الرئيس التونسي يدافع عن قراراته أمام وفد أميركي

قيس سعيد: القرارات تندرج في إطار الاحترام التام للدستور.
الاثنين 2021/09/06
سعيد يؤكد احترامه للإرادة الشعبية

قدّم الرئيس التونسي قيس سعيد في لقائه بوفد أميركي تفسيرا دستوريا واضحا لدوافع الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها، مشددا على أنها قرارات تعكس إرادة شعبية واسعة، لكن الزيارة لاقت رفضا كبيرا من مختلف الأحزاب والمنظمات الوطنية.

تونس - دافع الرئيس التونسي أمام وفد من الكونغرس الأميركي عن قراراته التي اتخذها في الخامس والعشرين من يوليو الماضي في إطار ما سمي بتصحيح المسار، مؤكدا التزامه بالدستور، وسط رفض سياسي واسع لزيارة المسؤولين الأميركيين إلى البلاد.

وأكّد الرئيس التونسي سعيد خلال لقائه السبت بوفد أميركي أن التدابير الاستثنائية التي تم اتخاذها في الخامس والعشرين من يوليو تندرج في إطار الاحترام التام للدستور، وذلك بخلاف ما يُروّج له من ادعاءات مغلوطة وافتراءات كاذبة.

وشدّد على أن “القرارات تعكس إرادة شعبية واسعة وتهدف إلى حماية الدولة التونسية من كلّ محاولات العبث بها”.

كما مثّل هذا اللقاء فرصة لتجديد الإعراب عن الحرص المشترك على مزيد تعميق روابط الصداقة التاريخية بين تونس والولايات المتحدة، ومواصلة العمل سويا من أجل مستقبل أفضل لعلاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

وتمّ التأكيد على ما يتقاسمه البلدان من قيم الحرّية والعدالة والديمقراطية، وتمسّكهما بمبادئ حقوق الإنسان والحريات وسيادة الشعب واحترام الدستور والمواثيق الدولية ومحاربة الفساد.

رافع الطبيب: الرئيس سعيد أثبت للوفد الأميركي أن تونس تحتكم للدستور

واعتبرت شخصيات سياسية أن الرئيس التونسي أوضح للوفد الأميركي دوافع اتخاذ تلك القرارات، وأماط اللثام عن كل المغالطات الرائجة بشأن الوضع في تونس.

وأفاد المحلل السياسي رافع الطبيب أن “الوفد الأميركي جاء في إطار جولة في المنطقة عموما، ومروره عبر تونس يبدو أنه يتعلق ببعض التدخلات، خصوصا وأن بعض القوى، على رأسها حركة النهضة، سعت إلى تدويل القضية التونسية وإدخالها في التفاعلات العالمية”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “الوفد اطلع على الوضع في البلاد، وتيقن من أن الأمور أكثر من عادية وليس كما يروّج على كونه يوجد انقلاب”، قائلا “الرئيس سعيد وضح طبيعة المرحلة وصحّح الخطب التي يتم تداولها، وأثبت لهم أن تونس تحتكم للدستور وأن الأحزاب خربت الممارسة الديمقراطية”.

وتابع “سعيّد يعرف أن هذا الوفد جاء بإيعاز وتنسيق مع حركة النهضة، واستعمل خطابا دبلوماسيا”.

ووصف مراقبون موقف الرئيس سعيد بـ”الطبيعي”، وكان على كل الأطراف الرافضة للزيارة أن تقدم توضيحات للوفد بشأن الموقف التونسي.

وقال ناجي جلول رئيس حزب الائتلاف الوطني التونسي، في تصريح لـ”العرب” إن “تونس لها علاقات تاريخية مع الولايات المتحدة، وكان على المنظمات والأحزاب الغاضبة أن تقابل الوفد وتفسر له طبيعة الموقف التونسي”.

وأضاف “موقف سعيّد طبيعي، لأن العلاقات تبنى على المصالح، وفسّر رأيه كما يجب”.

وأردف “الوفد جاء للاستفسار من سعيّد، وربما جاء أيضا بتوصيات لا نعرفها في علاقة بالقروض الخارجية”.

ورفضت أطراف سياسية ومنظمات وطنية الزيارة، وسط تظاهرات شعبية احتجاجا على ما اعتبرته تدخلا أجنبيا في صناعة القرار السياسي بالبلاد.

وقال الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي نورالدين الطبوبي “إن المنظمة ستظل الرقم الصعب أمام كل الحكومات اللاوطنية وسيظل الاتحاد الشجرة التي تظلل على الجميع”. 

وشدّد على أن “القرار الوطني ليس فيه شراء ولا بيع”، كما أكد أن “المنظمة منفتحة على كل الآراء في ضوابط وحدود معينة”.

وأعلنت حركة الشعب رفض دعوة وجّهتها سفارة الولايات المتحدة لحضور لقاء مع وفد من الكونغرس الأميركي.

وأعلنت الحركة في بيان لها ”موقفها المبدئي القاضي بحماية السيادة الوطنية، وعدم السماح لأي جهة خارجية بالتدخل في الشأن الوطني”، مؤكّدة “انخراطها الدائم في الذود عن استقلالية القرار الوطني، ومعارضة كل ما من شأنه المس من سيادة تونس وشعبها”.

وتظاهر العشرات من أنصار حزب العمال التونسي السبت وسط العاصمة رفضا للزيارة.

ناجي جلول: الوفد جاء للاستفسار من سعيّد بخصوص الموقف التونسي

وكان حزب العمال (يساري ليس له نواب في البرلمان) دعا إلى التظاهرة في بيان نشر عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، رفضا لدعوة السّفارة الأميركية بتونس تنظيم لقاء يجمع ممثليها وعددا من النّواب التونسيين بوفد الكونغرس.

وأعرب حمة الهمامي عن رفضه “التدخل الأجنبي، والأميركي على وجه الخصوص في الشأن العام الدّاخلي التونسي”. وقال في تصريح صحافي “نقرأ في زيارة الوفد الأميركي تأثيرا على القرار التونسي، وتوجيها للتطبيع مع الكيان الصهيوني، خاصة بعد زيارة قام بها ذات الوفد في الأيام الماضية إلى دولة المحتل (إسرائيل) ثم إلى لبنان واليونان”.

واعتبر أن “المسؤولية ملقاة على الرئيس سعيّد، وبقية الأحزاب التي قادت البلاد إلى أزمتها السّياسية الحالية، ولا رجعة عن تلبية مطالب الشعب في العيش الكريم والحرية والتّشغيل”.

والجمعة عبر سفير الولايات المتحدة لدى تونس دونالد بلوم خلال لقائه مع وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي ‎عن رغبة بلاده في مواصلة دعم تونس على كل الأصعدة، لإتمام البناء الديمقراطي واستعادة البلاد نسق النمو الاقتصادي، وفق بيان للخارجية التونسية.

وفي الخامس والعشرين من يوليو الماضي قرر الرئيس سعيد تجميد البرلمان، برئاسة راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة)، لمدة ثلاثين يوما، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية، بمعاونة حكومة يعين رئيسها، ثم أصدر أوامر بإقالة مسؤولين وتعيين آخرين.

وفي الثالث والعشرين من أغسطس الماضي أعلن الرئيس التونسي “التمديد في التدابير الاستثنائية المتخذة إلى إشعار آخر”.

ورفضت غالبية الأحزاب، وبينها النهضة، إجراءات سعيد الاستثنائية، واعتبرها البعض “انقلابا على الدستور”، بينما أيدتها أحزاب أخرى رأت فيها “تصحيحا للمسار”، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وتداعيات جائحة كورونا.

4