الأردن يمتنع عن فرض ضرائب جديدة بموازنة 2020

الحكومة الأردنية تبحث عن سبل لتعزيز الإيرادات دون اللجوء إلى فرض ضرائب جديدة يمكن أن تشعل الغضب.
السبت 2019/11/23
تحسين معيشة المواطنين أولوية قصوى

كشفت الحكومة الأردنية عن أنها ستخفف سقف الضرائب المفروضة على الأفراد والشركات في بعض القطاعات ولن تفرض أي رسوم جديدة في موازنة 2020، رغم حاجتها لتعبئة موارد مالية إضافية لتغطية العجز وتوفير السيولة لتسيير شؤون الدولة.

عمان - قررت الحكومة الأردنية الامتناع عن فرض ضرائب جديدة في موازنة العام المقبل مقابل زيادة النفقات، رغم ضعف مؤشرات النمو الحالية في ظل استمرار تفاقم العجز التجاري وتذبذب الكثير من الأنشطة الاقتصادية.

ويتوقع محللون أن تخف الضغوط على الشركات والمواطنين قليلا قياسا بما عانوه هذا العام، مع أن هذا الأمر يعتبر من أهم نقاط الخلاف مع صندوق النقد الدولي، حيث تأتي الضرائب في سياق الإصلاح الاقتصادي.

واتجهت الحكومة إلى تخفيف عبء الضرائب بعد زيادات في العام الماضي، أثارت احتجاجات عنيفة واحتقانا اجتماعيا واسعا، في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وبعض الخدمات.

وقال وزير المالية الأردني محمد العسعس أمام اللجنة المالية في البرلمان مساء الخميس الماضي خلال مناقشة الموازنة وخطة تحفيز النمو، إن بلاده “لن تفرض ضرائب جديدة في الموازنة المقترحة لعام 2020”.

ولكنه أشار إلى أن الحكومة ستبحث عن سبل أخرى لتعزيز الإيرادات، من بينها التصدي للتهرب الضريبي والجمركي المستشري، من أجل خفض الدين العام القياسي.

وأكد العسعس أن الحفاظ على الاستقرار المالي يظل أحد الشواغل الرئيسية للحكومة. وقال إنه “يتعين تحقيق الإيرادات اللازمة من أجل الحفاظ على الاستقرار المالي”.

وأضاف “سيتم العمل على رفع مخصصات الإنفاق الرأسمالي ومخصصات الأمان الاجتماعي وعدم الاستمرار بموازنة تخرج بمتأخرات مالية”، موضحا أن الموازنة سترصد الأرقام الحقيقية لمعالجة المتأخرات.

محمد العسعس: سنمول الموازنة بالتصدي للتهرب الضريبي والجمركي
محمد العسعس: سنمول الموازنة بالتصدي للتهرب الضريبي والجمركي

ومن المتوقع إحالة الموازنة إلى البرلمان في الأيام القادمة لمناقشتها والمصادقة عليها قبل إحالتها إلى مجلس الأعيان، الذي يناقشها بدوره قبل إحالتها إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لختمها حتى تصبح نافذة المفعول.

ويكافح الأردن، في ظل برنامج من صندوق النقد الدولي لأجل ثلاث سنوات وقد بدأ في 2016، من أجل كبح الدين العام الذي بلغ مستوى قياسيا عند 94 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وذلك ضمن إصلاحات هيكلية طال تأجيلها.

وتبحث الحكومة عن سبل لتعزيز الإيرادات دون اللجوء إلى فرض ضرائب جديدة يمكن أن تشعل الغضب على غرار ما حدث عندما بدأ تطبيق زيادات كبيرة شملت ضريبة المبيعات التي طالب بها صندوق النقد، فيما فجّرت أكبر مظاهرات في البلاد منذ سنوات.

وترى الحكومة أن التصدي للتهرب الضريبي، الذي يقدر مسؤولون أنه يكلف الخزانة مئات الملايين من الدولارات سنويا، سيساعد في تحسين المالية العامة للحكومة.

وقال العسعس إن “الدولة ستكافح التهرب الضريبي والجمركي بسلطة القانون”.

ويجمع محللون على أن تعديل قانون الضريبة العام الماضي، كبل بشكل كبير نشاط معظم القطاعات الاقتصادية لأنه حدّ من عملية الاستهلاك التي يفترض أن يكون المواطنون طرفا رئيسيا فيها.

وتؤكد الحكومة أن الموازنة الجديدة نتاج إرث بسبب الكثير من التحديات أغلبها خارجية.

وتشير التقديرات الرسمية إلى تكاليف الصدمات المتعلقة بانقطاع إمدادات الغاز المصري وإغلاق الحدود مع العراق بلغت نحو 17.4 مليار دولار، ما يمثل 44 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وكانت السلطات قد أعلنت في وقت سابق هذا الشهر اتفاقها مع البرلمان على التشارك في إعداد الموازنة الجديدة والتي يتوقع أن يتضاعف العجز فيها قياسا بالموازنة الحالية المقدرة بـ910 ملايين دولار.

وربط خالد بكار رئيس اللجنة المالية النيابية، موافقة البرلمان على الموازنة الجديدة بمدى التزامها بمطالب الناس وخاصة عدم زيادة أسعار خدمات الكهرباء والماء وخفض الضرائب.

وقال خلال الجلسة مع وزير المالية إن “الموازنة يجب أن تهدف إلى تحسين مداخيل المواطنين وأن تأخذ بعين الاعتبار شطب البعض من البنود المزعجة قبل تسليمها لمجلس النواب نهاية الشهر الجاري”.

وخلال مقابلة مع إحدى القنوات التلفزيونية المحلية، قال البكار إن “أرقام الموازنة الأولية تؤشر إلى عجز يصل إلى 1.7 مليار دينار (2.4 مليار دولار)، وبعد التخفيضات التي قد تجتهد فيها الحكومة مع النواب قد يصل العجز إلى 2.1 مليار دولار وهو رقم كبير”.

وتشكك أوساط اقتصادية أردنية في جدوى الإجراءات الجديدة، التي تتخذها الحكومة بين الفينة والأخرى لتحفيز الاقتصاد المتعثر رغم ترحيبهم بها.

وأكدوا ضرورة اتخاذ خطوات أخرى أكثر جرأة، واعتماد أدوات أكثر فاعلية لإنعاش معدلات النمو، التي لا تزال بعيدة عن المستوى المطلوب.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أكدت غرفة تجارة عمّان أن تخفيض ضريبة المبيعات وأسعار الطاقة والرسوم الجمركية تعد الركن الأساس في تحفيز الاقتصاد بما يمكنه من تجاوز الصعوبات وتحسين معيشة المواطنين.

وتصل نسبة الرسوم والضرائب على السلع والخدمات والضرورية والطبية ومستلزمات الأطفال والمدارس إلى 51 بالمئة.

وشددت الغرفة على ضرورة توحيد الرسوم الجمركية ما يسهم في تخفيض الأسعار والحد من التهريب وزيادة الاستثمار.

كما طالبت بإلغاء استيفاء رسم بدل الخدمات الجمركية البالغ 5 بالمئة على البضائع المستوردة بالإضافة إلى نسبة ضريبة الدخل التي تستوفيها الجمارك على قيمة البيان الجمركي عند الاستيراد وتوردها للخزينة والبالغة اثنين بالمئة.

2.4 مليار دولار، قيمة العجز في موازنة 2020 قياسا بنحو 910 ملايين دولار بنهاية 2019

ويقول خبراء إن ضعف ركائز الاقتصاد الأردني يأتي نظرا لاعتماده بشكل كبير على المنح والمساعدات الخارجية وأن انخفاضها سيؤثر سلبا على الموازنة وحجم العجز.

وتوقع وزير التخطيط والتعاون الدولي وسام الربضي، ارتفاع المنح الخارجية بنحو مئتي مليون دولار، لتصل إلى قرابة 800 مليون دولار نهاية العام الحالي.

وتستعد عمّان للتوقيع على اتفاقيات منح بقيمة 770 مليون دولار من المنح بما فيها منحة نقدية بقيمة 745 مليون دولار من الولايات المتحدة.

وتظهر البيانات أن المساعدات الخارجية بلغت في الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي حوالي 2.6 مليار دولار.

وكانت دول خليجية في مقدمتها السعودية والإمارات قد تعهدت بمنح الأردن حزمة إنقاذ بقيمة 2.5 مليار دولار في شكل ودائع وسلع من بينها الوقود.

وهناك انتقادات لقصر نظر الحكومة في عدم تبنيها استراتيجية واضحة تتضمن حلولا جذرية للحد من تفاقم مشكلتي الفقر والبطالة من خلال تحفيز الاستثمار وتنشيط أداء القطاعات الاقتصادية.

وتشير بيانات دائرة الإحصاءات العامة إلى أن نسبة البطالة ارتفعت لتبلغ حوالي 19.2 بالمئة بنهاية النصف الأول من هذا العام، مقارنة مع 18.4 بالمئة في الفترة ذاتها قبل عام.

ودخلت سوق العمل الأردنية في منافسة قوية مع العمالة السورية، بينما يبلغ إجمالي عدد السكان بالبلاد 9.531 ملايين منهم 2.9 مليون غير أردني، بينهم 1.3 مليون سوري.

11