الدعم الدولي يلبي الاحتياجات الإنسانية للبنان ولا يحل مشاكله

بيروت – فشلت الضغوط الدولية على الطبقة السياسية في لبنان، التي مارستها فرنسا خصوصاً، إلى حد الأن في تسريع ولادة حكومة لبنانية جديدة يشترط المجتمع الدولي أن تضم اختصاصيين وتقبل على إصلاحات جذرية في مقابل تقديم الدعم المالي.
وفي انتظار ذلك يكتفي المجتمع الدولي بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة، دون المرور بالمؤسسات الرسمية، رغم تكرار السلطات مناشدتها الجهات المانحة عدم ربط دعمها للبنان بتشكيل حكومة.
وتسعى باريس عبر مؤتمر دولي تنظمه الأربعاء، تزامناً مع الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، لجمع مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 350 مليون دولار من أجل الاستجابة لحاجيات شعب لبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية.
وهذا المؤتمر هو الثالث الذي تنظمه فرنسا والأمم المتحدة لتقديم مساعدات إنسانية منذ انفجار المرفأ المروّع الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص ودمّر أجزاء كاملة من العاصمة وفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والانقسام السياسي الحاد في البلاد. وجمع المؤتمر الأول في التاسع من أغسطس، بعد انقضاء أيام على وقوع الانفجار، مساعدات بقيمة 280 مليون يورو.
باريس والأمم المتحدة تطمحان إلى جمع 350 مليون دولار كمساعدات إنسانية عاجلة خلال المؤتمر الدولي لدعم لبنان
وقالت الرئاسة الفرنسية الاثنين “يتعلّق الأمر بتقديم المساعدة مجددا إلى شعب لبنان”، الذي صنّف البنك الدولي أزمته الاقتصادية المتسارعة من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.
وأضافت “مع تدهور الوضع (…) تقدّر الأمم المتحدة بأكثر من 350 مليون دولار الحاجيات الجديدة التي تتعين الاستجابة لها في عدة مجالات، وتحديدا الغذاء والتعليم والصحة وتنقية المياه”، في وقت تتراجع فيه تدريجيًّا قدرة المرافق العامة على تقديم الخدمات الأساسية للسكان.
ويُنظم المؤتمر عبر تقنية الفيديو، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. ويحضره إلى جانب الرئيس اللبناني ميشال عون ممثلون عن قرابة أربعين دولة ومنظمة دولية، أبرزهم الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
وتشارك في المؤتمر المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسا حكومتي اليونان والعراق، إضافة إلى وزراء خارجية ألمانيا والنمسا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا وهولندا وبلجيكا وكرواتيا وفنلندا. ويحضر الاجتماع أيضا ممثلون عن السعودية وقطر والإمارات.
وكلّف عون في السادس والعشرين من يوليو الماضي رجل الأعمال الثري، رئيس الحكومة الأسبق، نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة بعدما فشلت محاولتان لتأليف مجلس وزراء منذ استقالة حكومة حسان دياب إثر الانفجار. ولا تزال حكومة دياب تقوم بمهام تصريف الأعمال.
ورغم الضغوط وعمل الاتحاد الأوروبي على إرساء عقوبات تستهدف معرقلي التأليف قال ميقاتي الإثنين إنّه لن يتمكن من تشكيل حكومة قبل ذكرى الانفجار كما كان يأمل، فيما تحول نقاط خلافية بين القوى السياسية دون إتمام مهمته الصعبة، في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة وتقاسم المناصب بين الطوائف.
وتقع على عاتق الحكومة المقبلة مهمة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي كخطوة أولى لإخراج لبنان من الأزمة الاقتصادية المتسارعة، بينما بات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر وفقدت العملة المحلية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار.
ودعت فرنسا، التي زار رئيسها لبنان مرتين بعد الانفجار، مرارا إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، وأعربت باريس قبل أيام عن استعدادها لزيادة “الضغط مع شركائها الأوروبيين والدوليين على المسؤولين السياسيين اللبنانيين لتحقيق ذلك”.
وفرضت باريس في أبريل الماضي قيوداً على دخول شخصيات لبنانية -تعتبرها مسؤولة عن المراوحة السياسية والفساد- إلى أراضيها، دون أن تفصح عن هوياتهم أو ماهية القيود، ولوحت مراراً بالعقوبات.
وكان الاتحاد الأوروبي أعلن الجمعة أنّه أرسى الإطار القانوني لفرض عقوبات على قادة مسؤولين عن التعطيل السياسي، في مسعى لتسريع تشكيل الحكومة ووضع إصلاحات بنيوية على سكّة التنفيذ لإخراج البلد من مأزقه