الرئيس التونسي يتحدّى الإسلاميين: لا أخشى الاغتيال

النهضة تتلقّف رسالة قيس سعيّد بقلق وتدعو القضاء إلى التدخل.
الأحد 2021/08/22
خطاب سعيّد أخرج إلى الواجهة ما يجري في الغرف المظلمة من مؤامرات

تونس – تحدى الرئيس التونسي قيس سعيد ما أسماه سعي أطراف سياسية “مرجعيتها الإسلام” إلى القيام بمحاولات تصل إلى حدّ التفكير بالاغتيال والقتل وسفك الدماء. وقال إنه لا يخاف إلا الله رب العالمين، في خطوة تظهر أن الخلاف بين الرئيس سعيّد والإسلاميين، وعلى رأسهم حركة النهضة، لن يتوقف عند الوضع الحالي، وأن المرحلة القادمة قد تكون مرحلة مواجهة.

وتلقفت حركة النهضة كلام الرئيس سعيّد بقلق جليّ، وهو ما عكسته تعاليق أبرز قياداتها.

وقالت أوساط سياسية تونسية مطلعة إن خطاب الرئيس سعيّد يكشف هذه المرة عن وجود تحركات من وراء الستار لعرقلة تنفيذ الإجراءات التي تم اتخاذها يوم 25 يوليو الماضي، وأن الإسلاميين، الذين سلّموا في الظاهر بالأمر الواقع وباتوا يبحثون عن الحوار مع رئيس الجمهورية، ربما فكروا في حلول أخرى ذات طابع عنيف لاستعادة السلطة التي خسروها، وأن الجهات الأمنية قد تكون كشفت جزءا من تلك التحركات.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن كلام الرئيس سعيّد كان واضحا، وأن الجهة المقصودة به واضحة أيضا، وأن الأمر لا يتعلق بخلاف سياسي مثلما يحصل عادة، وهو ما يجعل التهم قوية وتستدعي تحركا عاجلا من القضاء للبتّ فيها وكشف خيوط اللعبة التي تتم في الخفاء.

خليل الرقيق: المسألة تتعلق بمعركة كسر عظام بين قيس سعيّد والنهضة

وقال قيس سعيّد، في كلمة له خلال توقيع اتفاقية لتوزيع مساعدات اجتماعية “يفكرون في الاغتيال ويفكرون في الدّماء سأنتقل إن متّ اليوم أو غدا شهيدا إلى الضفة الأخرى من الوجود عند أعدل العادلين، طريق الحق صعبة شاقة ولكن الحق هو من أسمائه تعالى”، في إشارة إلى محاولة اغتياله.

وأضاف “بالنسبة إلى هؤلاء الذين يتحدثون آناء الليل وأطراف النهار ويتعرضون للأعراض ويكذبون ويقولون إن مرجعيتهم هي الإسلام”، متسائلا “أين هم من الإسلام ومن مقاصد الإسلام، كيف يتعرضون لأعراض النساء والرجال ويكذبون، والكذب من أدوات السياسة”.

وتابع “اعتادوا على العمل تحت جنح الظلام ودأبوا على الخيانة وتأليب دول أجنبية على رئيس الجمهورية وعلى وطنهم، ولكن تفهموا في عديد العواصم أننا لسنا من سفاكي الدماء على الإطلاق أو من الذين يفكرون في المتفجرات أو من الذين يعدون لزرع القنابل”.

واعتبر مراقبون سياسيون أن خطاب الرئيس سعيّد أخرج إلى الواجهة ما يجري في الغرف المظلمة من مؤامرات، وصارح به الشعب، ووضع خصومه الإسلاميين في الزاوية، ما يزيد من عزلتهم من جهة، ويزيد من حجم الدعم الشعبي للخطوات التي قام بها في 25 يوليو الماضي من جهة ثانية.

واعتبر المحلل السياسي خليل الرقيق أن المواجهة بين الرئيس سعيّد والإسلاميين بدأت تمر شيئا فشيئا من السرّ إلى العلن ومن التلميح إلى التصريح.

وقال الرقيق في تصريح لـ”العرب”، إن “الرئيس سعيّد يستعمل لأول مرة في خطابه توظيف الإسلام وكأنه يوحي إلى تيار سياسي معين لم يصرح به، لكن في النهاية فهم الجميع أن المسألة تتعلق بمعركة سياسية وهي معركة كسر عظام مع النهضة”.

وأوضح الرقيق أن “الصراع السياسي مرشح في الأيام المقبلة للتصعيد بين رئاسة الجمهورية التي تسعى إلى بناء سياسي جديد خارج منظومة الحكم القديمة وبين حركة النهضة”.

Thumbnail

وحث المراقبون القضاء على أن يتعامل مع كلام الرئيس سعيّد بالجدية اللازمة ويفتح تحقيقا لإنارة الرأي العام بشأن ما يجري.

وقال مصطفى بن أحمد القيادي في حزب “تحيا تونس” والنائب في البرلمان المجمّد، “إن أخطر استهداف للدولة هو التخطيط لاغتيال الرئيس”، حاثا النيابة العمومية على فتح تحقيق فوري وكشف كل ملابسات المؤامرة للرأي العام ومحاكمة الجناة.

وما يحرج حركة النهضة من الاتهامات الرئاسية أنها تضرب في الصميم الصورة التي تريد أن تقدّمها عن نفسها كحركة سياسية تؤمن بالديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة، وتقدم صورة أخرى سرية لا تستبعد خيار العنف لاستعادة ما خسرته، وهو ما رفضته الحركة بشدة من خلال تصريحات لأكثر من قيادي فيها.

رياض الشعيبي: لا أحد في حركة النهضة يفكّر في اغتيال الرئيس

ووجهت حركة النهضة في بيان لها، السبت، “دعوة عاجلة” إلى “أجهزة الدولة الأمنية والقضائية للقيام بما يلزم للكشف عن هذه المؤامرات”.

وجدد البيان، الذي حمل توقيع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، “التأكيد على نهج حركة النهضة في الالتزام بقوانين الدولة التونسية، والعمل في إطارها واحترام مؤسساتها، واعتماد الحوار السياسي أسلوبا وحيدا لحلّ الخلافات، والعمل على الحيلولة دون ما يمكن ان ينزلق بالبلاد إلى مربعات العنف والفوضى”.

واعتبر رياض الشعيبي المستشار السياسي للغنوشي، أن “لا أحد في حركة النهضة يفكر في اغتيال الرئيس، لكن الرئيس يفتعل أحداثا غير صحيحة لتبرير سياسة التنكيل التي يبدو أنه قد قرّر الدخول فيها”.

ورد الشعيبي على الخطاب الديني الذي اعتمده سعيّد، لإظهار أن ما يقوم به منتسبو الإسلام السياسي لا يمتّ للإسلام بصلة، بخطاب ديني يحذر من المواجهة. وقال له “احذر أن تقابل ربك ظالما، فالظلم ظلمات يوم القيامة، واعلم أن دماءنا وأموالنا وأعراضنا حرام عليك، وستكون لعنة على من ينتهكها”.

من جهته، دعا القيادي في حركة النهضة علي العريض القضاء إلى “تعهّد فوري بالتحقيق وإفادة الرأي العام بالمعطيات المتوفرة ونتائج التحقيق وتحديد المسؤوليات”، وهو ما أشار إليه الناطق الرسمي باسم الحركة فتحي العيادي بقوله “إن النيابة العمومية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى للتحقيق في كلام رئيس الجمهورية حفاظا على سلامة الرئيس وإنارة للرأي العام بحقيقة الأوضاع وحماية لتونس من الانزلاق نحو توظيف مثل هذه الاتهامات لفتح باب الاستبداد واعتمادها ذريعة لاتخاذ إجراءات ضد الحريات العامة والخاصة وضد حقوق التونسيين عموما”.

اقرأ أيضا: معركة الفساد تبلغ أشدّها في تونس

1