الأردن يراهن على حماسة غانتس لاستعادة زخم العلاقة مع إسرائيل

التغيرات الإقليمية وخشية الأردن من عزلة قد تفرض عليه في حال لم يساير التحولات ساهم في دفع المملكة نحو البحث عن نقطة التقاء مع الجانب الإسرائيلي.
الاثنين 2021/03/01
بيني غانتس: الأردن ثمين جدا لإسرائيل

لا يخفي وزير الدفاع الإسرائيلي وزعيم حزب ‘أبيض أزرق’ بيني غانتس حماسته لاستعادة زخم العلاقة مع الأردن الذي يعتبره شريكا حيويا، على خلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي ينظر إلى العلاقة مع البلد الجار على أنها ليست ذات أولوية.

عمان- كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن لقاء جمع مؤخرا العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، الذي سبق أن شدد على أهمية العلاقة مع الأردن وعلى ضرورة الحفاظ على اتفاق السلام الموقع بين الدولتين والذي سيتم الاحتفاء بمرور 27 سنة على توقيعه في أكتوبر المقبل.

وتزامن الحديث عن اللقاء مع مقال نشره الأمير الحسن بن طلال، وهو عم الملك عبدالله الثاني، في صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية والذي أكد من خلاله على أهمية العلاقات بين البلدين، واصفا اتفاق السلام بينهما كحلف سلام وصداقة.

ويعتقد أنه ما كان للأمير، وهو ولي العهد قبل أن يقوم الملك الراحل الحسين بن طلال بتغييره قبل أيام من رحيله، نشر هذا المقال في صحيفة إسرائيلية دون الحصول على موافقة من الملك عبدالله الثاني.

وقالت صحيفة “يديعوت أحرنوت”، الأحد، إن وزير الدفاع الإسرائيلي التقى سرا بالملك عبدالله الثاني في الأردن، دون أن تحدد تاريخا لذلك، فيما التزمت المملكة الصمت حيال التسريب ما يشي، وفق متابعين، بصحة الخبر.

وألمح غانتس الجمعة إلى إجرائه اتصالات مباشرة مع الأردن، وانتقد علاقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعمان، خلال اجتماع “زووم” مع نشطاء في حزب “أزرق أبيض” الذي يرأسه.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الاجتماع “لدي علاقة مستمرة مع الملك الأردني وغيره من كبار المسؤولين الأردنيين، وأنا أعلم أنه يمكننا تحقيق إنجازات كبيرة”. وتابع “أرى أنه من الممكن تنفيذ مشروع أو مشروعين مدنيين كل عام مع الأردن، وفي غضون 10 سنوات يمكن تحصيل ما يصل إلى 20 أو 30 مشروعا لتحسين العلاقات مع الدولة المجاورة”.

وزير الخارجية غابي أشكنازي التقى مرتين في الأشهر الأخيرة بنظيره الأردني أيمن الصفدي
وزير الخارجية غابي أشكنازي التقى مرتين في الأشهر الأخيرة بنظيره الأردني أيمن الصفدي

وشدد “أعتقد أن الأردن ثمين جدا لإسرائيل، وعلاقتنا مع المملكة يمكن أن تكون أفضل 1000 مرة. لكن لسوء الحظ، نتنياهو هو شخصية غير مرغوب فيها في الأردن ووجوده يضر بالعلاقات بين الدولتين”.

وتشهد العلاقة بين الأردن وإسرائيل تحسنا ملحوظا في الأشهر الأخيرة بعد برود لسنوات، ويقول مراقبون إن ذلك يعود إلى حرص حزب ‘أزرق أبيض’ الشريك في حكومة نتنياهو على وضع حد للتدهور الحاصل وفتح آفاق جديدة في العلاقة بين الطرفين.

ويلفت المراقبون إلى أن التغيرات الإقليمية، لاسيما في علاقة باتفاقات أبراهام، وخشية المملكة من عزلة قد تفرض عليها في حال لم تساير هذه التحولات كل ذلك ساهم في دفع المملكة نحو البحث عن نقطة التقاء مع الجانب الإسرائيلي، توفرت في شخص غانتس.

وكان وزير الخارجية غابي أشكنازي التقى مرتين في الأشهر الأخيرة بنظيره الأردني أيمن الصفدي، كما جرى قبل فترة إبرام اتفاقية بين الجانبين الأردني والإسرائيلي ضمن ما يسمى بـ”السموات المفتوحة”.

ويرتبط الأردن وإسرائيل باتفاق سلام منذ العام 1994، جرى توقيعه خلال عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، ونتج عن هذا الاتفاق بناء علاقات أمنية وثيقة مع الجانب الإسرائيلي، بيد أنه ومنذ صعود اليمين للحكم في تل أبيب طغى التوتر على العلاقة بين الجانبين في معظم الأحيان، جراء التوسع الاستيطاني والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للحرم القدسي الذي هو تحت الوصاية الأردنية.

وعلى خلاف رأي المؤسستين الأمنية والعسكرية في تل أبيب اللتين تشددان على أهمية الحفاظ على العلاقة مع المملكة حيث تعتبرانها استراتيجية بالنسبة إلى إسرائيل، فإن للسلطة السياسية التي يمثلها نتنياهو (زعيم حزب ليكود اليميني) موقفا آخر، وسبق أن قال بصريح العبارة “إن إلغاء الأردن لاتفاقية السلام معنا لا يهمّنا”.

غانتس ألمح الجمعة إلى إجرائه اتصالات مع الأردن وانتقد علاقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعمان في اجتماع لحزب أزرق أبيض

ويقول المراقبون إن نتنياهو يعتقد أن المتغيرات الإقليمية وحتى الدولية تجعل من الاهتمام بالعلاقة مع المملكة مسألة ثانوية، خصوصا بعد توقيع اتفاقات أبراهام مع كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، وبالتالي فإن الدور الذي كانت تلعبه عمان كوسيط لم يعد موجودا.

وهذا الاعتقاد من وجهة نظر المؤسستين الأمنية والعسكرية في إسرائيل يعكس قصر نظر، ويبدو أن هناك توجها حاليا لإعادة ترميم ما انكسر على مستوى هذه العلاقة، خصوصا مع صعود إدارة أميركية جديدة تتبنى المنظور القديم لعملية السلام رغم تأكيد انفتاحها على مسار أبراهام.

ولكن يبقى التساؤل الذي يفرض نفسه ماذا إن خسر غانتس وفاز نتنياهو بأغلبية تمنحه القدرة على تشكيل حكومة يمينية في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية (الكنيست) المقرر إجراؤها في مارس؟ فهل سيعمل زعيم ليكود على مواصلة ما بناه زعيم ‘أزرق أبيض’ أم سيبقي على العلاقة مع عمان ضمن حدها الأدنى؟

2