الذكاء الاصطناعي لا يغني عن الصحافيين: فيسبوك تثبت ذلك

حمل إعلان فيسبوك عن توظيف صحافيين خبرا سارا للبعض الذين اعتبروا الخطوة جيدة جدا في توفير وظائف خاصة أن شركة فيسبوك تعتمد في المقام الأول على الذكاء الاصطناعي في أغلب عملياتها، لكن البعض الآخر بدا متشككا لأن فيسبوك ليست مؤسسة صحافية، وكل ما تفعله هو محاولة لتحسين صورتها لأنها تستفيد من المحتوى الصحافي مجانا.
نيويورك - بينما يخشى الصحافيون على وظائفهم من تهديد الذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة فيسبوك أنها تعتزم توظيف صحافيين مهنيين عوضا عن الاعتماد على خوارزميات لنقل الأخبار.
وأعلن عملاق التواصل الاجتماعي الثلاثاء أنه سيشكّل فريقا صغيرا من الصحافيين لاختيار أبرز الأخبار الوطنية “لضمان أننا نبرز الحوادث الصحيحة”. وهي خطوة إيجابية لكنّها لن تؤدي إلى تغيير أوضاع صناعة الإعلام التي تمر بأوقات صعبة، بحسب ما قال محللون.
ويأتي القرار في وقت يمر فيه قطاع الإعلام الأميركي بأزمات فقدان وظائف وإغلاق صحف ومحاولة المؤسسات الإعلامية إيجاد وسائل لتحقيق أرباح في عصر الأخبار المجانية.
وستظهر القصص في قسم “شريط الأخبار” (نيوز تاب) الذي سيكون منفصلا عن القسم التقليدي الذي تظهر فيه تحديثات المستخدمين الآخرين من أصدقاء وأقارب.
وقالت أستاذة الاتصالات في جامعة ديلاوير دانا يونغ “نظريا أرى ذلك تطورا إيجابيا حقا. إنه شيء واعد جدا”. وسيقوم صحافيو فيسبوك باختيار قصص من المواقع الإخبارية ولن يقوموا بإدخال تعديلات تحريرية على العناوين أو يعيدوا كتابة المحتوى.
وأكدت الشركة التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها مرارا أنها لا تريد أن يتم اعتبارها مؤسسة إعلامية تقوم بقرارات تحريرية، والإعلان الأخير لا يغير من هذا التوجه، بحسب خبراء. وقالت يونغ “هذا ليس تحولا لأنه لن يغير بالضرورة سلوك الأفراد الذين يشيرون إلى القصص” على صفحاتهم.
وأضافت “هذا هو مصدر القوة. الأفراد الذين تعرفهم وتثق بهم يضعون ختم الموافقة الضمني على القصص من خلال مشاركتها” على فيسبوك.
قسم الأخبار المتخصص يأتي ضمن مبادرات فيسبوك لتعزيز الصحافة، إذ تتهمه مؤسسات إعلامية بالاستفادة ماليا من عملها
وسيكون قسم الأخبار أول خدمة إخبارية للموقع تستخدم مشرفين بشرا بعد إغلاق قسم “الموضوعات الشائعة” في العام الماضي بعد فضيحة سببتها معلومات أفادت بأن موظفي القسم حجبوا قصصا متعلقة بقضايا لا تثير الاهتمام.
وستظل المقالات التي لا تعتبر من أهم الأخبار موجودة باستخدام خوارزميات تستند إلى تاريخ المستخدمين، مثل الصفحات التي يتابعونها والنشرات التي اشتركوا فيها والأخبار التي تفاعلوا معها بالفعل.
وقال كامبل براون رئيس الشراكات الجديدة في فيسبوك في سان فرانسيسكو الثلاثاء “هدفنا من وضع علامة الأخبار هو توفير تجربة شخصية وثيقة للناس”.
ويأتي إطلاق قسم الأخبار المتخصص فيما تقوم فيسبوك بسلسلة مبادرات لتعزيز الصحافة، إذ تتهمه المؤسسات الإعلامية التقليدية بالاستفادة ماليا من عملها الشاق.
وتهيمن منصات التواصل الاجتماعي على مساحات الإعلان على الإنترنت، ما يجعل من الصعب على المؤسسات الإخبارية نقل الإعلانات المطبوعة التي كانت مربحة للغاية إلى صفحاتها على الإنترنت.
وفي يناير الماضي، أعلنت فيسبوك أنها ستستثمر 300 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات لدعم الصحافة وخاصة المؤسسات الإخبارية المحلية. كما موّلت مشاريع لتقصي الحقائق في جميع أنحاء العالم، من بينها مشروع بالشراكة مع فرانس برس.
وأفادت التقارير أن فيسبوك ستدفع أموالا لبعض الناشرين لقاء نشر المحتوى الإخباري لهم في قسم الأخبار. لكن ماثيو إنغرام الذي يكتب عن الإعلام الرقميّ لمجلة “كولومبيا جورناليزم ريفيو” قال إنه لا يتوقع أن توظف هذه الأموال لمؤسسات بحاجة ملحة إلى دعم مادي.
وأضاف إنغرام “أعتقد أن الشركات التي سيتم اختيارها هي تلك التي كان أداؤها جيدا أساسا، وقد يتم منحها القليل من المال الإضافي، لكنني أرى أن الأمر لن يقود إلى زيادة كبيرة في عدد زائريها”.

وتشهد الصحافة المطبوعة في الولايات المتحدة تراجعا كبيرا أخيرا إذ تفوقت وسائل التواصل الاجتماعي على الصحف كمصدر رئيسي للأخبار للأميركيين. وأغلقت قرابة ألفي صحيفة أميركية خلال السنوات الـ15 الماضية، وفقا لجامعة نورث كارولينا، تاركة ملايين السكان من دون مراسلين يتابعون ما تقوم به سلطاتهم المحلية.
وقالت يونغ إن “موت الأخبار المحلية له آثار مدمرة للديمقراطية. إنها قضية معقدة لا يمكن لفيسبوك حلها بمفردها”. وانخفض عدد الصحافيين العاملين في الصحف الأميركية بنسبة 47 بالمئة من العام 2008 إلى العام 2018، وفقا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث العام الماضي.
ووجدت المجموعة أن إجمالي عدد الصحافيين في غرف الأخبار انخفض بنسبة 25 بالمئة، فيما قالت شركة الاستشارات “تشالنجر غراي آند كريسماس” إن العام الجاري سيكون الأسوأ في تسريح الموظفين منذ 2009.
ويمر ستيفن غروفز (30 عاما) الذي حصل مؤخرا على ماجستير في الصحافة من جامعة نيويورك بوقت صعبا للحصول على وظيفة، وحين سمع عن خطة فيسبوك بدا متشككا. وقال إنّ “فيسبوك ليست مؤسسة صحافية، لذا قبل أن أعمل في فيسبوك أود أن أرى التزامها بالصحافة الأخلاقية القوية”.
ويمر القطاع الرقميّ أيضا بورطة. فحين ألغى موقع “بازفيد” الأميركي مئتي وظيفة في يناير الفائت، اضطرت إميلي تامكين (29 عاما) للخروج من وظيفتها التي كانت تشغلها منذ بضعة أشهر فقط. وقالت تامكين “شخصيا لا أشعر بالبهجة لحقيقة أن فيسبوك ستوظف صحافيين (لكن) إذا كان هذا جانبا إيجابيا، فلدينا سحابة كبيرة هنا” قد تمطر وظائف.