الانتخابات تزج بالقضاء الليبي في التجاذبات السياسية

ستيفاني صغير وليامز: يجب إبعاد القضاء عن النفوذ السياسي والخلافات.
الأربعاء 2021/12/15
المناكفات بشأن الانتخابات تطال القضاء

دخل القضاء الليبي الثلاثاء دوامة التجاذبات السياسية بعد حدوث تغييرات على رأس المجلس الأعلى للقضاء وتركيبته تنفيذا لقانون تم نشره على نطاق واسع مساء الاثنين على أنه صادر عن مجلس النواب الذي تبرأ منه، ما يعكس الزج بالقضاء في الصراع السياسي في ظل العملية الانتخابية التي تتعثر قبل تسعة أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية.

تونس- فجر قانون منسوب إلى البرلمان الليبي ينص على إدخال تعديلات على النظام القضائي بما يشمل تغييرات على رأس وتركيبة الهيئات القضائية، جدلا واسعا عكس إقحام القضاء في دوامة التجاذبات السياسية المرتبطة بالانتخابات الرئاسية التي تتضاءل فُرص إجرائها في موعدها في الرابع والعشرين من ديسمبر.

وينص القانون، الذي تداولته وسائل إعلام محلية على نطاق واسع وتبرأ منه البرلمان، على تعديل نظام القضاء الصادر عام 2006.

وبحسب ديباجة القانون المتداول فإنه تم تمريره خلال الجلسة البرلمانية العادية رقم 1 لسنة 2018 والمستأنفة في جلسة أخرى في العشرين من سبتمبر 2019.

محمد العباني: الصراع حول السلطة هو السبب في ما يحصل بشأن القضاء الليبي

ونفى رئيس البرلمان المكلف فوزي النويري علمه بشأن إصداره قانونا لإعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاء، مشيرا إلى أن الهيئة فوجئت بتداول القانون في وسائل الإعلام. 

وقال النويري في تصريح لقناة “ليبيا بانوراما” إنه يجري التحقق من وجود جلسة مسجلة في هذا التاريخ، والتحقق من عرض القانون خلالها، لافتا إلى أنه في حال ثبوت عدم وجوده “سوف نتخذ كافة الإجراءات القانونية حيال ذلك”.

ويقضي نص القانون المتداول بإعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاء، بحيث يتولى رئاسته رئيس إدارة التفتيش على الهيئات القضائية ويكون النائب العام نائبا له، بدلا من القانون الحالي المنظم لهيكل المجلس الأعلى للقضاء والذي يترأسه رئيس المحكمة العليا، فيما يكون رئيس إدارة التفتيش على الهيئات القضائية نائبا له.

ويحل محل رئيس المجلس عند غيابه أو قيام مانع به نائبه ثم أقدم مستشاري محاكم الاستئناف، ولتسيير أعمال المجلس تكون له شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة من الميزانية العامة للدولة، وتكون لرئيس المجلس اختصاصات رئيس المصلحة في ما يخص الصرف من هذه الميزانية.

والثلاثاء نفى رئيس مجلس القضاء محمد الحافي تسليم رئاسة المجلس، وذلك بعد أن عقد المجلس اجتماعه الاستثنائي بتركيبته الجديدة تنفيذا لما جاء في القانون الجديد.

وترأس رئيس إدارة التفتيش على الهيئات القضائية مفتاح القوي الثلاثاء اجتماع المجلس الأعلى للقضاء بحضور النائب العام الصديق الصور بصفته نائب الرئيس، وعدد من المستشارين أعضاء المجلس حيث بحث الاجتماع الشأن القضائي، ووضع القانون المثير للجدل موضع التنفيذ بشأن إعادة تشكيل المجلس.

وترى أوساط سياسية ليبية أن المستجدات المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء جاءت بسبب التجاذبات السياسية، التي تشهدها البلاد والمتعلقة بالسباق إلى الرئاسة رغم أن إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها بات شبه مستحيل، حيث لم تُطلق بعد حملات الدعاية الانتخابية ولم يُعلن عن القائمة النهائية للمترشحين قبل تسعة أيام من موعد الاقتراع المحدد.

عزالدين عقيل: وليامز هي من ستحسم النزاع حول المجلس الأعلى للقضاء

وتعتقد تلك الأوساط أن توقيت تسريب هذا القانون وبدء تنفيذه يبدو لافتا، خاصة في ظل تعثر العملية الانتخابية ما سينتج عنه حدوث تغييرات على مستوى المسار الانتخابي سواء المتعلق بالمترشحين أو غيره.

وقال عضو البرلمان الليبي محمد العباني إن “الصراع والنزاع حول السلطة هو السبب في ما يحصل بشأن القضاء، من هو في السلطة ومن يفكر في التزوير وقام بالتزوير هو المستفيد مما يحدث”.

وأضاف العباني في تصريح لـ”العرب” أن “القانون الذي أعاد تنظيم الهيئات القضائية فجر اختلافات بين الحافي والقوي وهو اختلاف حول السلطة وإدارة الهيئات القضائية، وشخصيا باعتباري عضوا في البرلمان أشك في صدور القانون المذكور ولم أتغيب عن الجلسات في هذه الفترة وفترة صدوره، أستغرب وجوده وإن صدر فإنه ينبغي أن يُنفذ بحكم القانون لكني لم أحضر لصدوره”.

ومساء الاثنين التقت المبعوثة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز، الحافي في خطوة تثير تساؤلات حول التأثير الذي يمكن أن تمارسه بشأن السجالات الدائرة حول القانون المذكور ورئاسة المجلس الأعلى للقضاء.

وشددت وليامز على أن “الأهمية الحاسمة للحفاظ على وحدة القضاء واستقلاليته، بعيدا عن كل النفوذ السياسي والخلافات”، مضيفة أنها “لن تتهاون الأمم المتحدة مع الترهيب والاعتداء على القضاة والأجهزة القضائية”.

وقال المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل “لا أعرف موقف وليامز من الجدل الذي تفجر بسبب رئاسة مجلس القضاء لكن ما تريده هي سيتم القيام به في هذا الصدد، هي من ستحسم النزاع حول رئاسة المجلس، فهي رئيسة ليبيا الحقيقية في ظل ارتهان الأطراف الليبية الداخلية للخارج”.

وأوضح عقيل في تصريح لـ”العرب” أنه “إذا تم تغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء وبقية الهيئات القضائية، فإن هذه الخطوة مسيسة وانتقامية ناجمة عن اكتشاف أشياء أو غيرها”.

أوساط ترى أن توقيت تسريب هذا القانون وبدء تنفيذه يبدو لافتا، خاصة في ظل تعثر العملية الانتخابية ما سينتج عنه حدوث تغييرات على مستوى المسار الانتخابي

وتأتي هذه التطورات في وقت من المرتقب أن يلعب فيه المجلس الأعلى للقضاء والقضاة دورا هاما في مسار الانتخابات الليبية، خاصة في ظل ما يحوم حول مترشحين من شبهات تزوير وغيرها.

ومساء الاثنين، قال عضو البرلمان صالح افحيمة إن رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح كشف أن هناك تزويرا لمستندات بعض المترشحين، وأنه طلب تعديل باب الطعون من قانون انتخاب الرئيس حتى يتسنى للمفوضية القيام بعملها.

وفي وقت سابق، قالت المفوضية إنها ستقوم بإجراءات قانونية وقضائية قبل الإعلان عن قائمة المترشحين النهائية للرئاسة، مشددة على أنها ستتواصل مع المجلس الأعلى للقضاء في هذا الصدد.

4