الإمارات والسعودية تمدان السودان بمؤونة ثلاثة أشهر من القمح

أبوظبي – قدّمت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية كمية كبيرة من القمح كهبة للسودان عكست مجدّدا اهتمام الرياض وأبوظبي بضمان عبور آمن للبلد من المرحلة الانتقالية الصعبة التي يمرّ بها ويواجه خلالها تعقيدات سياسية وأمنية ومصاعب مالية واقتصادية انعكست بشكل واضح على أوضاعه الاجتماعية وحدّت من قدرته على تلبية مختلف الحاجات الأساسية لمواطنيه بما في ذلك حاجاتهم الغذائية.
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس”، الأربعاء، إنّ الإمارات والسعودية قدّمتا 540 ألف طن من القمح لتلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية للشعب السوداني لثلاثة أشهر قادمة. وأوضحت أنّه تم توريد الدفعتين الأولى والثانية وشملتا 140 ألف طن من القمح.
وجاء الإعلان عن هذه الهبة أياما بعد توقيع الفرقاء السودانيين على إعلان دستوري وصف بالخطوة الكبيرة باتجاه إخراج السودان من الوضع الاستثنائي الذي يعيشه منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير وما أعقب ذلك من خلافات حادّة حول كيفية تأمين المرحلة الانتقالية والجهات الأحقّ بقيادتها.
وإثر الإعلان عن توقيع الوثيقة الدستورية بالأحرف الأولى رحبت دولة الإمارات بالخطوة، معتبرة في بيان لخارجيتها أنّ الوفاق الذي حدث بين المجلس العسكري وائتلاف المعارضة الرئيسي “هو حجر الزاوية لتحقيق الشعب السوداني التقدّم والازدهار”.
وفي تعليقه على توافق الفرقاء السودانيين على الإعلان الدستوري، قال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية إنّ السودان بصدد طي صفحة حكم البشير والإخوان والدخول في حقبة جديدة في تاريخه السياسي بالتحول إلى الحكم المدني.
وفي المقابل نبّه الوزير الإماراتي إلى المصاعب التي تعترض السودان في مرحلته الانتقالية، قائلا في تغريدة على تويتر إنّ “الطريق إلى دولة المؤسسات والاستقرار والإزدهار لن يكون مفروشا بالورود ولكن ثقتنا في السودان الشقيق وشعبه وتكاتف المخلصين حوله كبيرة”.
كذلك رحّبت الرياض بالاتفاق على الوثيقة الدستورية والتوقيع عليها واعتبرتها على لسان مصدر في الخارجية، خطوة من شأنها الانتقال بالسودان نحو الأمن والسلام والاستقرار.
وبشأن الهبة الغذائية السعودية الإماراتية الجديدة للسودان، أوضح المدير العام لصندوق أبوظبي للتنمية محمد سيف السويدي أن الدعم الغذائي المقدم للشعب السوداني يأتي ضمن حرص الرياض وأبوظبي على ضمان توفير احتياجات الشعب السوداني من الغذاء، وعدم تأثره بالمرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد.
وأضاف قوله إن القيادة في البلدين “حريصة على تقديم جميع أشكال الدعم الممكنة ليتجاوز السودان الظروف الصعبة التي يعيشها، وصولا إلى الاستقرار الاقتصادي وتحقيق الأمن الغذائي”.
وكميات القمح الموردة للسودان هي جزء من حزمة المساعدات التي أقرتها السعودية والإمارات في أبريل الماضي والبالغة قيمتها 3 مليارات دولار، حيث أودع البلدان 500 مليون دولار في البنك المركزي السوداني وذلك لتعزيز مركزه المالي، على أن يتمّ صرف بقية المبلغ لتلبية الاحتياجات الملحة للسودانيين من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية واحتياجات الموسم الزراعي.
ولا ترغب الإمارات والسعودية اللتان كثيرا ما تعبّران عن تبنيهما منظورا شاملا للأمن القومي العربي في رؤية بلد آخر من بلدان المنطقة ينزلق نحو الفوضى بفعل تعثّر عملية الانتقال السياسي فيه، كما هي الحال في سوريا وليبيا.
وبحسب متابعين للشأن السوداني فإنّ مساعدة أبوظبي والرياض للخرطوم هي أيضا بمثابة تحصين للساحة السودانية من أن تستبدّ بها قوى التطرّف المدعومة من قبل أطراف إقليمية على رأسها قطر وتركيا اللتان تجدان في الاضطرابات التي تنشب في بعض البلدان العربية فرصة سانحة للدفع بجماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة.
ويرى هؤلاء أنّ الإمارات والسعودية تستندان في دعمها للسودان إلى تجربة سابقة ناجحة تتمثّل في الدعم الكبير الذي قدّمتاه لمصر إثر اندلاع ثورة يونيو 2013 ضدّ حكم جماعة الإخوان وما حقّقه ذلك الدعم من نتائج ملموسة في مساعدة مصر على العبور من إحدى أصعب الفترات، وفي حماية مسارها الجديد من التراجع والانتكاس.