الإغراءات المالية أداة الأحزاب لكسب أصوات الناخبين في المغرب

أحزاب سياسية مغربية تتهم منافسيها باستخدام المال في حملاتهم الانتخابية.
الأربعاء 2021/09/01
تحذير من توظيف المال في الانتخابات

الرباط - اتهمت أحزاب سياسية مغربية منافسيها باستخدام المال في حملاتهم الانتخابية، دون تقديم حجج مادية على تورط أحدهم، بهدف محاربة المال الذي يُستعمل في العمليات الانتخابية لإفسادها.

وأطلق نبيل بنعبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، بمناسبة تدشين الحملة الانتخابية لحزبه، دعوة مباشرة للمغاربة من أجل المشاركة الواسعة في التصويت لمواجهة “استعمال المال الذي لم يسبق له مثيل في الانتخابات”.

وقال بنعبدالله “نعول على تصويتكم الواسع ومشاركتكم لتعاكسوا الاستعمال البشع للمال والفساد بشكل لم يسبق له مثيل”، مشددا على “ضرورة مشاركة المواطنين في العملية الانتخابية لتحقيق التغيير المطلوب”.

يأتي ذلك في وقت حذر فيه سعدالدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، من الاستعمال المكثف للأموال في عدد من الدوائر الانتخابية، قائلا “كثرة الأموال تنزل في عدد من الدوائر والهدف منها شراء الأصوات وأيضا شراء المرشحين”.

وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن اتهام الأحزاب بعضها البعض باستعمال المال كمحاولة لاستمالة الناخبين هو مجرد شعار انتخابي للتغطية على فشلها في التدبير وافتقادها إلى برامج حقيقية تقنع بها المواطن المغربي.

محمد الغلوسي: أصبح من السهل توجيه الاتهامات باستعمال المال خلال الانتخابات

واعتبر في تصريح لـ”العرب” أن “القضية ليست مرتبطة بتشريع قانون لأن المغرب يملك ترسانة كبيرة تضاهي ما تملكه الدول الديمقراطية، ولكن مرتبطة بما نعيشه في الزمن الانتخابي الراهن وفقدان الثقة في السياسيين وفي المنظومة الحزبية”.

وجددت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية التعبير عن “استغرابها وقلقها الشديد من استمرار وتصاعد الاستعمال الكثيف والبشع للمال، والذي أضحى الحديث بشأنه متداولا بشكل واسع في أوساط الرأي العام والهيئات السياسية”.

ولفت الحزب في بيان له الاثنين إلى أن “ما يروج حول حجم هذه الأموال المسخرة لإفساد العمليات الانتخابية والتأثير فيها، يثير تساؤلات مشروعة حول مصدرها والجهات التي تقف وراءها”، مسجلا ضرورة التصدي الصارم لهذه الممارسات المخالفة للمقتضيات القانونية المتعلقة بتحديد سقف مصاريف الحملات الانتخابية الخاصة بكل اقتراع، كونها تُخِلُّ بمبدأ “تكافؤ الفرص بين المتنافسين، وتمس بنزاهة ومصداقية العمليات الانتخابية”.

 وانتقد عبداللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة (أكبر حزب معارض)، في لقاء انتخابي مع مرشحي حزبه في منطقة أزيلال (وسط) بشدة استعمال المال، ملمحا إلى أن هناك من يستعمل المال للظفر بالرتبة الأولى حتى يضمن تعيين رئيس الحكومة منه، في إشارة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار (أغلبية).

وأكد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن “مثل هذه التصريحات وغيرها تزيد المشهد السياسي غموضا وضبابية، حيث أصبح من السهل توجيه الاتهامات بالفساد واستعمال المال خلال الانتخابات والتحالف مع نفس الطرف الذي وُجهت إليه الاتهامات، بل والإشادة به وتشكيل الحكومة إلى جانبه لتدبير الشأن العام”.

وأوضح الغلوسي في تصريح لـ”العرب” أن “هذا الأمر لا يقتصر على حزب العدالة والتنمية فقط، بل يسري حتى على بعض الأحزاب السياسية الأخرى”.

ويحدد القانون سقف تمويل الحملات الانتخابية بخمسة ملايين درهم (0.56 مليون دولار) للانتخابات التشريعية وخمسة آلاف دولار للمرشح في الانتخابات الجماعية، ولهذا يرى خبراء في القانون الدستوري أن استعمال المال في الحملات الانتخابية يحتاج إلى آليات مراقبة قانونية مبتكرة ودقيقة، والبحث في طرق وسقف التمويل وظاهرة شراء الأصوات.

وتشتد المنافسة على تصدر نتائج الانتخابات البرلمانية والمحلية بين أحزاب رئيسية؛ وهي العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال.

وتم الاتفاق بين الأحزاب ووزارة الداخلية على تكثيف الإجراءات لمحاربة الفساد الانتخابي، من خلال تدقيق التدبير المالي للمرشحات والمرشحين للعمليات الانتخابية عبر تعيين محاسب مسؤول عن الجانب المالي من مداخيل ومصاريف فتح حساب بنكي خاص بها.

وأكد رشيد لزرق أنه “طالما هناك خطأ مرصود من طرف الهيئات الرسمية فلا بد من الوقوف على محاسبة الجناة، لأن الخطر الذي يتهدد الاختيار الديمقراطي هو عدم تفعيل روح القوانين التي تمنع إهدار المال العمومي”.

الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية تعرب عن استغرابها وقلقها الشديد من استمرار وتصاعد الاستعمال الكثيف والمفرط للمال

ولفت إلى أنه ما لم تكن لدى الفاعل السياسي إرادة حقيقية لمحاربة الفساد ولم يجعل إسقاط الفساد شعاره الانتخابي سيفاقم اللامساواة والتمييز والفوارق الاجتماعية، وذلك باستغلال أموال الريع الانتخابي للحصول على دوائر انتخابية ومناصب كبيرة دون وجه حق.

ويبدو أن الدولة لا تريد أي شائبة تشوب العملية الانتخابية، حيث تصدت النيابة العامة لمجموعة من المخالفات غير القانونية مساء انطلاق الاستحقاقات الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية وغيرها.

 وأعلن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بكلميم، جنوب المغرب، عن فتح تحقيق عاجل إثر تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يوثق قيام أحد المرشحين بتوزيع بعض الأوراق النقدية على مجموعة من الأشخاص.

وانطلقت الخميس الحملة الانتخابية للاستحقاقات المتعلقة بانتخاب أعضاء كل من مجلس النواب ومجالس الجماعات والجهات، والتي تشكل محطة هامة في تكريس الممارسة الديمقراطية في المغرب، حيث تتنافس 1704 قوائم بالانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في الثامن من سبتمبر الجاري.

 ووفق بيانات وزارة الداخلية يبلغ عدد الناخبين في المغرب سبعة عشر مليونا و983 ألفا و490 ناخبا.

4