الأفلام السعودية تتحدى واقعها وتستهدف منصات مثل نتفليكس

الظهران (السعودية)- عقدت أولى ندوات مهرجان أفلام السعودية في دورته السابعة بعنوان “الأفلام الطويلة المستقلة”، بمشاركة كل من أيمن جمال منتج فيلم “بلال” ومخرجه ومؤسس شركة “بارجون إنترتينمنت”، وحضرها أيضا المنتج والمخرج فيصل باطيور الرئيس التنفيذي لشركة “سينويز للإنتاج والتوزيع”، وحضرتها كذلك جنى يماني الرئيسة التنفيذية لـ”إم بي سي أكاديمي”، وهيفاء المهري من إدارة “فيلم العلا” التابع للهيئة الملكية للعلا، وأدار الندوة المخرج عبدالجليل الناصر؛ حيث ناقش المتدخلون إنتاج الأفلام السعودية، وقدموا قراءة للمشهد السينمائي السعودي من خلال بعض الأفلام الطويلة.
وقال الناصر إن الندوة شهدت حضور منتجي الأفلام والمهتمين وضيوف المهرجان، ودار النقاش بشكل أساسي حول ماهية العوامل التي نعمل عليها للنهضة بصناعة السينما وصناعة الإنتاج المرئي في السعودية؛ حيث تحدث في البداية المنتج والمخرج أيمن جمال عن تجربته والتحديات التي يواجهها المنتجون في المملكة، فيما تحدث فيصل باطيور عن المعايير التي يجب أن يلتزم بها المخرجون والمنتجون في السعودية.

جنى يماني تحدثت عن تجربتهم في "إم بي سي أكاديمي"، وكيف استطاعوا اكتشاف الآلاف من المواهب الموجودة داخل السعودية عبر تحقيق قاعدة بيانات لتلك المواهب
وشهدت الندوة أيضاً، كما يقول الناصر، محاولة للإجابة عن ماهية الإنتاج المطلوب، وهل ننتج أفلاماً تجذب جمهور شباك التذاكر؟ أم ننتج أفلاماً تشارك في المهرجانات؟ والواقع أننا يجب أن ننتج أفلاماً جيدة لتشارك في المنصات أو المهرجانات، وأيضاً عندما يشاهدها المشاهد السعودي ترتفع ثقته في المنتج المحلي، ويثق بأن أبناء وطنه قادرون على تقديم مادة ترفيهية بشكل جيد تضاهي على الأقل الإنتاج الإقليمي الموجود في منطقة الشرق الأوسط.
وناقشت الندوة برنامج “فيلم العلا”؛ حيث أكد الحضور على أن البرنامج طموح جداً، ويحاول أن يجذب الاستثمارات من خارج السعودية عبر الكثير من التسهيلات، من ضمنها البحث عن مواقع التصوير، ومساعدة شركات الإنتاج العالمية في تخليص الإجراءات والتصاريح للتصوير داخل السعودية، كما يعمل برنامج “العلا” على نظام التعويض الضريبي لجذب المزيد من الاستثمارات إلى داخل السعودية لتقوية اقتصادها والمساعدة في رفع الناتج المحلي، ويسهم كذلك في جذب الأنظار العالمية تجاه ثقافة السعوديين للمواقع الموجودة داخل المملكة، وهو ما سيسهم في دعم قطاع السياحة وحضور السعودية عالمياً.
وتحدثت جنى يماني عن تجربتهم في “إم بي سي أكاديمي”، وكيف استطاعوا اكتشاف الآلاف من المواهب الموجودة داخل السعودية عبر تحقيق قاعدة بيانات لتلك المواهب، وعملوا على توظيف تلك المواهب داخل مشاريع “إم بي سي”، وكذلك في المشاريع القادمة من خارج السعودية، مثل ديزرت ووريور وفيلم قندهار، التي يتم تصويرها حالياً في تبوك والعلا؛ حيث قدمت إم بي سي أكاديمي “كاست” سعودي متميز لتلك المشاريع.
وقال الناصر إن النقاش دار داخل الندوة حول أهمية استهداف المنصات مثل نتفليكس وغيرها، وكيف يكون حضور الأفلام السعودية في تلك المنصات بما يضاهي الإنتاج. وأضاف “لكن المؤكد أننا في المملكة لا ننتج الكثير؛ فالمنتج يقدم ثلاثة أفلام أو أربعة على أقصى تقدير، وهو إنتاج غير كافٍ؛ فنحن نحتاج المزيد من الأفلام الجيدة المحبوكة، وأيضا تكون ذات ميزانية معقولة بحيث يثق المستثمر في إعادة الإنتاج مرة أخرى بما يسهم في استدامة الصناعة ليرتفع اسم السعودية في المحافل الثقافية في الداخل والخارج”.
كما استعرض الفنان المصور إبراهيم سرحان علاقة الإنسان بالإبل في السعودية، وهي التي لم تتناولها السينما بالشكل المطلوب، مؤكداً أن استئناس الإبل يمثل نقطة فارقة في تاريخ الجزيرة العربية، مضيفا أن الإبل هي التي غيرت موازين القوة في المنطقة كلها، ولولا استخدام الإبل ما كانت هذه المناطق، وهي الظهران الكبرى والأحساء والرياض، وما كان الإنسان يستطيع أن يسكن فيها، فالإنسان في البداية كان يسكن في الغابات والمناطق الجبلية، ولم ينتقل إلى الصحراء إلا بعد استئناس الإبل؛ ولذلك بدأت منذ سنوات محاولة الاختلاط بالناس الذين يتعاملون مع الإبل؛ لتصوير العلاقة بين الإنسان والإبل، لكن مع الأسف نحن الآن في مرحلة حرجة؛ فأغلب الإبل ترعاها عمالة وافدة، وأصبح من النادر أن تجد إنساناً عربياً يرعى الإبل ويهتم بها بنفسه.
وعرض سرحان عدداً من الصور لأطفال وشباب يتعاملون مع الإبل، منهم طفل كان يقضي حياته اليومية بين المدرسة ورعاية الإبل، مؤكداً على عظمة العلاقة بين الإنسان والإبل؛ حيث تمثّل تلك العلاقة – وخاصة داخل السعودية – كنزاً ثقافياً لم يُكتشف بعد، وتحتاج إلى فنان محلي لتصوير عظمة تلك العلاقة.
واستعرض الفنان المصور إبراهيم سرحان عدداً من رحلاته المصورة في الصحراء لرصد العلاقة بين الإنسان والإبل، وبين الإنسان والصحراء في السعودية، موثقاً أهم ملامح علاقة الإنسان العربي بالصحراء وما فيها من جمال وثقافة وأدب، مشيراً إلى أن هناك من لا يعرف الصحراء مع الأسف الشديد.
وعرج سرحان على الأدب الجاهلي أيضاً وعلاقة الشاعر بالإبل، وكيف كانت الإبل صديقته التي ينطلق بها في الصحراء، مستعرضاً أهم القصائد التي تناولت الصحراء وكيف تناولها الشعراء قديماً، مستشهداً بأبيات الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى، وغيره من شعراء العصور القديمة.
يذكر أن المهرجان، الذي تنظمه جمعية الثقافة والفنون في الدمام وبالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) وبدعم من هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة، سيعرض 36 فيلمًا سعوديًا ما بين أفلام مرشحة للنخلة الذهبية، وأفلام موازية قصيرة وطويلة، تتيح للجمهور ملامسة القفزة الإبداعية التي وصل إليها منتجو الأفلام في فترة وجيزة عبر حبكات متنوعة في مواضيعها ومنعطفاتها وقوالبها التي تحمل الكثير من الثقافة والأصالة في طابعها، إضافةً إلى 21 فيلمًا خليجيًا؛ لتعزيز الترابط الفكري والمعرفي.
وسيقدم المهرجان 4 ورش تدريبية في المجال السينمائي ما بين القانون والتصوير والكتابة والإنتاج، و3 ندوات ثقافية مع خبراء في النقد السينمائي والأفلام المستقلة وسينما الصحراء، كما سيتم نشر 6 كتب تشمل كتبًا مطبوعة ونسخا رقمية ضمن مسار الإصدارات المعرفية لهذا العام، وسيتم عرض جميع البرامج عبر قناة المهرجان على اليوتيوب.