الانتخابات المحلية فرصة الأحزاب المساندة لقيس سعيد

التيار الشعبي يدعو أنصاره إلى المشاركة في انتخابات مجالس الأقاليم والجهات.
السبت 2023/09/30
إجراءات قيس سعيد تنهي الدور السياسي للأحزاب

ما زالت الأحزاب المؤيدة لمسار 25 يوليو 2021 والقرارات المنبثقة عنه تمنّي النفس بلعب دور سياسي في الحكم المحلي، خصوصا بعد تجاهلها في بناء مختلف مراحل المسار من قبل الرئيس قيس سعيّد الذي يرفض التعامل مع منظومة الأحزاب.

تونس - تكثف الأحزاب المساندة لإجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد، التي اتخذها في 25 يوليو 2021، جهودها بحثا عن تموقع جديد في المشهد المحلي، من خلال الدعوات إلى المشاركة في انتخابات مجالس الأقاليم والجهات، في خطوة لاستعادة دور مفقود بعد فترة طويلة من الجمود السياسي.

ويقول مراقبون إن هذه الأحزاب أصبحت تدرك جيدا أنه لا مكان لها في صناعة القرار السياسي في اثنتين من أعلى مؤسسات الدولة (الحكومة والبرلمان) لذلك تريد الدخول إلى مفاصل الحكم المحلي، وهو ما قد يمثل لها فرصة سانحة للتموقع وإعادة التنظّم السياسي.

ويضيف هؤلاء أنه على الرغم من تجاوز منظومة الأحزاب السابقة، باعتبار أن نظام الاقتراع على الأفراد الذي تم التنصيص عليه في دستور 25 يوليو 2022 يزيح حضور الأحزاب، يسارع البعض إلى ترشيح شخصيات موالية ودعمها لتقلّد منصب “سياسي” محلّي.

ودعا حزب التيار الشعبي (قومي) في تونس أنصاره مساء الخميس إلى “العمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي المنتظر ترشيحا وانتخابا وفق ما ينص عليه القانون”.

هيكل المكي: نحن قلب مسار 25 يوليو، ونستعدّ كأننا سنشارك
هيكل المكي: نحن قلب مسار 25 يوليو، ونستعدّ كأننا سنشارك

جاء ذلك وفق بيان صادر عن حزب التيار الشعبي بعد مرور أيام على دعوة الرئيس إلى إجراء الانتخابات المحلية.

وأصدر الرئيس قيس سعيد الأسبوع الماضي أمرا يقضي بدعوة المواطنين إلى انتخاب أعضاء المجالس المحلية في الجريدة الرسمية التونسية “الرائد الرسمي” بعد أن أعلن أن الدورة الأولى للانتخابات المحلية ستجرى في 24 ديسمبر القادم وأنه ستكون هناك دورة ثانية سيتم الإعلان عنها إثر صدور النتائج.

والجمعة أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بوعسكر عن فتح باب الترشح لعضوية المجالس المحلية في 23 أكتوبر المقبل، وإغلاقه مطلع نوفمبر القادم.

وذكر حزب التيار الشعبي في بيانه أن “هذه الدعوة تأتي دعما لكل نفس وطني وفي إطار رؤية الحزب الإستراتيجية لإعادة بناء الحركة الوطنية”.

وأضاف البيان أن” دعوة الناخبين صدرت في ظل مناخ اجتماعي واقتصادي صعب للغاية لا يختلف عن مناخ الانتخابات التشريعية حيث كان الوضع الاقتصادي العامل الحاسم في تدني نسبة المشاركة”.

ولفت إلى أن “الوضع يحتم اليوم على رئيس الجمهورية (قيس سعيد) وحكومته المسارعة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنقية المناخ العام، وخاصة تحسين أوضاع المواطن المعيشية من خلال الضغط على الأسعار ودعم الفئات الهشة ومواجهة لوبيات الفساد”.

وحزب التيار الشعبي مساند لإجراءات الرئيس سعيد وينتمي إلى مبادرة لها كتلة نيابية، هي لينتصر الشعب، ويمثلها 15 عضوا في البرلمان.

ومنذ 25 يوليو 2021 فرض الرئيس سعيد إجراءات استثنائية، منها حل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في يوليو 2022، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ديسمبر من العام ذاته ويناير الماضي.

وسبق أن كشف المسؤول الإعلامي بحركة تونس إلى الأمام (حزب مساند لقرارات الرئيس سعيد) مراد البكوري أن “حركة تونس إلى الأمام ترى من الضروري إدماج الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية العادية كحل أساسي لتحسين وضعية المالية العمومية”.

مرحلة انتقال سياسي جديدة

وأكّد البكوري في تصريح إعلامي “مشاركة الحزب في المحطات الانتخابية المقبلة”.

ورحّبت الأحزاب المساندة للمسار، وأبرزها حراك 25 يوليو والتيار الشعبي وحركة الشعب وحركة تونس إلى الأمام ومبادرة لينتصر الشعب، بملامح المرحلة السياسية الجديدة التي قادها الرئيس سعيّد.

وأيدت تلك الأحزاب توجهات الرئيس سعيّد، معتبرة أنه سيسعى لإشراكها من أجل ضمان تحقيق استقرار سياسي واجتماعي تكفله مشاركة الأحزاب والمنظمات الوطنية.

ولم تخف حركة الشعب مساندتها للقرارات منذ البداية، لكنها تذكّر من مناسبة إلى أخرى بضرورة المشاركة في تحديد المستقبل السياسي للبلاد بالدعوة إلى اتخاذ قرارات تشاركية مع الرئيس سعيد تدعم فكرة القطع مع المنظومة السابقة.

واعتبر القيادي في الحركة هيكل المكّي أن “أمر المشاركة في انتخابات مجالس الأقاليم والجهات، هو قرار سيتخذه مجلس الحزب الذي سيجتمع الأحد القادم”.

وقال في تصريح لـ”العرب”، “نحن قلب مسار 25 يوليو، ونستعدّ كأننا سنشارك”.

وتحاول الأحزاب التي كثيرا ما عبّرت عن مساندتها لتوجهات الرئيس، واقترحت سابقا أن تكوّن حزاما سياسيا لمسار 25 يوليو، أن تقتحم الحكم المحلي، خصوصا بعد تمسك الرئيس سعيد برفضه للتعامل مع منظومة الأحزاب.

مراد علالة: هذه الأحزاب تريد الاستثمار في صورة الرئيس ورصيده
مراد علالة: هذه الأحزاب تريد الاستثمار في صورة الرئيس ورصيده 

وترى تلك الأحزاب أنها تتفق مع الرئيس سعيّد في فكرة القطع مع ممارسات المنظومة السابقة، من ضمنها النظام البرلماني الذي نص عليه وكرسه دستور 2014 وما خلفه من مناكفات وصراعات على الأدوار والصلاحيات، فضلا عن التعامل مع السلطة بمنطق الغنيمة، ما أدى إلى تعطيل عدة مسارات.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مراد علاّلة “وفق النصوص القانونية، فإن نظام الاقتراع على الأفراد لا يسمح للأحزاب بالمشاركة في الانتخابات، لكن هذا لا يعني أنها غائبة عن المشهد وستكون مؤثرة في بعض الدوائر، لأن من مصلحتها أن تسجّل حضورا في الغرفة الثانية مثلما هو الشأن في الغرفة الأولى للبرلمان، خصوصا دائرة الأحزاب السياسية المؤيدة لمسار 25 يوليو”.

وأكّد لـ”العرب”، “الحديث عن نهاية الأحزاب سابق لأوانه ومن الصعب جدا ملء الفراغ الذي تركته الأحزاب، لأن حتى من ينظّمون حملات تسييرية هم منخرطون في الأحزاب”.

وتابع مراد علاّلة “هناك رغبة جامحة من أبناء هذه الأحزاب في مواصلة نشاطها السياسي، خصوصا تلك التي وجدت في مسار 25 يوليو دعما للرئيس قيس سعيد، وهي الآن تريد أن تستثمر في صورة الرئيس ورصيده الشعبي، وتعتبر أن في مسايرة خيارات سعيد كسبا جماهيريا لها”.

وبحسب المرسوم المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، تعتبر كل عمادة (أصغر قسم إداري) دائرة انتخابية، تنتخب لها ممثلا واحدا، ويتم انتخاب المجلس الجهوي للولاية (المحافظة) عبر القرعة بين أعضاء المجلس المحلي.

أما مجلس الإقليم فيتم الترشح له من الأعضاء المنتخبين في المجالس الجهوية، وكل مجلس جهوي ينتخب ممثلا واحدا له بمجلس الإقليم.

كما ينتخب كل مجلس جهوي 3 أعضاء لتمثيل جهتهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان).

وينتخب أعضاء مجلس كل إقليم نائبا واحدا لتمثيلهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

4