البرلمان المصري يتحرك لإقصاء معارضين والتمهيد لتعديل الدستور

القاهرة – يصادق البرلمان المصري، الثلاثاء، على إسقاط عضوية عدد من نواب ائتلاف 25-30 المعارض، في آخر جلسات دور الانعقاد الثالث لمجلس النواب، ومنتظر أن يتم خلالها التصويت على منح الثقة لحكومة مصطفى مدبولي، التي أدت اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي في 14 يونيو.
وترى دوائر سياسية أن إسقاط عضوية نواب اعتادوا إحراج الحكومة أمام الشارع قد يكون مرتبطا بانتشار دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لتعديل الدستور، بشكل يسمح للرئيس السيسي الترشح لولاية ثالثة.
ومرجح عدم ممانعة البرلمان إجراء تعديلات على الدستور، لكنه بحاجة إلى التخلص أولا من بعض المعارضين داخله، أو تقليم أظافرهم السياسية، حتى لا تواجه التعديلات بحملة مضادة من داخل المجلس، تدعمها أطراف معارضة خارجه.
ورأى محـمد أنور السادات البرلماني السابق، أن التلويح بإسقاط العضوية عن نواب معارضين على صلة بنية المجلس لتعديل الدستور، احتمال قوي يرتبط بما تشهده الساحة السياسية من مضايقات غير مسبوقة لإغلاق المنافذ العامة أمام المعارضة.
وأضاف لـ”العرب” أن طرح تعديل بعض مواد الدستور، ومنها ما يتعلق بفترة حكم الرئيس، يحتمل أن يكون خلال دورة الانعقاد الرابع في 2019، أي قبل انتهاء مدة المجلس في يناير 2020، لافتا إلى أن “ما يجري الإعداد له يسيء للسيسي، لأنه سبق وأعلن احترامه للدستور وأكد رفضه إجراء تعديلات عليه”.
وأوضح السادات، الذي أسقطت عضويته في البرلمان العام الماضي، أن التخلص من المعارضة البرلمانية يوسع دائرة المعارضين، ويزيد من تآكل شعبية النظام.
وعلمت “العرب” أن التصويت على إسقاط العضوية يشمل أربعة نواب، ممن سبق وأحيلوا إلى لجنة القيم، على خلفية اتهامات سابقة بارتكاب وقائع مخالفة للائحة الداخلية للمجلس، بينها تهشيم “ميكروفون” وتعطيل عمل البرلمان، والتحدث خلال التصويت على القوانين، وتشويه صورة مجلس النواب.
وكان علي عبدالعال رئيس مجلس النواب، قال خلال الجلسة العامة للبرلمان، الثلاثاء الماضي، موجها حديثه لأعضاء الائتلاف المعارض “لن تكونوا مع بعضكم البعض في هذا المجلس ابتداء من الأسبوع المقبل، وسيتم التصويت على إسقاط عضوية من تجاوزوا في حق البرلمان خلال الفترة السابقة”.
وأوحى حديث رئيس البرلمان بأنه تم حسم أمر إسقاط عضوية نواب معارضين، وأن التصويت على ذلك مجرد تحصيل حاصل، في مؤشر يعكس إحكام السيطرة على الأغلبية البرلمانية وتوجيههم إلى تنفيذ ما يملى عليهم.
ويقول معارضون إنه كان الأولى أن يتحرك البرلمان لإسقاط عضوية أكثر من مئة نائب لتغييرهم الصفة الحزبية، في ظل نص المادة 110 من الدستور على أن “تغيير البرلماني للصفة التي انتخب عليها، يستوجب إسقاط عضويته”.
ويتكون الائتلاف البرلماني المعارض من حوالي 16 نائبا، اعتادوا الوقوف في وجه قرارات الحكومة والقوانين المقدمة منها، وهو ما تعتبره الأغلبية البرلمانية تعطيلا للمجلس.
وقال البرلماني هيثم الحريري، أحد المهددين بإسقاط العضوية، لـ”العرب” “مازلنا نتعامل مع الأمر على أنه تهديدات، وهذا توجه معتاد من رئيس البرلمان.
وحسب قانون مجلس النواب ولائحته الداخلية، يتطلب إسقاط العضوية موافقة ثلثي الأعضاء، على أن يكون سبب الإسقاط مرتبطا بالخروج عن القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية أو المبادئ الأساسية، السياسية والاقتصادية، للمجتمع المصري والإخلال بواجبات العضوية.
واعتاد البرلمان اللجوء إلى إسقاط العضوية عن معارضين، لتحجيم دائرة الرافضين لتوجه المجلس منذ بداية عمله في يناير 2016، ومن هؤلاء النائب محمد أنور السادات بتهمة “الحط من قدر البرلمان”، وتوفيق عكاشة على خلفية استقباله السفير الإسرائيلي بمنزله.
ويأخذ تحجيم المعارضة أكثر من آلية، تبدو قريبة من إسقاط العضوية، على غرار رفض تنفيذ الحكم القضائي النهائي الذي حصل عليه عمرو الشوبكي الكاتب والمعارض للحكومة، بأحقيته في عضوية المجلس على مقعد النائب أحمد مرتضى منصور.
ويخشى متابعون أن يكون التخلص من المعارضين داخل البرلمان تنفيذا لتوجيهات حكومية، أو أن المجلس يتبرع لإثبات الولاء للسلطة التنفيذية، وفي الحالتين، يحمل الأمر أبعادا خطيرة تكمن في أن الجهة التشريعية والرقابية أصبحت “ديكورا للإيحاء باكتمال مؤسسات السلطة في مصر”، خاصة أن المجلس لم يقدم على مدار أكثر من عامين استجوابا واحدا لأي من أعضاء الحكومة.
ورأى النائب محـمد عبدالغني، عضو الائتلاف المعارض، أن “التلويح بإسقاط العضوية عقاب على استخدام النواب حقهم في التعبير عن رأي أكثر الجمهور المعارض لسياسات الحكومة والقوانين التي يمررها البرلمان”.
وتبرر جهات حكومية التضييق على المعارضة، بأن النظام بحاجة إلى المزيد من الاصطفاف الوطني لمواجهة ما تعتقد أنه “مؤامرات داخلية وخارجية” تريد زعزعة الاستقرار وتعطيل خطط التنمية وإثارة البلبلة لخدمة مصالح جهات معادية.
وخلال حفل عسكري الأحد قال الرئيس عبدالفتاح السيسي “الخطر الحقيقي الذي يمر ببلادنا هو خطر واحد فقط، خطر التفجير من الداخل، عن طريق الضغط والشائعات والأعمال الإرهابية وفقد الأمل والإحساس بالإحباط بهدف تحريك الناس لتدمير بلدهم”.