الأخوان شحادة يحتفيان بالموسيقى العربية في الفجيرة

الفجيرة – رغم الطابع الفلكلوري اللبناني الفلسطيني الذي يميز عادة حفلات الأخوين شحادة، إلاّ أنهما اختارا أن يقدما في حفلهما الموسيقي الذي أحيياه في الهواء الطلق ضمن فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، تشكيلة متنوعة من الأغاني كان فيها نصيب كبير لأعمال العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، رغم اختلاف هذا النمط الموسيقي مع اختياراتهما الغنائية التي دأب الأخوان على تقديمها.
وقد يكون مردّ هذا التوجه، هو التنوّع الحاصل في الجمهور الذي يحضر مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، ما يقتضي بالضرورة عملية انتقائية لأعمال تتماشى مع متطلبات هذا التنوّع.
وفي المقابل لم يتخل الأخوان شحادة في فصول مختلفة من الحفل عن الأغاني اللبنانية والفلكلورية والقدود الحلبية التي كانت عنوانا كبيرا لنجاحهما منذ ظهورهما على الساحة الفنية.
وفي حالة من الانسجام المألوف بينهما قدّما عرضا استطاع أن يشدّ انتباه الحاضرين الذين ذهب بعضهم للغناء معهما أو الرقص على وقع الإيقاعات التي جاءت في سياق أغان لكبار الموسيقيين والفنانين العرب، ولكنها حملت توقيع الأخوين ولمستهما الخاصة.
ونجح كلاهما على مدار ما يقارب الساعة في إيصال الأغاني بأسلوب موسيقي مختلف لا يشبه غيرهما، ولا يكرّر التوزيع الموسيقي الأصلي للأغاني، ولكن لا يفقدها جوهرها، الأمر الذي ساهم في خلق أجواء بهيجة ما بين الفنانين والجمهور الحاضر.
ولم تنته رحلة الأخوان شحادة في الفجيرة عند هذا العرض، إذ كانت لهما محطة أخرى في إطار فعاليات المهرجان الأربعاء، في لقاء ثان مع جمهور الإمارة.
والأخوان شحادة ولدا وترعرعا في مدينة القدس القديمة في بيئة تأثرت بالموسيقى التقليدية والشعر، ما مكّن كلا من فريد ورامي شحادة من التشبّع بفنون الموسيقى والغناء الشرقي المتنوعة في سن مبكرة.
وفي زمن قياسي تطوّرت موهبة الشقيقين بشكل لافت ليصبحا من نخبة الموسيقيين في المنطقة العربية ويطرقان أبواب دول العالم أيضا.
أحيا الأخوان شحادة حفلا موسيقيا في الهواء الطلق ضمن فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، جمع بين أنماط موسيقية عربية مختلفة تراوحت بين التراث الموسيقي اللبناني والقدود الحلبية وأغان لكبار الفنانين المصريين، برؤية موسيقية حافظت على الطابع الفني المميّز للأخوين وأفرزت حالة من التفاعل الكبير مع الجمهور الحاضر
ومن المعروف عنهما أنهما يتقنان العزف على جميع الآلات الموسيقية العربية المعروفة مثل العود والبزق والقانون والكمنجة والناي، إلى جانب عدد من آلات الإيقاع مثل الطبلة والكاتم والرق.
وفي 2005 تم ترشيحهما لجائزتين للموسيقى العالمية مقدمتين من “بي بي سي” لإنجازاتهما ومشاركتهما في الاحتفالات الموسيقية الكبرى في جميع أنحاء العالم، كما تم ترشيحهما لكونها أدخلا تأثيرات إغريقية وروسية وكوبية على الموسيقى الشرقية والتقليدية لتضفي عليها مسحة عصرية تأسر القلوب.
وتقدم الفرقة أعمالا فنية في منطقة الشرق الأوسط وحول العالم تسلّط الضوء على فلسطين التي تنحدر أصول الأخوان شحادة منها.
وفي ختام الحفل أعرب الأخوان عن سعادتهما بالغناء ضمن فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، وقالا “بدا الفضاء الحاضن للعرض والمهرجان منسجما مع الطابع الشعبي لموسيقانا”.
وأضاف الأخوان “المهرجان رائع بكل المقاييس ويتّضح الطابع الشعبي فيه بشكل كبير، وقد أحببنا جدا هذه المشاركة الرائعة فيه، ولمسنا تفاعل الجمهور مع ما قدّمنا وشعرنا بفرحه بكل ما أدّينا، وهذا كان كفيلا بأن يجعلنا نقدّم عرضنا بتناغم كبير، ونسعد أكثر بهذا اللقاء”.
ولدى سؤالهما عن أسباب استمرارهما في الغناء لأصوات أخرى، رغم الشهرة التي أصبحا يتمتعان بها وعدم إنتاج أعمالهما الخاصة، أكد الأخوان شحادة أن هذا مخطط المرحلة القادمة.
وقالا “صحيح أننا دأبنا لسنوات على الغناء لفنانين آخرين تركوا بصمات كبيرة في الموسيقى العربية، ولكن قريبا سيكون هناك إنتاج خاص بروح لبنانية سيتابعه الجمهور، وقد تكون بداية للانتقال لمرحلة الإنتاج”.
وممّا لا شك فيه أن تجربة الإنتاج الخاص ستعزّز مكانة الأخوين على الساحة الموسيقية، وفي انتظار ما سيصدر من أعمال في هذا السياق يبقى السؤال مطروحا، هل سيكون الإنتاج الخاص بحجم وقيمة الأعمال الفنية التي كانا يؤديانها، والتي تعود كما أسلفنا، لكبار الفنانين والموسيقيين العرب؟
ويستمر مهرجان الفجيرة للفنون إلى غاية الخامس من مارس الجاري، ليضم عروضا استعراضية ومسرحية بمشاركة أكثر من 25 دولة، حيث يعوّل القائمون عليه على بناء جسور ثقافية بين هذه الدول والتعرف عليها من خلال فنها.
ويستضيف المهرجان عددا هاما من نجوم التمثيل والغناء والفنون الأدائية، إذ يحل أكثر من 300 نجم عربي على المهرجان من 18 دولة عربية، فيما يصل عدد الضيوف الأجانب إلى 70 شخصا من 36 دولة من بينها الولايات المتحدة الأميركية والسويد وألمانيا وسويسرا والصين وصربيا وبوركينا فاسو وأرمينيا وروسيا وسلوفينيا وفيتنام وجنوب أفريقيا وتركيا وبنغلادش والمملكة المتحدة وبولندا وجورجيا والهند وكوريا الجنوبية وفرنسا وغيرها.
ومهرجان الفجيرة للفنون مهرجان دولي شامل للفنون المسرحية والموسيقية والتشكيلية والأدائية والفنون الشعبية، تشارك فيه فرق وفنانون من خمسة وخمسين دولة، ويضمّ تحت مظلته مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما في دورته السابعة، وبطولة السيف في دورتها الثالثة، والعديد من الفعاليات الفنية التي ستوزّع في جميع مناطق إمارة الفجيرة.
الأخوان أدخلا على الموسيقى الشرقية والتقليدية تأثيرات إغريقية وروسية وكوبية لتضفي عليها مسحة عصرية
ويحتضن مسرح شاطئ الفجيرة الفعاليات الغنائية والموسيقية الكبرى، فيما يحتضن مسرح دبا الفجيرة الفعاليات المسرحية، وتتوزّع أمسيات الفرق الشعبية على منطقتي مسافي والطويين، فضلا عن عروض الشوارع الكرنفالية والندوات المصاحبة والمؤتمرات الصحافية للفنانين.
ويشكل المهرجان، بحسب المنظمين، عيدا للثقافة وعرسا فنيا يجمع أقطاب الفن من جميع أنحاء العالم، لتقديم لوحة فنية جميلة تؤكد تلاحم الشعوب من خلال فنها بالرغم من اختلاف ثقافاتها.