الجمال كريم بطبعه

نحب المديح. يفعل الإنسان الأشياء الحسنة من أجل أن يرى تأثيرها على الآخرين الذين يردون إليه الإحسان عن طريق الثناء عليه.
ذلك أمر طبيعي. ولكنها عادة سيئة إن تمكنت من المرء. فهناك ما يمكن أن تفعله عن قناعة من غير أن تفكر في مردوده. إنك تفعل ما يرضيك.
في سياق ذلك أكتب عن أشياء أحبها. من غير أن أنتظر من أصحابها أن يثنوا علي. لقد فعلت ما رأيته مناسبا لسعادتي.
الكتابة عن الآخرين فيها الكثير من الكتابة الشخصية. ذلك لأنها تتعلق بذائقتي الجمالية التي أستطيع أن أقول إنها مع مضي الوقت صارت تعبر عن طريقتي في التفكير في الفن.
لذلك فإنني حين أكتب عن تجربة رسام ما إنما أسعى إلى نشر مفردات ذائقتي وأحاول أن أستميل القراء إلى نوع بعينه من الفن، هو ذلك النوع الذي أحبه.
لذلك لم أكن في حاجة إلى كلمة شكر من الفنان الذي أكتب عن تجربته بقدر ما كنت أشعر أنني مدين له بالشكر لأنني من خلال الكتابة عن تجربته كتبت عن تجربتي في التذوق الجمالي.
غير أن هناك اتصالين تلقيتهما من فنانين كتبت عنهما كانا بالنسبة لي أشبه بالمعجزة.
اتصل بي الفنان السعودي طه الصبان من غرفة العمليات ليشكرني وكتبت لي الفنانة اليمنية آمنة النصيري من بين ركام الحرب رسالة لتشكرني. وفي الحالين قلت لنفسي “إنها معجزة الجمال الذي يستدعي التفكير في الحب” كنت في الحالين عاجزا عن القبول بالموقف باعتباره مديحا.
كان الصبان يقاوم السرطان وكانت النصيري تقاوم الحرب وكنت من خلالهما قد استحضرت مزاجي الجمالي المريح. كنت على المستوى الإنساني أكثر الثلاثة ضعفا. أنا المدين بالشكر.
لقد حارب الاثنان عبر حياتيهما من أجل الجمال غير أنهما تفوقا علي. الأول يحارب المرض والثانية تحارب الحرب.
كانا أفضل من الكائنين اللذين كتبت عنهما. لقد تفوقا علي. نلت جائزة لا أستحقها من خلال مديحهما. كانا كريمين.