الحكومة التونسية تخطو خطوات جدية في حل ملف الأساتذة المؤقتين

مطالب بالتعجيل في الإعلان عن القائمة النهائية للأساتذة المؤقتين ووضع خطة للتوظيف.
الجمعة 2024/12/20
بوادر لحل الملف المتوارث

تونس - توصلت وزارة التربية ونقابة التعليم الأساسي في تونس إلى اتفاق بشأن جملة من المطالب دعا إلى تلبيتها الطرف النقابي، وأهمها التعجيل بالإعلان عن القائمة النهائية للمدرسين المؤقتين (النواب) خارج الاتفاقية في انتظار التسوية ووضع خطة للتوظيف. ويعتبر الأساتذة المؤقتون إحدى الآليات التي تعتمدها وزارة التربية في تونس للتعويض المؤقت في سلك التعليم بالاعتماد على الخريجين الجامعيين، مع إبقائهم على لائحة الانتظار ما يمنحهم لاحقا الأولوية في التعيين عند تسجيل نقص في أعداد المدرسين.

ويرى هؤلاء أن العقود التي تربطهم بوزارة التربية هشة ولا تفضي إلى التوظيف، وكثيرا ما دعوا إلى تسوية الوضعيات عبر التوظيف المباشر والجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد الحلول وتنزيل الاتّفاق المطلوب بالرائد الرسمي حتّى يكون ملزما للجميع. وتم الاتفاق خلال جلسة تفاوض انعقدت الأربعاء بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي على تلبية جملة من المطالب القطاعية على غرار صرف منحة الريف والإعلان عن نتائج الترقية إلى رتبة أستاذ فوق الرتبة مميز درجة استثنائية، وبرمجة انعقاد اللجان الفنية للبت في بعض الملفات العالقة.

مراد علالة: منطق استمرارية الدولة يفرض تنفيذ الاتفاقيات السابقة
مراد علالة: منطق استمرارية الدولة يفرض تنفيذ الاتفاقيات السابقة

وذكر بلاغ إعلامي نشرته الجامعة على صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك أنه “تم الاتفاق بإشراف وزير التربية نورالدين النوري والوفد النقابي الذي يترأسه الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل عبدالله العش، على صرف منحة الريف للسنة الدراسية 2022 – 2023 مع منتصف شهر يناير 2025، فيما ستصرف، في مارس 2025، منحة الريف للسنة الدراسية 2023 – 2024 بعد إمضاء القرار من طرف وزير التربية والتأشير عليه في وزارة المالية”.

كما اتفق الطرفان على صرف ما تبقى من المستحقات الخاصة بالساعات الإضافية والتنشيط الثقافي خلال الثلاثية الثانية من السنة الدراسية، فيما تم تأجيل صرف ملحق منحة العودة المدرسية إلى حين توفر الموارد المالية اللازمة وهو قرار يهم كل القطاعات المعنية. وسيتم، حسب البلاغ، “في غضون اليومين القادمين، الإعلان عن نتائج الترقية إلى رتبة أستاذ فوق الرتبة مميز درجة استثنائية، على أن تصرف المستحقات المترتبة عنها في يناير 2025 بمفعول رجعي من أكتوبر 2023، وفق ما تم الاتفاق حوله خلال جلسة التفاوض التي حضرها ممثلو وزارتي المالية والوظيفة العمومية”.

وستنعقد، حسب الاتفاق، جلسات اللجان الفنية قبل نهاية ديسمبر الجاري، على أن تنظر اللجنة الأولى المتكونة من الجامعة العامة للتعليم الأساسي وإدارة الموارد البشرية والتفقدية العامة للتعليم بالوزارة، في إيجاد الحل لترسيم الموظفين الوقتيين وإسنادهم الأعداد القاعدية في الدوائر الشاغرة والتعجيل بالإعلان عن القائمة النهائية للمؤقتين (النواب) خارج الاتفاقية في انتظار التسوية ووضع خطة للتوظيف. وسيتم في ما يخص إعادة التصنيف من أ3 إلى أ2، انتظار الرد على الطلب من المحكمة الإدارية ووزارة المالية.

ودعا متابعون للشأن التونسي إلى عدم تكرار هذه التجربة التي خلفت احتقانا كبيرا في الشارع التربوي التونسي، وتم استخدامها من طرف الحكومات المتعاقبة كورقة ضغط سياسية يتم الالتجاء إليها متى تتطلب الأمر. وأفاد الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة بأن “ما تم الاتفاق عليه، يعد خطوة طال انتظارها، وخلقت حالة من الاحتقان داخل مكونات المنظومة التربوية، حيث إن الشباب المتخرج كان يتصيّد فرصة للعمل القار والكريم.” وأضاف لـ”العرب”، “يجب ألاّ تتكرر مثل هذه التجارب لأنها تبيّن أنها خلقت مشاكل في قطاع التعليم، ومنظومات الحكومات المتعاقبة كانت تسجّل نقاطا سياسية باعتماد هذا الملف، لكن منطق استمرارية الدولة يفرض تنفيذ الاتفاقيات السابقة.”

وكانت الوزارة قد أبرمت مع وزارة المالية في الثالث والعشرين من مايو 2020، اتفاقية تنصّ على أن تتم تسوية الوضعية المهنية للأساتذة المؤقتين تدريجيا على 4 دفعات، وتتمثل هذه التسوية في التوظيف الرسمي بعد سنوات من التعاقد، عبر الزيادة في الأجور والتمتع بالضمان الاجتماعي والعطل مدفوعة الأجر، وذلك ابتداء من السنة الدراسية 2020 – 2021 وصولا إلى السنة الدراسية 2023 – 2024.

باسل الترجمان: وزارة التربية تنفذ توجهات الرئيس قيس سعيد بالقطع مع آليات التشغيل الهش
باسل الترجمان: وزارة التربية تنفذ توجهات الرئيس قيس سعيد بالقطع مع آليات التشغيل الهش

وتشمل الاتفاقية الأساتذة المؤقتين المسجلين في قاعدة البيانات الخاصة بالوزارة المذكورة، على أن يتم توظيف حوالي 1000 أستاذ نائب في كل دفعة. غير أنه، مع انطلاقة السنة الدراسية 2023 – 2024 لم تلتزم وزارة التربية بتسوية وضعية الدفعة الرابعة من الأساتذة وفق ما نصت عليه الاتفاقية، لتبرم لاحقا في شهر مايو 2023، وزارة التربية ووزارة الشؤون الاجتماعية والجامعة العامة للتعليم الثانوي، اتفاقية ثانية تنص على التزام الوزارة بالتعاون مع الجامعة لتكوين لجان فنية لتدارك كيفية تسوية وضعية الأساتذة المؤقتين لكن الوزارة أخلت بها، ليواصل بعدها الأساتذة المؤقتون احتجاجاتهم للتنديد بتواصل تهميش حقوقهم.

وقال الكاتب والمحلل السياسي باسل الترجمان إن “وزارة التربية كانت تنفذ توجهات الرئيس قيس سعيد بالقطع مع آليات التشغيل الهش، وهذا ما يؤكد أن الحكومة الحالية لها مصداقية.” وصرّح لـ”العرب” بأن “هذا مكسب كبير لأنه سيفتح الباب أمام الإصلاح الجذري للتعليم، ولا يمكن تحقيق ذلك في ظل وجود مدرسين لا يتحصلون على رواتبهم، كما أن القرار يعكس رؤية إيجابية، والحكومة التي يقودها كمال المدّوري، تقوم اليوم بجهد كبير في تنفيذ التوجهات العامة للسلطة.”

وبالعودة إلى النقاط المتفق عليها، ستنعقد، حسب الاتفاق بين الطرف النقابي ووزارة التربية، “جلسات اللجان الفنية قبل نهاية ديسمبر 2024، على أن تنظر اللجنة الأولى المتكونة من الجامعة العامة للتعليم الأساسي وإدارة الموارد البشرية والتفقدية العامة للتربية بالوزارة، في إيجاد الحل لترسيم الأعوان الوقتيين وإسنادهم الأعداد القاعدية في الدوائر الشاغرة والتعجيل بالإعلان عن القائمة النهائية للنواب خارج الاتفاقية في انتظار التسوية ووضع خطة للانتداب. وسيتم في ما يخص إعادة التصنيف من أ3 إلى أ2، انتظار الرد على الطلب من المحكمة الإدارية ووزارة المالية”.

كما ستنظر اللجنة الثانية في استئناف العمل في ما يخص التكليف بإدارة مدرسة وخطة مساعد مدير، وستتولى اللجنة الثالثة دراسة الملفات الصحية المقدمة للإحالة على العمل الإداري. وتبحث لجنة أخرى متكونة من الجامعة العامة ووزارة التربية ووزارة المالية والهيئة العامة للوظيفة العمومية في مطالب القطاع المدرجة في لوائحه المنبثقة عن هيئاته الإدارية.

4