البراغماتية تتحكم بمشاركة إخوان الجزائر في الاستحقاقات الانتخابية

حركة حمس متحمسة للانتخابات المبكرة، لتؤكد مبدأ المشاركة الذي يعتمده الإخوان الذين لم يقاطعوا أي استحقاق.
الاثنين 2021/02/01
لا اعتراضات على المشاركة في الانتخابات

خرجت حركة مجتمع السلم (حمس)، أكبر الأحزاب الإخوانية في الجزائر عن صمتها، حيث أعلنت أنها ستشارك في الانتخابات المبكرة ما يعكس وفقا لمراقبين، حفاظ التيار الإخواني على انخراطه في أجندات السلطة والاستحقاقات التي تنظمها، رغم الهزيمة التي مُني بها ممثلو هذا التيار في انتخابات 2017.

الجزائر – أبدت أكبر الأحزاب الإخوانية في الجزائر استعدادها للتكيف مع شرط المناصفة بين الجنسين في لوائح الترشيح، المنصوص عليه في مسودة قانون الانتخابات الجديد، المعروض على الطبقة السياسية من أجل الإثراء والمناقشة، في تلميح لقدرتها على تعبئة قواعدها النسوية عكس الأحزاب الأخرى التي أبدت تخوفها من المسألة.

وذكر رئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري، في ندوة صحافية عقدها بالعاصمة، أن “هذا الشرط لا يخيف حمس، وأن المناصفة لا تخيفنا لأن للمرأة حضورا قويا في الحركة ومنذ بداياتها في تسعينات القرن الماضي، والمرأة كانت جزءا من سيرة نبينا الكريم، ولا ننتظر القوانين حتى نُنصفها”.

كما لم يبد أي تخوف من شرط تخصيص القانون الجديد ثلث لوائح الترشيح، لفائدة الشباب الأقل من 35 عاما، واستند في ذلك إلى أن “المكاتب الولائية لحركة حمس يقودها شباب، والشباب هم الوعاء الانتخابي لحمس”.

ويبدو أن حركة حمس، متحمسة لدخول غمار الانتخابات المبكرة المنتظرة قبل نهاية السداسي الجاري، لتؤكد بذلك مبدأ “المشاركة” الذي يعتمده الإخوان في مسارهم السياسي، حيث لم يحدث أن قاطعوا أيا من الاستحقاقات الانتخابية، رغم الانتقادات التي يوجهونها لها في نهاية المطاف.

ومنذ نشأتها في مطلع تسعينات القرن الماضي، دأبت حمس التي تكيفت مع كل التحويرات التي أدرجت على المنظومة الحزبية في البلاد، على المشاركة في مختلف الاستحقاقات، بدعوى أن المشاركة هي التي تسمح بإحداث التغيير من الداخل ومن ممارسة دور الرقابة على المؤسسات التنفيذية.

وحتى لما سحب منها البساط في رئاسيات مطلع الألفية، لما رُفض ملف ترشيح مؤسسها محفوظ نحناح في الاستحقاق الرئاسي، عمدت في النهاية إلى دعم مرشح السلطة آنذاك الرئيس الأسبق عبدالعزيز بوتفليقة، رغم أن السباق تضمن إخوانيا آخر وهو عبدالله جاب الله، قبل أن تجدّ حادثة انسحاب المرشحين الستة عشية رئاسيات 1999.

ومع ذلك يبدو أن عبدالرزاق مقري، الذي أعلن عن توجيه حركته لوثيقة الإثراء الخاصة بها إلى مصالح رئاسة الجمهورية، غير مطمئن تماما لآليات وإمكانيات التزوير التي لا زالت قائمة، بحسب التصريح الذي أدلى به لوسائل الإعلام في ندوته الصحافية.

في انتظار الاستحقاق الانتخابي
في انتظار الاستحقاق الانتخابي

ودعا مقري السلطة إلى “ضرورة التحلي بالإرادة السياسية في محاربة التزوير وحماية الانتخابات لتعزيز الثقة بين الحاكم والمحكوم، وأن تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، لن يتحقق إلا بوجود إرادة سياسية حقيقية لدى النظام وليس بالقوانين المكتوبة”.

ولا يزال الإسلاميون في الجزائر، يحتفظون بالذكرى المؤلمة لنتائج الانتخابات المنتظمة في 2017، والتي أبانت عن تراجع رهيب لوعائهم الانتخابي، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الإسلام السياسي، حيث منيت أغلبية الأحزاب الإسلامية بهزيمة ثقيلة، ولم يجد منظروها إلا مشجب التزوير والتلاعب بالأصوات لتبريرها.

وكشف مقري عن تقدم حركته باقتراحات حول مسودة مشروع القانون العضوي للانتخابات، خصوصا في ما يتعلق بالتزوير وتضخيم النتائج ومحاربة المال الفاسد، غير أنه لم يكشف للصحافيين عن مضمون تلك الاقتراحات.

وطالب بـ”تسليط أغلظ العقوبات على المزورين، وعدم إسقاط التهمة بالتقادم، وبرفع عدد المراقبين من 5 إلى 7 أمام المكاتب، والسماح بتدوين  الملاحظات في محاضر الفرز”.

كما أعرب عن عدم تخوف حمس، من عتبة الأربعة في المئة التي وضعتها مسودة القانون، وأبدى تفهمه لما أسماه بـ”انشغالات الأحزاب الأخرى”، في إشارة إلى الطبقة الحزبية الجديدة أو التي لم تشارك في استحقاقات انتخابية سابقة، التي طالبت بعدم تطبيق بند العتبة بأثر رجعي، على اعتبار أنه لا يحقق مبدأ التساوي وتكافؤ الفرص بين جميع الأحزاب.

وفيما أثنى على الاقتراع النسبي على القوائم المفتوحة المقترح في مشروع قانون الانتخابات، كونه ينهي حقبة بيع المقاعد وترتيب القوائم داخل الأحزاب، ويقطع الطريق على هيمنة المال السياسي، الذي شوه برأيه “تركيبة المؤسسات المنتخبة في السابق”، لم يوضح موقف الحركة مما وصفته أحزاب إسلامية أخرى بـ”علمنة التشريع رغم الطابع المحافظ للمجتمع الجزائري”، في إشارة إلى شرط المناصفة.

ورغم تزايد حالة الاحتقان الاجتماعي والسياسي في البلاد خلال الأسابيع الأخيرة، نتيجة تدهور الأوضاع الحقوقية والاقتصادية، وعودة الاحتجاجات في بعض المناطق من البلاد، دخلت غالبية الطبقة الحزبية في سباق مع الزمن لترتيب أوراقها تحسبا لدخول الاستحقاق المبكر.

4