكوك داخل مؤسسات الدولة”.
وبموجب قرار إلحاق منصب الأمين العام للوزارة مباشرة بوزير الدفاع (رئيس الجمهورية)، يكون القائد الجديد الجنرال سعيد شنقريحة، الذي يشغل المنصب إلى حد الآن بالنيابة، قد فقد ما ورثه عن سلفه الجنرال أحمد قايد صالح، الذي استحوذ على المشهد منذ تنحية الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، إلى غاية وفاته منتصف شهر ديسمبر الماضي.
ويرى مراقبون أن السلطة الجديدة في البلاد تنتهج نفس المنهج الذي سلكه بوتفليقة، خلال قيادته للبلاد في العشريتين الأخيرتين، حيث عمد إلى تقليص نفوذ العسكر مقابل استحواذ الرئاسة على صلاحيات وصفت بـ”الإمبراطورية”، وهو ما يلوح في الأفق مع الرئيس تبون، لاسيما في ظل حديث عن عدم حيازته على إجماع الضباط الكبار في المؤسسة لشغل منصب رئيس الجمهورية. ويشغل منصب الأمين العام لوزارة الدفاع الجنرال عبدالحميد غريس، المحسوب على جناح القائد السابق للجيش قايد صالح، الذي استغل الفراغ المؤسساتي خلال الفترة الماضية لإعادة فرض نفوذ المؤسسة العسكرية على مؤسسات الدولة، وأحاط نفسه بضباط موالين له.
ويبدو أن السلطة الجديدة لا تريد تكرار نفس السيناريو، ولن تسمح لسعيد شنقريحة، بأن يصبح قايد صالح ثانيا، رغم أن الرجل البالغ من العمر 76 عاما يريد التقاعد من الخدمة العسكرية خلال الصائفة القادمة، ولعل إبقاءه بـ”النيابة” في منصبه منذ شهر ديسمبر الماضي، يوحي بأن السلطة لا تريد المغامرة بقرار تثبيته مخافة تحوله إلى مركز قرار في الدولة، وسارعت إلى تجريده من الصلاحيات التي كانت بحوزة سلفه.
ويبقى منصب نائب وزير الدفاع غامضا إلى حد الآن، حيث عمد الرئيس تبون منذ انتخابه إلى إبقاء المنصب رهن المجهول، رغم أنه يدخل في تقاليد السلطة الجزائرية خلال العقود الأخيرة، مما يوحي بأن الذريعة التي كان يوظفها قائد صالح الذي ورث المنصب من الرئيس بوتفليقة، في تصدر المشهد خلال العام الماضي والعمل على إعادة نفوذ العسكر إلى مفاصل الدولة، يراد لها أن تسحب أو تتم مراجعتها بشكل دقيق مع أي ضابط في الأفق، يكون الولاء والوفاء هما المعياران الأساسيان لشغل المنصب، بغية ضمان الانسجام والتوافق الذي يشدد عليه خطاب مؤسسة الرئاسة في الفترة الأخيرة.