الحد من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.. كش ملك

حرب غزة الأخيرة زادت من معوقات التخلص من السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط وباتت إسرائيل تقول إن الخطر على وجودها ما زال قائما خصوصا بعد السابع من أكتوبر.
السبت 2024/06/01
لا أمل في شرق أوسط خال من السلاح النووي

الأسلحة النووية هي أخطر الأسلحة على وجه الأرض. فبإمكان سلاح نووي واحد تدمير مدينة بأكملها، ويتسبب بقتل الملايين احتمالا، ويعرّض للخطر البيئة الطبيعية للأجيال القادمة وحياتها، من خلال آثاره الوخيمة طويلة الأجل. إن الأخطار المترتبة على هذه الأسلحة تنشأ من وجودها ذاته. ومع أن الأسلحة النووية استخدمت مرتين فقط في الحرب (قصف هيروشيما وناغازاكي في عام 1945) يقال لا يزال هناك 22 ألف سلاح نووي في عالمنا اليوم، وأجريت حتى اليوم أكثر من 2000 تجربة نووية.

طبقاً لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تُعد جميع دول شمال أفريقيا أطرافاً غير حائزة عل التكنولوجيا النووية، باستثناء الجزائر ومصر اللتين تملكان، أو تخططان لامتلاك، برامج نووية سلمية.

وبخلاف الاشتباكات المتكررة في الشرق الأوسط، فإن نزع السلاح هو أفضل وقاية من هذه الأخطار، وإن يكن بلوغ هذه الغاية يمثل تحديا صعبا إلى أبعد الحدود. وللتذكير في عام 1968 قامت الأمم المتحدة باعتماد اتفاقية منع انتشار أسلحة الدمار الشامل والمعروفة باسم “معاهدة حظر الانتشار النووي” تكون بمثابة اتفاق دولي يهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية والتكنولوجيا وتعزيز التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

لا يمكن الحد من السلاح النووي في ظل تعنت إسرائيلي وبرنامج إيراني طموح. نحن أمام قوتين لكل منهما برنامجها التوسعي، وفي مثل هذه الأجواء لا أمل في شرق أوسط خال من السلاح النووي

وعند فتح باب التوقيع على هذه المعاهدة، وقّعت وصادقت عليها معظم دول العالم بما في ذلك دول خمس حائزة على الأسلحة النووية هي: الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا والصين. وأنشئت على مدى العقود القليلة الماضية خمس مناطق خالية من الأسلحة النووية، مع التزام الدول الموقعة، من بين التزامات أخرى، بعدم حيازة أسلحة نووية داخل الأراضي المشمولة بالمعاهدات المنشئة لمناطق خالية من الأسلحة النووية وبإبرام اتفاقات ضمانات شاملة مع الوكالة.

كانت هنالك أيضاً مبادرات لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، بما في ذلك الأسلحة النووية. مع كل ذلك ما زالت كل المقترحات حبرا على ورق، ولا زلنا في سباق محموم على امتلاك السلاح النووي، وهو بالتعريف المبسط العصا التي تلوّح بها الدول القوية للسيطرة على الشعوب والدول الفقيرة. فالأغراض السلمية للأسلحة النووية تأتي في مرحلة متأخرة. هل هناك من يقتنع أن إيران حمامة سلام وهدفها من المشروع النووي أغراض سلمية. ولا بد من التنويه، وهذا مهم، بأن المشروع الصفوي والفارسي ما زال حاضراً في العقلية الإيرانية، ولا ننسى ما يذكرنا به التاريخ من مجازر قام بها إسماعيل الصفوي لنشر المذهب الشيعي بالحديد والنار، اليوم اختلفت الأساليب ولكن ما زال الهدف حاضرا وهو المد الشيعي في دول المنطقة.

يمكن القول إن الحاجة اليوم إلى التعاون الدولي والاستجابة المشتركة للتحديات أشد من أيّ وقت مضى. رغم ذلك، يبدو أن هناك تراجعا في الرغبة على التعاون بين القوى الكبرى، وهنالك قدر مقلق من التخبط في السياسة الدولية، لكن تعقيد العديد من المشاكل التي يصعب حلها تحول دون وصول الدول الكبرى إلى اتفاق يحول دون انتشار السلاح النووي في الشرق الأوسط. منذ انطلاقة “الربيع العربي” ما زال الشرق الأوسط بؤرة ساخنة، فثمة تهديد إيراني لدول المنطقة يلوح في الأفق، إلى جانب ما تزعمه إسرائيل من وجود مخاطر تهدد وجودها (شماعة إسرائيل). كل ذلك يقف عائقا أمام تحقيق أي تقدم من شأنه الوصول بمنطقة الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من سلاح الدمار الشامل. فإسرائيل على سبيل المثال لديها حالة من الخوف والقلق من جيرانها وهي باستمرار تبحث عن مخارج وتحول دون طرح موضوع شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل.

هل هناك من يقتنع أن إيران حمامة سلام وهدفها من المشروع النووي أغراض سلمية. ولا بد من التنويه، وهذا مهم، بأن المشروع الصفوي والفارسي ما زال حاضراً في العقلية الإيرانية

في عام 2019 وهو عام مشهود في الجهود المبذولة للحد من السلاح النووي، للأسف لم تحقق الجهود أيّ مكاسب، بل حدثت بعض الانتكاسات في مجال الحد من الأسلحة النووية، فقد انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى عام 1987، وعلقت روسيا التزامها، واستمرت حالة عدم اليقين بين الطرفين حتى يومنا هذا.

لا يمكن الحد من السلاح النووي في ظل تعنت إسرائيلي وبرنامج إيراني طموح. نحن أمام قوتين لكل منهما برنامجها التوسعي، وفي مثل هذه الأجواء لا أمل في شرق أوسط خال من السلاح النووي. وهذا ما صرح به دبلوماسي روسي رفيع قائلا إن احتمالات إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط تبدو بعيدة جدا، لأن إسرائيل ترفض الحوار مع جيرانها، ودونها تفقد هذه المبادرة أي معنى.

لقد زادت حرب غزة الأخيرة من معوقات التخلص من السلاح النووي في الشرق الأوسط، وباتت إسرائيل تقول إن الخطر على وجودها ما زال قائما وخصوصا بعد السابع من أكتوبر، وهو مبرر كاف لعدم البت والنظر في الشرق الأوسط  كمنطقة خالية من السلاح النووي في الوقت الراهن. هذا بالإضافة إلى برنامج إيران الذي تعدى كونه برنامجا سلميا، فطهران على أعتاب أن تكون دولة نووية لتحقيق مشروعها الشيعي التوسعي والسيطرة على العالم السني. خلاصة القول: منطقة الشرق الأوسط دون سلاح نووي.. كش ملك.

9