الرئيس التونسي يعيد الاهتمام بثروة الزيتون المهملة

الرئيس سعيّد يؤكد وجود فساد مالي وإداري في غابة الشعال التي تعتبر من أكبر غابات الزيتون في البلاد.
الجمعة 2024/11/01
ثروة زراعية مهملة

تونس - عكست الزيارة الميدانية المفاجئة التي قام بها الرئيس التونسي قيس سعيد إلى أكبر غابات الزيتون في البلاد (الشعّال) في محافظة صفاقس (شرق)، اهتماما واضحا من السلطة بقطاع الزياتين، خصوصا بعد سنوات طويلة من إهمال تلك الثروة وعدم استغلالها كما ينبغي.

ويرى مراقبون أن حالة الغابة تدهورت في السنوات الأخيرة بسبب استمرار سنوات الجفاف، فضلا عن إهمال سلطات ما بعد 2011 لتلك الثروة من الزياتين، وتم منع حفر الآبار العميقة، ما غذّى ممارسات الفساد فيها.

ويضيف المراقبون أن زيارة الرئيس قيس سعيد إلى غابة الشعال تأتي في توقيت مناسب، خصوصا مع انطلاق موسم جني الزيتون وتقديرات بزيادة في الإنتاج تقارب النصف بالمقارنة مع الموسم الماضي، كما تأتي في محاولة لقطع الطريق أمام تواصل ممارسات الفساد واستغلال تلك المحاصيل دون موجب قانوني.

وتعد غابة الشعّال حوالي 400 ألف شجرة منتجة للزيتون، وهي ثاني أكبر غابة زيتون في العالم من حيث المساحة البالغة 5.18724 هكتار، وتشغل حوالي 435 عاملا قارا، وحوالي 385 عاملا عرضيا. وهي على ملك الدولة التونسية وتحت تصرفها وإدارتها من الجني إلى المتابعة الزراعية ثم تحويل الزيتون إلى زيت، وتعرف حاليا العديد من الإشكاليات.

وتحتوي ولاية (محافظة) صفاقس على حوالي 396 ألف هكتار من غابة الزيتون منها 63 في المئة غابة مطرية و37 في المئة مساحة مروية.

وأكّد الرئيس التونسي خلال الزيارة غير المعلنة التي أدّاها الثلاثاء إلى غابة الشعّال من ولاية صفاقس أنه “لا مجال للتفريط في ملك الشعب التونسي وأن حرب التطهير ضد الفساد ستستمر دون هوادة”.

محمد بن عمر شلاقو: الرئيس أكد وجود إهمال وفساد في غابة الشعّال
محمد بن عمر شلاقو: الرئيس أكد وجود إهمال وفساد في غابة الشعّال

ووصف قيس سعيد عملية بيع 37 جرارا زراعيا تابعا لغابة الشعال في بتة بقيمة 167 ألف دينار (53.87 ألف دولار)، بتعلة أنها مسقطة، بـ”غير الطبيعية”، مشيرا إلى “وجود سوء تصرف في أملاك الدولة”.

وأكّد الرئيس سعيّد “وجود فساد مالي وإداري في الشعال سواء على مستوى سرقة قطع غيار المعدات الفلاحية أو المحروقات، بالإضافة إلى تسجيل تراجع معدل الإنتاج السنوي من زيت الزيتون، بالإضافة إلى تراجع قدرته التشغيلية”، لافتا إلى وجود ما اعتبره ”عملية سطو ممنهجة”.

وشدّد الرئيس سعيد على أنّه لن يتم التفريط في غابة الشعال كما يتم التدبير لذلك، قائلا إنه “سيتم تحميل المسؤوليات لكل من قصّر في عمله”.

والتقى قيس سعيد بعدد من المواطنين في كل الأماكن التي زارها، واستمع إلى مشاغلهم، مجددا تأكيده على أن “العمل مستمر دون انقطاع لتحقيق مطالب المواطنين المشروعة في كل جهات الجمهورية”.

وتقدّر موارد البلاد التونسية للزيتون بأكثر من 70 مليون شجرة، مزروعة على مساحة 1.680.000 هكتار من بينها 75.000 هكتار مخصصة للزياتين المصادق عليها. وتعتبر زراعة الزياتين مصدر شغل لقرابة 269.000 شخص أي بنسبة 57 في المئة من مجمل عدد العمال الزراعيين وتمثّل 45 في المئة من نسبة الصادرات الزراعية بمعدل 120 ألف طن في العام.

وقال محمد بن عمر شلاقو، رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بصفاقس، “زيارة الرئيس جاءت في وقتها، حيث اطلع رئيس الجمهورية على مختلف المشاكل في غابة الشعّال، وأكد وجود إهمال وفساد في الغابة”.

وأوضح في تصريح لـ”العرب”، “سبق وأن خرجتُ في زيارات مع الولاة (المحافظين) السابقين إلى غابة الشعّال وتبيّن وجود إهمال لثروة الزياتين، وتمّ منع حفر الآبار العميقة بعد 2011 لإنقاذ تلك الثروة”.

زيارة قيس سعيد إلى غابة الشعال تأتي في توقيت مناسب، خصوصا مع انطلاق موسم جني الزيتون وتقديرات بزيادة في الإنتاج

ولفت شلاقو إلى أن “غابة الشعّال أنتجت ما قيمته 70 مليون دينار (22.58 مليون دولار) من الزياتين في 2014، لكن حالتها أخذت تتدهور منذ ذلك الوقت”.

ويدرّ تصدير زيت الزيتون على تونس، وهي أول منتج للزيتون البيولوجي، نحو مليار دينار (620 مليون دولار)، ويشكل 40 في المئة من مجموع الصادرات الغذائية.

ويقدر معدل الصادرات التونسية السنوية من زيت الزيتون خلال العقد الأخير بما لا يقل عن 145 ألف طن، يذهب أغلبها إلى الأسواق الأوروبية حيث تمثل الصادرات قرابة 80 في المئة من الإنتاج المحلي.

وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي بأن “زيارة الرئيس سعيد إلى غابة الشعال تأتي في إطار سياسة كاملة شعارها محاربة الفساد، ولا للتفريط في المؤسسات العمومية، وتونس اليوم أمام محصول كبير من الزيتون لتصديره، حيث هناك زيادة في الإنتاج بـ45 في المئة مقارنة بالموسم الماضي”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “هي غابة إستراتيجية، وربما تدخل في تحديد السعر المرجعي لزيت الزيتون في تونس، وهذا ملف فساد، حيث أنه يتم استغلال المنتوج في السنوات الماضية دون موجب”.

ولفت الرابحي إلى أن “الدولة كانت ضعيفة وأهملت مختلف الممتلكات والمؤسسات، وعلى الدولة الآن أن تستعيد أملاكها، وعلى المسؤولين أن يتحمّلوا مسؤولياتهم”.

ويمثل الاستهلاك التونسي معدل 1 في المئة من إجمالي الاستهلاك العالمي، في حين يرتفع الاستهلاك في سوريا والمغرب ولبنان.

ويكتسي الزيتون أهمية كبرى في تونس إذ تقدر مساحة الغراسات بنحو 2 مليون هكتار، وهو ما يؤهلها لأن تكون الثانية عالميا على مستوى المساحة بعد إسبانيا وهي من ضمن الأربعة الكبار المنتجين لزيت الزيتون.

4