البرلمان التونسي ميدان للشجار وغلق الأبواب أمام المعارضين

استياء واسع من محاولات النهضة وحليفيها الهيمنة على البرلمان.
الأربعاء 2021/03/24
صمت على تجاوزات النهضة

تونس - شهد البرلمان التونسي فصلا جديدا من تبادل العنف اللفظي والجسدي وسط حالة من الهرج تحولت إلى فوضى عكست فشل رئيس البرلمان راشد الغنوشي في إدارة المؤسسة التشريعية التي فقدت ثقة غالبية الأوساط السياسية وفئات واسعة من الشعب التونسي.

وتعطلت أعمال جلسة عامة للبرلمان عقدت الثلاثاء في أعقاب اتساع دائرة الفوضى داخل قاعة الجلسة، ما دفع النائب الأول لرئيس البرلمان سميرة الشواشي إلى رفع الجلسة في مناسبتين إثر تحول الفوضى إلى اعتداء على عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر (16 مقعدا برلمانيا)، وكذلك على النائب اليساري المستقل منجي الرحوي.

وتداول نشطاء فيديو يُظهر عبير موسي وهي تؤكد تعرضها للضرب من أحد نواب حركة النهضة الإسلامية، لتثبت مريم اللغماني النائب المستقل حصول هذا الاعتداء وإقدام عدد من الموظفين الإداريين بالبرلمان على غلق باب القاعة أمامها لمنعها من الدخول، وذلك في سابقة خطيرة تأتي بعد قرار مُثير للجدل صادر عن رئيس البرلمان.

وشمل قرار منع دخول موسي عددا آخر من النواب منهم منجي الرحوي الذي تمسك بحقه في الدخول إلى قاعة البرلمان، منتقدا بشدة مثل هذه الممارسات التي تتنافى مع القانون والنظام الداخلي للبرلمان، ليتحول الأمر إلى سجال تخللته العديد من الانتقادات والاتهامات الموجهة إلى راشد الغنوشي بصفته رئيسا للبرلمان.

ولم يتردد النائب زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب (16 مقعدا برلمانيا)، في القول إن ما حصل الثلاثاء في البرلمان هو نفسه الذي حصل خلال الأيام الأخيرة وما سيحصل في الأيام القادمة، باعتبار أن هذه المؤسسة التشريعية “أصبحت أضحوكة”، بالنظر إلى وجود رئيس برلمان وصفه بـ”العاجز والفاشل”.

واعتبر المغزاوي في تصريحات إذاعية أن رئيس البرلمان “ليس له أي دور في تخفيف الاحتقان داخل البرلمان”، مُعربا عن اعتقاده بأنه “لن يتسنى للبرلمان المواصلة بنفس الطريقة”، وشدد على أن مؤسساته “غير قادرة على إنتاج حلول”.

حاتم المليكي: الغنوشي يؤسس لدكتاتورية جديدة
حاتم المليكي: الغنوشي يؤسس لدكتاتورية جديدة

ورأى أن الحل سياسي يكمن في اجتماع من وصفهم بالعقلاء من داخل البرلمان ومن خارجه لإيجاد حلول، بما في ذلك طرح استقالة راشد الغنوشي.

وأثار هذا الوضع استياء العديد من النواب الآخرين الذين انتقدوا بشدة محاولات حركة النهضة الإسلامية وحليفيها حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة للهيمنة على البرلمان الذي شهد الكثير من المشاحنات وتبادل الاتهامات والشتائم، وحتى التشابك بالأيدي خلال الفترة الماضية.

وانتقد النائب حاتم المليكي هذا القرار الذي وصفه بغير الديمقراطي وغير الدستوري ويؤسس لدكتاتور ودكتاتورية، في إشارة إلى القرار الذي اتخذه الغنوشي الخميس الماضي بمنع عبير موسي من حضور اجتماع لمكتب البرلمان.

وكتب المليكي في حسابه على فيسبوك “هذا القرار غير ديمقراطي، وسيفضي إلى وجود من هو فوق القانون أي تقريبا سلطان، وهو أيضا غير دستوري باعتباره يمنع الحق في الاحتجاج على ممارسات أو قرارات أو تصريحات، بما قد يؤسس لدكتاتور ودكتاتورية”.

وشدد على أنه يتعين على من يرغب في إرساء ديمقراطية حقيقية وضمان سيادة القانون أن يكون قدوة وأن يفكر في طريقة تسيير جديدة تضمن الحياد والنزاهة.

وتُجمع القراءات التي تناولت أحداث العنف التي عرفها البرلمان التونسي، خلال هذه الدورة البرلمانية الجديدة برئاسة الغنوشي والتي نددت بها الأحزاب السياسية ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني، على أنها ما كانت لتحدث لولا فشل الغنوشي في إدارة الخلافات داخل البرلمان.

ويمارس الغنوشي صمتا أمام التجاوزات التي يرتكبها أعضاء من كتلة حركة النهضة التي يرأسها، إضافة إلى أعضاء كتلة ائتلاف الكرامة الذين يروجون للتطرف بخطاب مشحون بعبارات التخوين والتكفير تحت قبة البرلمان، الأمر الذي يفاقم تسميم الأجواء العامة في البلاد ويزيد من حدة التوتر.

وتتالت خلال الفترة الماضية الدعوات المُطالبة بحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات برلمانية سابقة لأوانها، وأصبحت تجد صدى لها لدى المواطنين، حيث خرج المئات من التونسيين الأحد في مسيرة وسط العاصمة بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لاستقلال تونس، رفعوا فيها شعارات تُطالب بحل البرلمان وإسقاط منظومة الحكم في البلاد.

1