الإعلام التركي "لم يسمع" باستقالة صهر أردوغان

الرئيس التركي قام بإطلاق منظومة إعلامية كبيرة ناطقة بالعربية تدور في فلكه وترتب تقاريرها ومواضيعها ومساحتها في التغطية حسب أولويتها لأنقرة.
الثلاثاء 2020/11/10
المنصات التركية الناطقة بالعربية انتقائية بشكل هزلي

أنقرة- تنفرد وسائل الإعلام التركية الناطقة بالعربية بتغطية خاصة لأوضاع المنطقة العربية، لا تشبه ما تقوم به وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الدولية، ولا أي من المنصات التركية باللغات الأجنبية المتعددة، فهي مخصصة للأحداث الهامشية والمناطق البعيدة إلى جانب تسليط الضوء على كل ما يتعلق بالإسلام السياسي.

واللافت أن الشأن الداخلي التركي والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، شبه غائبين عن كافة وسائل الإعلام والصحف والإذاعات التركية خصوصا الناطقة بالعربية، رغم أهميتهما، ويتم استبدالهما بأخبار منوعة عن المناطق السياحية ووجبات الطعام وأخبار المسلسلات.

وأثار الإعلام التركي ضجة واسعة وانتقادات داخل البلاد وخارجها بتجاهله خبر استقالة وزير الخزانة والمالية بيرات البيرق وصهر الرئيس رجب طيب أردوغان.

تركيا

ولم تشر وكالة الأناضول الرسمية إلى خبر استقالة البيرق، وكذلك لم تنشر أي وكالة أو جريدة حكومية أخرى نبأ الاستقالة إلا بعد مرور 24 ساعة على تداوله في كبرى الصحف العالمية، رغم إعلان البيرق استقالته عبر حسابه الرسمي على موقع إنستغرام الأحد.

كما أوجدت تفسيرات أخرى لانخفاض أسعار العملات الأجنبية أمام الليرة التركية فور إعلان صهر أردوغان استقالته، فحاولت وسائل الإعلام التركية أن ترجع سبب الانتعاشة في قيمة الليرة التركية، إلى تصريحات محافظ البنك المركزي التركي الجديد ناجي إقبال، وهو ما أثار سخرية واسعة على مواقع التواصل، وقالت أغلبية التعليقات إن الإعلام التركي يتعامل مع هذا الخبر كما لو تركيا في جزيرة معزولة.

وترتب وسائل الإعلام التركية باللغة العربية تقاريرها ومواضيعها ومساحتها في التغطية حسب أولويتها لأنقرة، إذ تضع تبرير التدخل التركي في ليبيا وسوريا في المقدمة، ثم مهاجمة الدول العربية السعودية ومصر والإمارات وبنفس الدرجة تحسين صورة الإسلام السياسي والدعاية له، ثم التركيز على مناطق ومواضيع هامشية مثل وفاة مقرئ سوداني في حادث سير، ومعرض تشكيلي في الصومال برعاية تركية، وعرس جماعي في غزة، والتعامل الإنساني لتركيا مع اللاجئين السوريين، وتاليا أبرز الأحداث على الساحة الدولية.

تركيا

وتعمل أنقرة على زيادة المنصات الناطقة بالعربية مؤخرا، ومنها التابعة لصحف تركية كبيرة مثل يني شفق، ديلي صباح، زمان، ومواقع خاصة مثل ترك برس، تركيا بوست، تركيا الآن، وغيرها. إضافة إلى القناة الرسمية التركية الناطقة بالعربية “تي.آر.تي”.

وتشكل وكالة الأناضول الرسمية المنصة الرئيسية لدعم توجهات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورغم أنها من المفترض أن تكون منبرا حكوميا يتسم بالرصانة والخطاب المتزن والمهنية لإيصال صورة تركيا إلى العالم العربي، إلا أنها تسير وفق مزاج الرئيس التركي، وتكرر تعبيراته ومصطلحاته.

وقال الصحافي التركي تورغوت أوغلو المتخصص بالشأن السياسي “إن عددا كبيرا من القنوات الفضائية والصحف والإذاعات الناطقة بالعربية تدار من قبل تركيا وتتلقى الدعم من أردوغان وقطر والإخوان”.

وأشار أوغلو في تصريحات لـ”العرب” إلى أن “أردوغان حاول طمأنة الشعب التركي في تصريحاته عام 2003 بأن لا علاقة له بالإسلام السياسي وأن حزب العدالة والتنمية حزب ليبرالي، لكن موقفه انقلب تماما بعد عام 2011/2010 أي منذ انطلاق الثورات العربية أو ما يسمى الربيع العربي، ولبس قميص الإسلام السياسي وقد خدع الشعب التركي أيضا”.

وتفيد مصادر تركية بأن الرئيس التركي فكر مطولا بكيفية التأثير عاطفيا على الشعب العربي لتغيير مواقفه، لذلك قام بإطلاق منظومة إعلامية كبيرة ناطقة بالعربية، تدور في فلكه، حتى أن معظم الصحافيين في وسائل الإعلام الموالية لأردوغان بدأوا بتعلم اللغة العربية.

وركزت هذه المنصات من قنوات وإذاعات وصحف في العامين الأخيرين على بث أخبار لدعم الإسلام السياسي ومهاجمة السعودية واستثمار حادثة جمال خاشقجي بشكل خاص للتغطية على أخبار الجرائم في تركيا.

وأوضح أوغلو أن الإعلام التركي يحاول إيصال فكرة للجمهور العربي أن “الجرائم تحدث فقط في الشرق الأوسط وأنها غير موجودة في تركيا، على الرغم من وجود عدد كبير من الجرائم والمعتقلين حتى أنه يجري الحديث عن قتلهم، ومنهم قضاة ونواب عامون يعني الكوادر المهمة في تركيا لأن هؤلاء الأشخاص لديهم معرفة كبيرة عن قضايا الفساد في تركيا وحتى داخل عائلة أردوغان نفسها. لذلك يستمر الإعلام التركي الناطق بالعربية في النشر عن خاشقجي كل يوم ومواضيع أخرى ضد السعودية”.

ولفت إلى أن هذا “الإعلام لا ينشر أي أخبار عن تنظيم داعش ويتجاهلها تماما في أوروبا أو الولايات المتحدة أو دول أخرى، وفي حال اضطر إلى الحديث عنها فإنه ينشر تقارير صغيرة، في حين أي خبر عن السعودية ومصر والإمارات يبرزه بمساحة واسعة ويوزعه على عدة منصات”.

تركيا

ويعتبر أوغلو وصحافيون آخرون أن أردوغان نجح إلى حد ما في مساعيه، لأنه يعتمد على عدد كبير من الصحافيين ووسائل الإعلام العربية ومواقع التواصل الاجتماعي أيضا، في حين أن الدول العربية لم تهتم كثيرا بالتركيز على هذا الموضوع وصد الأجندة التركية الموجهة للجمهور العربي.

وأنشأت بعض وسائل الإعلام العربية منابر باللغة التركية لكنها ما زالت ضعيفة ولم تتواصل مع مصادر داخل تركيا، لذلك لم تكن فعالة ومؤثرة ومسموعة لدى الأتراك. 

ونوه أوغلو على سبيل المثال بموقع اندبندنت تركيا الذي «لم يكن ذا فاعلية في تركيا”، كما هناك مواقع عربية أخرى مثل موقع «العين» بالنسخة التركية، لكنها ضعيفة لأنها تسير بطريقة خاطئة جدا لذلك لا أحد يطالعها في تركيا.

18