التونسيون يأملون أن تغيّر الانتخابات المحلية منوال التنمية في الجهات

قيس سعيّد يعلن موعد انتخابات مجالس الأقاليم والجهات في 24 ديسمبر القادم.
السبت 2023/09/23
التنمية الجهوية مطلب أهملته الحكومات السابقة

يستعدّ التونسيون لخوض محطة انتخابية جديدة تمثل المرحلة الأخيرة في مسار 25 يوليو 2021، ويأملون أن تغيّر المجالس الجديدة نسق المنوال التنموي في الجهات وترتقي بمستوى الخدمات الاجتماعية في البلاد.

تونس - تجري تونس لأول مرّة انتخابات محلية (مجالس الأقاليم والجهات) بنظامها الانتخابي الجديد نهاية العام الجاري، وسط تساؤلات المراقبين عن الإضافة التي سيقدمها النموذج الجديد تنمويا واجتماعيا، بعد سنوات من الانتظار تمّ فيها تغليب المصالح السياسية على حساب التنمية الجهوية.

وتشهد تونس تفاوتا جهويا في مستوى التنمية والاستثمار، ويتطلب بناء المشاريع التنموية الكثير من الوقت خصوصا في الجهات الداخلية.

ويقول مراقبون إن النموذج الانتخابي الجديد سيضع بيد المواطن صناعة القرار في جهته ويتكفّل بتحديد الحاجيات التنموية بعد أن كانت الدولة تلعب ذلك الدور في السابق.

ويقوم النظام النيابي الحالي في تونس على غرفتين نيابيتين، عوضا عن غرفة واحدة قبل حل البرلمان السابق.

ويفترض الدستور التونسي المصادق عليه في 25 يوليو 2022 أن توافق الغرفتان على عدد من مشاريع القوانين، من بينها قانون المالية، وكل مخططات التنمية المحلية والجهوية.

نبيل الرابحي: ستكون انتخابات قُرب تهم الشأن اليومي للمواطن
نبيل الرابحي: ستكون انتخابات قُرب تهم الشأن اليومي للمواطن

وأصدر الرئيس التونسي قيس سعيد، ليل الخميس، أمرًا بدعوة المواطنين إلى انتخابات أعضاء المجالس البلدية، بالجريدة الرسمية التونسية (الرائد الرسمي).

وجاء في الفصل الأول من الأمر عدد 588 “يُدعى الناخبون الأحد 24 ديسمبر 2023 إلى انتخاب أعضاء المجالس المحلية”.

وجاء بالفصل الثاني “ينشر هذا الأمر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية”، دون تفاصيل أخرى.

وقبلها بساعات أعلن سعيد أن الدورة الأولى للانتخابات المحلية بالبلاد ستجرى في 24 ديسمبر المقبل وأنّه ستكون هناك دورة ثانية سيتم الإعلان عنها إثر الإعلان عن نتائج الأولى.

وبحسب المرسوم المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، تعتبر كل عمادة (أصغر تقسيم إداري) دائرة انتخابية، تنتخب ممثلا واحدا عنها، ويتم انتخاب المجلس الجهوي (للولاية) بالقرعة بين أعضاء المجلس المحلي.

أما مجلس الإقليم فيتم الترشح له من الأعضاء المنتخبين في المجالس الجهوية، وكل مجلس جهوي ينتخب ممثلا واحدا له بمجلس الإقليم.

كما ينتخب كل مجلس جهوي 3 أعضاء لتمثيل جهتهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان).

وينتخب أعضاء مجلس كل إقليم نائبا واحدا لتمثيلهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

ويعتبر مراقبون أن إجراء الانتخابات المحلية، وتنصيب المجالس الجهوية ثم مجالس الأقاليم، قبل اختيار الغرفة الثانية للبرلمان (المجلس الوطني للجهات والأقاليم) هما المرحلة الأخيرة في تركيز مؤسسات “الجمهورية الثالثة”.

النموذج الانتخابي الجديد سيضع بيد المواطن صناعة القرار في جهته ويتكفّل بتحديد الحاجيات التنموية بعد أن كانت الدولة تلعب ذلك الدور في السابق

وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي “هي انتخابات منصوص عليها في الدستور، وهي انتخابات تنمية محلية بالجهات وليس المجالس البلدية التي هي في خدمة الصالح العام، وكل مواطن أصبح بيده سلطة القرار”.

وأكّد لـ”العرب” أن “التنمية أصبحت اليوم شأن المواطن وليس الدولة، وستكون انتخابات قُرب تهم الشأن اليومي للمواطن، والمواطنون سيحددون مصالح منطقتهم”، لافتا إلى أن “أموال الصلح الجزائي ستكون مخصصة للمناطق الأكثر فقرا”.

ويفضي الصلح الجزائي إلى توحيد مسار استرجاع الأموال المنهوبة من الدولة والجماعات المحلية والمنشآت والمؤسسات والهيئات العمومية أو أي جهة أخرى بقصد إعادة توظيفها في التنمية الوطنية والجهوية والمحلية وتحقيق المصالحة الوطنية في المجال الاقتصادي والمالي.

واستطرد الرابحي قائلا “على الهيئة المستقلة للانتخابات أن تقوم بدورها التوعوي وأن تعمم الومضات الدعائية للانتخابات”.

وتضمن الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، في عدده (108) الصادر الجمعة، الأمر عدد 589 لسنة 2023 المتعلق بتحديد تراب أقاليم الجمهورية التونسية والولايات (المحافظات) الراجعة بالنظر إلى كل إقليم.

وصدر الأمر قبل انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم المقرر تنظيم دورتها الأولى يوم 24 ديسمبر المقبل.

رضا الشكندالي: التجارب السابقة فضّلت فيها الديمقراطية على التنمية الجهوية
رضا الشكندالي: التجارب السابقة فضّلت فيها الديمقراطية على التنمية الجهوية

ونص الأمر، في فصله الأول، على أن تراب الجمهورية التونسية يتكون من خمسة أقاليم وتضبط حدودها على النحو التالي: الإقليم الأول يضم ولايات بنزرت وباجة وجندوبة والكاف، والإقليم الثاني يضم ولايات تونس وأريانة وبن عروس وزغوان ومنوبة ونابل.

فيما يضم الإقليم الثالث ولايات سليانة وسوسة والقصرين والقيروان والمنستير والمهدية.

ويشمل الإقليم الرابع ولايات توزر وسيدي بوزيد وصفاقس وقفصة، أما الإقليم الخامس فيتكون من ولايات تطاوين وقابس وقبلي ومدنين.

ووفق ما تضمنه الأمر، في فصله الثاني، يجتمع مجلس الإقليم بالتداول بين الولايات المكونة للإقليم. وتنعقد الاجتماعات في مقر الولاية.

ويتغير مقر الاجتماع كل ستة أشهر بالنسبة إلى كل إقليم وفق الترتيب المنصوص عليه بالفصل الأول من هذا الأمر.

وينص الفصل الثالث على أن تضع الولايات المكونة للإقليم على ذمة مجالس الأقاليم كل الوسائل البشرية والمادية اللازمة بما يضمن حسن أدائها لمهامها.

وتأتي هذه الخطوات المنتظرة عقب إجراء الاستفتاء على الدستور في 2022، والانتهاء من انتخاب الغرفة الأولى للبرلمان (مجلس نواب الشعب البالغ عدد أعضائه 217 نائبا) مطلع العام الجاري، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة أحمد الحشاني في أغسطس الماضي.

وأفاد رضا الشكندالي أستاذ الاقتصاد أن “منسوب الثقة تراجع بصورة كبيرة لدى الشعب التونسي في السنوات الأخيرة، والتونسيون جرّبوا مؤسسات الانتقال الديمقراطي لمدة 10 سنوات، وتمّ فيها تفضيل الديمقراطية على التنمية الجهوية”.

وقال في تصريح لـ”العرب”، “نخشى أن يؤثر العامل النفسي في نسبة الإقبال على الانتخابات، ولكن الجميع ينتظر إجراءات اقتصادية عاجلة، وبالتالي يجب المشاركة المكثفة حتى يتبيّن أنه توجد ثقة في المستقبل”، مضيفا أن “العمل على إصلاح الجانب التنموي سيتطلب سنة كاملة على الأقل”.

وتهم الانتخابات المحلية تكوين 279 مجلسا محليا بانتخابات تجرى في دوائر ضيقة على الأفراد وعلى دورتين على غرار الانتخابات التشريعية التي جرت كذلك على دورتين، وكل معتمدية تصعد أحد أعضاء المجلس المحلي بالقرعة، ليكون عضوا في المجلس الجهوي، علما وأن تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم يأتي تنفيذا للمرسوم عدد 10 الصادر في 8 مارس 2022.

4