الرئيس التونسي يجري تعديلا وزاريا مفاجئا

إقالة وزيري الداخلية والشؤون الاجتماعية أسبابها سياسية أم مهنية.
الاثنين 2024/05/27
تغيير جديد في الفريق الحكومي

أجرى الرئيس التونسي قيس سعيّد تعديلا وزاريا مفاجئا أقال خلاله وزيري الداخليّة والشؤون الاجتماعية، وهو ما أثار استغرابا لدى المراقبين حول عدم توضيح أسباب الإقالة، لإخلالات تتعلق بالعمل الوزاري، أم لأسباب سياسية فرضتها إكراهات المرحلة.

تونس - أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد مساء السبت وزيري الداخلية والشؤون الاجتماعية في تعديل وزاري مفاجئ، ما طرح تساؤلات بشأن طبيعة تلك الخطوة، إما لدواع سياسية تتعلق بمسار الخامس والعشرين من يوليو، أو لأسباب مهنية تتعلق بمردود الوزراء وأدوارهم.  وترى أوساط شعبية في تونس أن السلطة التونسية لا تزال تبحث عن خلق توازن “مفقود” بين الطبيعة السياسية للمرحلة وما يناسبها من وزراء ارتباطا بعامل الكفاءة في المناصب والأدوار.

وطالبت تلك الأوساط بضرورة تقديم توضيحات حول أسباب الإقالة، حتى يتم فهم دلالاتها ومقاصدها، خصوصا وأنها تتعلق بوزارات مهمة في حياة التونسيين، من الناحيتين الأمنية والاجتماعية. وقالت الرئاسة التونسية، في بيان مقتضب، إن “رئيس الجمهورية قيس سعيد قرر السبت إجراء تحوير جزئي على الحكومة". وأضافت أنه تم بمقتضى هذا التعديل الوزاري تعيين خالد النوري وزيرا للداخلية خلفا لكمال الفقي، وكمال المدوري وزيرا للشؤون الاجتماعية خلفا لمالك الزاهي.

كما استُحدث منصب كاتب دولة (وزير دولة) لدى وزارة الداخليّة مكلّف الأمن القومي، وقد عُهد به إلى سفيان بن الصادق، وفق البيان. وقال بيان الرئاسة التونسية إنّ “أعضاء الحكومة الجدد، أدوا اليمين أمام رئيس الجمهورية الذي استقبل، إثر ذلك كلا من السّيدين كمال الفقي ومالك الزاهي، بحضور رئيس الحكومة أحمد الحشاني”.

حاتم المليكي: تونس لم تجد توازنا بين أداءيْ الوزراء، السياسي والمهني
حاتم المليكي: تونس لم تجد توازنا بين أداءيْ الوزراء، السياسي والمهني

ولم يبيّن بيان الرئاسة إذا ما سيُدعى الوزيران المقالان إلى القيام بمهام أخرى، حيث يعتبران من أقرب الشخصيات السياسية إلى قيس سعيّد. وقال الناشط السياسي حاتم المليكي “من الصعب فهم الأسباب الحقيقية للإقالة، وفي تونس لا نمتلك آلية المتابعة والتقييم وليس لدينا تواصل مع رئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهورية حتى نفهم ذلك”.

وأكد في تصريح لـ“العرب”، “من الواضح أن هناك أسبابا للإقالة، والأمر يتعلق بوزارات مهمة جدا، لأن وزارة الداخلية مهمة من الناحية الأمنية وهي تمثل السلطة في جانب كبير منها”.

واعتقد المليكي أن “تونس لم تجد توازنا بين الأداء السياسي والأداء المهني للوزراء، وبقيت تراوح بين تعيين وزراء ينتمون إلى المسار السياسي والاعتماد على جانب الكفاءة، والتغيير إما لأسباب سياسية أو لجانب يتعلق بالعمل”.

ووزير الداخلية الجديد كان يشغل منصب والي أريانة حيث أدى في الثامن من يونيو 2022 اليمين أمام الرئيس التونسي، فيما كان يشغل وزير الشؤون الاجتماعية الجديد العديد من الخطط بوزارة الشؤون الاجتماعية آخرها رئيسا مديرا عاما للصندوق الوطني للتأمين على المرض في فبراير 2023، وقبلها رئيسا مديرا عاما للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، ومديرا عاما للضمان الاجتماعي.

ويأتي هذا التعديل الوزاري عقب موجة اعتقالات طالت خلال الأسبوعين الماضيين عددا من ناشطي حقوق الإنسان والمحامين والصحافيين. وكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفرنسا عبّروا عن “القلق” حيال تلك الاعتقالات، وهو ما أثار غضب سعيّد الذي ندّد بـ“تدخل أجنبي غير مقبول”.

وقضت محكمة تونسية الأربعاء الماضي بسجن كل من المحلل والمعلق السياسي مراد الزغيدي ومقدم البرامج التلفزيونية والإذاعية برهان بسيّس سنة على خلفية تصريحات منتقدة للسلطة.

ووجهت إليهما تهمة “استعمال شبكة وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج وترويج وإرسال وإعداد أخبار وإشاعات كاذبة بهدف الاعتداء على حقوق الغير والإضرار بالأمن العام”. كما تمّت محاكمتهما بموجب المرسوم الرقم 54 الذي أصدره سعيّد العام 2022 ولقي انتقادات واسعة.

ناجي جلول: تعودنا أن تتم الإقالات دون تقديم تفسير واضح أو أسباب
ناجي جلول: تعودنا أن تتم الإقالات دون تقديم تفسير واضح أو أسباب

وأفاد رئيس الائتلاف الوطني التونسي ناجي جلول “لا أعتقد أن الوزيرين المقالين كانا من أصحاب الكفاءة، وليست لهما تجارب سياسية سابقة، بل هما من المجال الضيق للرئيس سعيد”. وقال لـ“العرب”، “أن يتخلص منهما الرئيس قبل أشهر قليلة على موعد الانتخابات، فهذا غريب جدا، لكن تعودنا أن تتم الإقالات دون تقديم تفسير واضح أو أسباب”، لافتا إلى أن “نتائج وزير الشؤون الاجتماعية لم تكن سيئة ولا الداخلية أيضا”.

وفي مارس 2023، أصدر قيس سعيّد قرارا بتعيين كمال الفقي وزيرا للداخلية، خلفا لتوفيق شرف الدين. وشغل كمال الفقي قبلها منصب محافظ العاصمة تونس منذ الثلاثين من ديسمبر 2021. أما وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي، فقد شغل منصبه منذ أكتوبر 2021، في حكومة نجلاء بودن.

وبداية أبريل الماضي، قرّر قيس سعيّد إعفاء وزير التربية محمد علي البوغديري من مهامه وتعيين سلوى العبّاسي خلفا له. وجاءت إقالة البوغديري، وهو قيادي سابق في الاتحاد العام التونسي للشغل، من منصبه، بعد نحو أسبوعين على إقالة وزير النقل ربيع المجيدي ووزيرة الثقافة حياة قطاط القرمازي، ومسؤولين آخرين على رأس مؤسسات حكومية حساسة، إضافة إلى محافظي المهدية وصفاقس.

وفي يناير الماضي، أصدر الرئيس قيس سعيد قرارا بتعيين 3 وزراء جدد في حكومة أحمد الحشاني ضمت وزيرة للاقتصاد وأخرى للصناعة. وشهدت التعديلات الحكومية تعيين فريال الورغي السبعي وزيرة للاقتصاد والتخطيط، وفاطمة ثابت شيبوب وزيرة للصناعة والمناجم والطاقة، ولطفي ذياب في منصب وزير للتشغيل والتكوين المهني.

وفي فبراير 2023، أقال الرئيس التونسي وزير التشغيل والتكوين المهني نصرالدين النصيبي، الذي كان يشغل أيضا منصب الناطق باسم حكومة نجلاء بودن حينها. وسبق أن أقال قيس سعيد وزير الاقتصاد سمير سعيد من منصبه في الثامن عشر من أكتوبر 2023، وكلف حينها سهام البوغديري وزيرة المالية بتسيير شؤون وزارة الاقتصاد والتخطيط بصفة مؤقتة. وفي مايو 2023، أنهى الرئيس التونسي مهام وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي.

4