الاستثمارات الأميركية تتدفق إلى قطاع السيارات المغربي

أثمرت العلاقات الاقتصادية في مرحلتها الجديدة بين الشركات الأميركية والمغرب اتفاقيات قيّمة في مجال صناعة السيارات، حيث تم الاتفاق على إطلاق مصنع لإنتاج أغطية مقاعد السيارات بمحافظة القنيطرة، في خطوة من شأنها تحفيز الاقتصاد الباحث عن منافذ جديدة.
الرباط – حصدت الحكومة المغربية ثمار شراكتها الاستراتيجية مع الشركات الأميركية بإعلان إطلاق مصنع لصناعة أغطية مقاعد السيارات حيث سيمكن الاتفاق من تبادل الخبرات ودعم التنافسية في ظل بحثه المتواصل عن النمو والتطور.
اتفقت الحكومة المغربية مع المصنع الأميركي للمعدات الأصلية للسيارات “أديانت”، على إحداث مصنع جديد لإنتاج أغطية المقاعد لتسريع التنمية الصناعية بالقنيطرة، وذلك بعد توقيع بروتوكول اتفاق مطلع الأسبوع مع وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، باستثمار تبلغ قيمته الإجمالية 15.5 مليون أورو.
وينص الاتفاق على إطلاق منظومة صناعية للموردين تتوخى تنمية سلسلة قيمة قطاع السيارات بالمغرب، كما يؤكد هذا الاتفاق عزم المجموعة على توطين أنشطة جديدة بالمغرب تشمل بالخصوص مساندة رأس المال المحلي.
وقال وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي حفيظ العلمي، في هذا السياق، إن “هذا الاستثمار يعكس مدى ثقة المستثمرين الأجانب في المغرب، الذي أصبح يتموقع كمنصة لإنتاج وتصدير المعدات والسيارات”، مؤكدا أن هذا المشروع الكبير سيسمح بتعزيز مستوى الاندماج والقدرة التنافسية لقطاع السيارات بالمغرب.
وأكد ميشيل بيرثلين نائب الرئيس التنفيذي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لمجموعة “أديانت”، أن “من شأن هذا الاتفاق أن يحفز توسعنا الطموح في إنتاج أغطية المقاعد وتطوير المهارات التقنية المرتبطة به. والمغرب، علاوة على موقعه الجغرافي الملائم، فهو يتميز أيضا بيد عاملة نشيطة، استفادت من تكوين ذي جودة نوعية“.
15.5 مليون يورو
قيمة استثمار شركة أديانت الأميركية لإنتاج أغطية مقاعد السيارات في مصنع جديد
وسينجز هذا المصنع على مساحة تبلغ 24 ألفا و500 متر مربع، وسيسمح بإحداث 1600 فرصة عمل، وتحقيق رقم معاملات خاص بالتصدير، تبلغ قيمته 60 مليون يورو، يهم 750 ألف سيارة.
وتعتزم الشركة الأميركية أيضا إحداث مركز تقني وهندسي بالمغرب، خاص بأغطية المقاعد، لتطوير وتصميم المنتجات. وسيسمح هذا المركز التقني الأول من نوعه بالمملكة بإحداث 50 وظيفة خاصة بالمهندسين.
ويرجع حضور مجموعة “أديانت” بالمغرب إلى سنة 2018 مع افتتاح مصنعها الأول بالمنطقة الحرة الأطلسية على مساحة تبلغ 8 آلاف و50 مترا مربعا من أصل مساحة إجمالية تبلغ 18 ألف متر مربع، مما استلزم استثمارا بقيمة 150 مليون درهم وتشغيل 245 شخصا حتى الآن.
ومع استقرار أكبر شركات تصنيع السيارات وأشهر المجهزين بالمغرب، يتوقع مهنيون، أنّ قطاع السيارات سيجلب فرص نمو جديدة وسيستقطب استثمارات أخرى، حيث شهد تطورا قويا في المغرب على مدى السنوات الخمس الماضية على مستوى التجهيزات والبناء.
وكشف حفيظ العلمي بمجلس النواب، أن ظرفية أزمة كورونا أثبتت أن الاختيارات الاستراتيجية للمملكة أعطت نتائج إيجابية بالنظر إلى المستوى العالي، الذي أبانت عنه القطاعات التي اختار المغرب الاستثمار فيها ومواكبتها منذ سنوات عديدة كقطاع السيارات.
وأورد المسؤول الحكومي أن قطاع السيارات بالمغرب واصل التصنيع كما في السابق، مفيدا في هذا السياق بأنه سيتم، في وقت لاحق، توقيع ثلاث اتفاقيات استثمارية جديدة في القطاع لإحداث 7500 منصب شغل إضافية، ومؤكدا أن اختيار المستثمرين الأجانب للمغرب، خلال فترة الجائحة، ما يعكس تميز المملكة في المناخ الجيد للاستثمار.
وشددت مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، على أن المغرب يتمتع بمكانة عالية التقنية و”واعدة جدا” على مستوى مدينة الدار البيضاء، التي تحتل الرتبة الـ12 في العالم من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر القوي، الذي يجذبه قطاع صناعة السيارات، ما يجعلها على نفس مستوى مدينة برشلونة الإسبانية.
ويستثمر حاليا في المغرب مصنعان فرنسيان كبيران، هما “بوجو ستروين”، الذي يتوفر على مصنع في القنيطرة، و”رونو” في طنجة، كما عبرت مجموعة “بيد” الصينية عن نيتها في إحداث 4 مصانع لها بهدف إنتاج ما بين 250 ألف إلى 300 ألف سيارة كهربائية سنويا.
حاليا يستثمر في المغرب مصنعان فرنسيان كبيران، هما “بوجو ستروين”، الذي يتوفر على مصنع في القنيطرة، و”رونو” في طنجة
وفي هذا الإطار تشهد مجموعة “جيفكو”، الشركة العالمية المتخصصة في مجال الخدمات اللوجستية الصناعية حاليا توسعا شاملا حيث تقوم بإطلاق خدماتها متعددة التخصصات للعديد من الزبائن في قطاع السيارات والصناعات الأخرى، والتي تشمل خدمات النقل البري والجوي والبحري.
وأكد المدير العام الجديد لـ”جيفكو المغرب”، سيباستيان روجر أن “هذه الفترة تعد مثالية بالنسبة إلى المغرب، حيث تزخر البلاد بيد عاملة كبيرة ومتنوعة، وببنية تحتية عالية الجودة، تشمل ميناءين كبيرين، إضافة إلى فرص نمو مثالية بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي في أفريقيا”.
وأضاف سيباستيان روجر أن المجموعة “تستثمر في المغرب، ونحن ملتزمون بتزويد زبائننا وشركائنا في المنطقة بحلول ذكية ومبتكرة“.
وخلال السنوات الأخيرة خطى المغرب خطوات مهمة خلال تطوير منصات إنتاج أكثر تنافسية كما ستكون لديه قوة عاملة مؤهلة، حيث إن القطاع يعتمد أساسا على المهارات التقنية والتكنولوجية المتقدمة.
وبخصوص الأسواق المستهدفة، يبدو أن 80 في المئة من صادرات القطاع موجهة إلى دول الاتحاد الأوروبي، وبذلك تأتي فرنسا في المرتبة الأولى بنسبة 31 في المئة من حصة السوق، وفي المرتبة الثانية نجد إسبانيا بنسبة 11 في المئة، تليها ألمانيا وإيطاليا بـ9 في المئة وتركيا بنسبة 8 في المئة، وكل من بلجيكا وبولندا وجمهورية التشيك ومصر ورومانيا بنحو 5 في المئة.