الحكومة التونسية تسعى لتحسين خدمات النقل المتهاوية

تسعى السلطات التونسية لتحسين جودة خدمات النقل المتدهورة في السنوات الماضية، حيث ظل الأسطول متقادما وسط شكاوى متكررة من المواطنين، ما اعتبره مراقبون مبادرة تندرج في إطار الدور الاجتماعي للدولة بمعالجة القطاعات الحيوية.
تونس - تحاول السلطات التونسية تحسين جودة الخدمات في قطاعات حيوية شهدت تدهورا ملحوظا بعد 2011، وفي مقدمتها قطاع النقل، حيث أعلنت وزارة النقل عن طلب عروض لاقتناء حافلات جديدة، في مسعى لتجاوز النقص المسجل في أسطولها واستجابة لمطالب الفئات الشعبية في توفير وسائل نقل.
وتأتي هذه الخطوة، في ظل وجود أسطول متقادم مع شحّ الموارد المالية، فضلا عن أولوية قطاعات أخرى على حساب النقل، وهو ما يحول دون إصلاحه كما ينبغي.
لكن من شأنها مواجهة الأزمة المتفاقمة لقطاع النقل خصوصا في العاصمة وضواحيها التي تحتضن عددا كبيرا من الجامعات والمؤسسات والمناطق الصناعية التي تشغل الآلاف من اليد العاملة.
وبدا واضحا حسب المتابعين للشأن التونسي في الفترة الأخيرة اهتمام السلطة على قلة إمكاناتها بتحسين جودة الخدمات في القطاعات الحيوية على غرار التعليم، النقل، الصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى.
وأعلنت وزارة النقل، السبت، عن إطلاق طلب عروض بغاية اقتناء 300 حافلة جديدة بصفة مستعجلة بكلفة تقديرية تناهز 170 مليون دينار، وذلك لفائدة شركة نقل تونس.
ومن المنتظر استكمال إجراءات القسط المتبقي من حاجيات الشركة ذاتها من خلال اقتناء 418 حافلة جديدة متبقية.
وأكد المحلل السياسي نبيل الرابحي ” تدني خدمات النقل خلال العشرية الماضية، وكانت شركة النقل تتوفر على 1200 حافلة قبل 2011 واليوم بها 400 حافلة”.
وقال لـ”العرب”، “اقتناء الحافلات الجديدة، يندرج ضمن سياسة الدولة الاجتماعية الديمقراطية لتحسين خدمات النقل والصحة والمعيشة، ولا بد أن يكون لدى جميع المسؤولين بوصلة واضحة”.
وتقدّر الحاجيات الأوليّة لأسطول الشركة بـ718 حافلة جديدة، وفق إطار الإجراءات العاجلة لإعادة بناء المرفق العمومي، بحسب وزارة النقل.
وشهدت جاهزية أسطول حافلات شركة نقل تونس، منذ سنة 2010، تراجعا متواصلا، والتي كانت تستغل حينها أسطولا يناهز 1000 حافلة في حين أنّ الحافلات المستغلّة، حاليا، هي في حدود 400 حافلة.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة أن “هذه الحلول مجرد مسكنات لقطاع عليل، على غرار بقية القطاعات من صحة وتعليم التي تعتبر في حالة وهن، وأصبحنا نقارن أنفسنا بما كان لدينا قبل 2011”.
حالة التهرم والأعطاب تسببت في عام 2022 في خسارة حوالي نصف عدد الحافلات المستخدمة منذ عام 2010
وقال لـ”العرب”، “لا بدّ أن تكون لدينا مقاربة واضحة وجريئة لإصلاح القطاع، ويمكن إدراج اعتمادات استثنائية لتأمين نقل المواطنين”، لافتا إلى أن “اقتناء 300 حافلة يعتبر خطوة إيجابية في إطار وقف النزيف، ونأمل أن يكون القطاع في مستوى تطلعات المواطنين”.
وتابع مراد علالة ” نحتاج إلى إستراتيجية واضحة، وهناك مشاكل أيضا في النقل البري والحديدي والجوي”.
ويتزامن إطلاق وزارة النقل طلب العروض لفائدة اقتناء حافلات جديدة، مع دعوة الوزيرة المكلفة بتسيير وزارة النقل، سارّة الزنزري، الجمعة، خلال جلسة عمل بمقر الوزارة، إلى استكمال إنجاز البرنامج المتعلّق بإصلاح وإعادة استغلال 200 حافلة بصفة مستعجلة بقيمة 15.6 مليون دينار.
وأكدت وزارة النقل وفق بيانات نشرتها السبت أن طلب العروض الجديد يندرج في إطار إيجاد حلول عاجلة في مرحلة أولى وتدارك النقص الكبير الحاصل على مستوى جاهزية أسطول حافلات شركة نقل تونس.
وفي فبراير الماضي، استلمت تونس دفعة ثانية من حافلات فرنسية مستخدمة لمواجهة الأزمة المتفاقمة في القطاع.
وأعلنت وزارة النقل عن وصول 47 حافلة من بينها تسع حافلات مزدوجة عبر ميناء حلق الوادي بالعاصمة.
وهي دفعة ثانية من صفقة اقتناء تشمل 300 حافلة وقعتها شركة “نقل تونس” مع “الوكالة المستقلة للنقل بباريس” بكلفة تناهز 5.1 مليون دولار.
وذكرت شركة نقل تونس أن الحافلات التي تسلمتها، بحضور رئيسها المدير العام، عبدالرّؤوف الصّالح، هي حافلات إيكولوجية محافظة على البيئة مجهّزة بمصفاة جزيئات مطابقة للمواصفات الأوروبية “أورو 5″، وبدرج أوتوماتيكي، لتمكين ذوي الهمم من سهولة الولوج إلى الحافلة وتحديدا إلى الفضاء المخصّص لهم.
وكانت تونس استلمت دفعة أولى تشمل 122 حافلة من بينها 39 مزدوجة في أبريل الماضي.
ووقّعت تونس صفقات اقتناء مماثلة لحافلات مع نفس المزود في 2015 و2016 و2017، ولا يزال حاليا البعض منها في طور الاستغلال، وتقول الوزارة إن الحافلات تحمل مواصفات إيكولوجية.
وبحسب إحصاءات شركة النقل، فإن حالة التهرم والأعطاب تسببت في عام 2022 في خسارة حوالي نصف عدد الحافلات المستخدمة منذ عام 2010.
ويتسبب وضع النقل في تونس في مشكلات كبيرة أساساً لدى الطلاب والموظفين، إذ تراجعت استثمارات الحكومات في تحديث منظومة المترو والقطارات والحافلات.