التكرار في المواضيع الروائية سمة طاغية في الأدب البحريني

لا شك بأن رياح الربيع العربي التي عصفت بالبحرين لا تزال آثارها منعكسة على المشهد الثقافي والفني، فصغر الجغرافيا يجعل من المتابع مستبصرا لكافة فعالياتها على المستويين الحكومي والأهلي، ومع أن حرارة الصراع بين الفصائل السياسية مازالت قائمة، إلاّ أن المشهد الفني بقي مستمرا رغم قناعة المثقفين بضرورة تجاوز المرحلة السابقة والوقوف على وعي إنساني جديد يتخذونه كمظلة شاملة لأنشطتهم ومحافلهم الثقافية والفنية.
الخميس 2017/12/28
القصة القصيرة.. جزيرة تظهر فجأة لتختفي سريعا (لوحة للفنان جبرا إبراهيم جبرا)

لا شك بأن رياح الربيع العربي التي عصفت بالبحرين لا تزال آثارها منعكسة على المشهد الثقافي والفني، فصغر الجغرافيا يجعل من المتابع مستبصرا لكافة فعالياتها على المستويين الحكومي والأهلي، ومع أن حرارة الصراع بين الفصائل السياسية مازالت قائمة، إلاّ أن المشهد الفني بقي مستمرا رغم قناعة المثقفين بضرورة تجاوز المرحلة السابقة والوقوف على وعي إنساني جديد يتخذونه كمظلة شاملة لأنشطتهم ومحافلهم الثقافية والفنية.

صحيفة “العرب” توقفت في حصادها السنوي مع بعض المثقفين النوعيين للحديث عن المشهد الثقافي في البحرين خلال العام 2017، ومن هناك أكد الناقد البحريني فهد حسين أنه “بعيدا عن السرد التاريخي والفني الذي يتتبع مسيرة الكتابة الروائية البحرينية، نقف في هذه العجالة في ما نحن فيه اليوم، أي أن الرواية البحرينية لم تتراجع في الصدور قياسا بعدد السكان والمساحة الجغرافية، فمنذ الثمانينات والرواية لها حضور ملفت في المشهد الثقافي البحريني، ولكن بموجة التسونامي في الكتابة الروائية على مستوى العالم والعالم العربي بشكل خاص ومنطقة الخليج العربي على وجه التحديد، فإن الكم الهائل لم يعد قياسا في التجربة الإبداعية السردية، والبحرين ضمن هذا الفضاء”.

ويكمل فهد راصدا ومتابعا للأعمال الروائية الصادرة “هناك محاولات في الكتابة الروائية بالبحرين من النساء والرجال على حد السواء، غير أن مقياس هذه المحاولات يكمن في الجدية بمفهوم الكتابة الروائية، والوعي بالكتابة نفسها، وبالدراية العميقة بأهمية هذا الفن، ودوره في المجتمع والإنسان والحياة، لذلك ومن خلال التتبّع لعدد من إصدارات بعض الكتاب والكاتبات في البحرين نجد التكرار في الموضوعات التي تناولتها أعمال أخرى محلية وغير محلية، وهذا ما يأخذ الكاتب أو الكاتبة إلى الاستسهال في الكتابة وكأن الرواية عالم طيع التناول، بسيط التحضير، شفاف التعاطي معه”.

فهد حسين: علينا في البحرين أن نفكر في آليات الكتابة وليس الكتابة نفسها

ويضيف “لهذا غالبا ما نجد في الأعمال الروائية البحرينية هذا التكرار المعني بالمواضيع المتناولة، مثل الدعوة إلى التأمل في طبيعة عيش المرأة بين أفراد أسرتها وتلك الضغوط التي قد تعرقل مسيرة تطلعاتها، وهذا يأخذك مباشرة إلى طموحاتها وآمالها ودراستها وعلاقاتها والحرية التي تنشدها، وربما تدخل في عالم آخر يتصل بالهوية، وهو موضوع بات تناوله في العمل الروائي وكأنه حالة مكانية في الوقت الذي من الممكن مناقشتها في العمل من بعدين مهمين الفلسفي والثقافي، وبطريقة إبداعية وتخييلية”.

يشبه القاص البحريني عبدالعزيز الموسوي القصة القصيرة بالجزيرة التي تظهر فجأة في وسط المحيط، لا يعلم أحد تماما من أين جاءت وكيف ظهرت، وعندما تطمئن لصلابة هذه الجزيرة وتعتقد أنها باقية للأبد تختفي تماما مثلما ظهرت فجأة.

ويقول الموسوي “بهذا التشبيه المجازي نستطيع أن نقول إن الطاقة القصصية موجودة في المشهد البحريني وإن كانت غير مرئية، إن التجارب والمبادرات الفردية أثبتت أن البحرين قادرة على المنافسة عربيا لو قدّر لهذه الطاقات المحفز الذي لم يظهر طوال هذه السنوات للأسف، لذلك تختفي الطاقات باختفاء المبادرات المتفرقة والفردية”.

ويؤكد الموسوي أنه “لا توجد مشاريع في هذا العام، كل ما هناك حراك موسمي غير مستقر، ولا يعوّل عليه في خلق مشهد حقيقي مستمر، فالجهات الرسمية القادرة على تبني مثل هذه المشاريع مشغولة بما يحقّق لها المكاسب السريعة، لا تريد العمل الذي يستغرق خطة طويلة الأمد تنتج عنها مشاريع جادة في كتابة القصة. إن روح المنافسة في كتابة القصة معدومة والإضاءات التي تطفو على السطح بين زمن وآخر كلها تجارب فقاعية تموت بفعل الإهمال وعدم الاحتواء، ما الجديد في هذا العام؟ فقاقيع أخرى وحسب”.

15