استهداف الأمنيين يضاعف المخاوف من اختراق الإخوان لشرطة مصر

القاهرة – لم يعد الحديث عن اختراق أجهزة الأمن في مصر مجرد تخمينات، فقد ارتفع منسوب الشك بعد وقوع عدد من حوادث استهداف عناصر من الشرطة في أماكن مختلفة، فضلا عن إحباط تحركات أمنية قبل وقوعها.
ويأتي هذا في ظل مخاوف قديمة من اختراق الجماعات الإسلامية لأجهزة الشرطة خاصة جماعة الإخوان والمجموعات السلفية المختلفة.
وشهدت الفترة الماضية أكثر من حادث استهداف لعناصر من الشرطة بطرق سهلة، بعضها خلال قيامهم بمهام أمنية بشكل سرّي، وهو ما يزيد من حجم الضغوط على وزارة الداخلية التي بدأت معركة ضارية مع الإرهاب منذ حوالي ثلاث سنوات.
وغذّى الهجوم الأخير، الذي استهدف ثمانية من عناصر الشرطة لقوا حتفهم جميعا بمنطقة حلوان جنوب القاهرة، المخاوف من إمكانية وجود مندسّين داخل جهاز الشرطة نفسها.
وفاقم من هذه المخاوف تزامن الحادث مع تسريب معلومات عن ضبط شبكة من ضباط الشرطة متورّطة في إمداد عصابة لتهريب المخدرات في محافظة القليوبية المتاخمة للقاهرة بمعلومات عن تحركات القوات قبل مداهمة أوكارها ما سهل على أفراد العصابة القضاء على عدد من رجال الشرطة.
ورجّح خبراء أمنيون وجود شخص في الشرطة مدّ القتلة بخط سير القوات لتسهيل استهدافهم، وهي نظرية أكدت عليها تقارير مقرّبين من وزارة الداخلية، قالت إن الجهات الأمنية تدرس احتمال تورط 5 ضباط في الأمر.
وطالب أعضاء لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب بضرورة استدعاء وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، للتحقق من إجراء التأمين للأفراد والتحركات، والوقوف على مدى تسرب معلومات حول المأموريات الأمنية التي يقوم بها رجال الشرطة.
وتمسك أعضاء اللجنة بإلزام قيادات الوزارة بعرض إجراءات التأمين الداخلية، ومدى تحديث الرؤية الأمنية، والتحقيق الداخلي في الواقعة والوقوف على أن الحادث تم من خلال تسريب متعمد للمعلومات، وتساهل في الحفاظ على تحركات قوات الأمن.
وأدى تسرب معلومات من داخل الجهاز الأمني في نوفمبر 2013، إلى مقتل ضابط أمن قبل أيام من الإدلاء بشهادته في محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وأكدت مصادر أمنية لـ”العرب” أن تحقيقات تجري داخل وزارة الداخلية لتحديد الخرق الأمني، خاصة بعد أن ثبت تورط 15 من كبار ضابط في التعاون مع عصابة “الدكش” المتخصصة في تهريب المخدرات.
واعترف محمد حافظ زعيم العصابة بأن عددًا من الضباط من بينهم قادة حاليون وسابقون في الداخلية كانوا يتلقون رواتب شهرية نظير إمدادهم بالمعلومات حول تحرك القوات التي كانت تداهم أوكارهم.
وتوقعت المصادر الأمنية أن تنتهي التحقيقات بالإعلان عن إجراء أكبر حركة تنقلات للضباط والقيادات، تشمل إحالة 300 لواء وعميد للتقاعد ونقل 3 آلاف ضابط إلى مواقع أخرى، لقطع الطريق على جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات من توظيف أيّ عناصر لها بالوزارة مستقبلا.
ولم يستبعد اللواء مجدي يعقوب الضابط السابق بجهاز مكافحة الإرهاب، وجود خلايا مندسّة داخل الجهاز الأمني، معتبرًا أن الشواهد تؤكد ذلك، خاصة ما جرى في حادثة الدورية الأمنية في حلوان.
وطالب يعقوب في تصريح لـ”العرب” وزارة الداخلية بأن تجري تحرّيات موسعة على أفرادها، وأن تطهّر نفسها بنفسها دون أن تنتظر أن يطالبها أحد بذلك، لأن الفساد “موجود في كل أجهزة الدولة، والشرطة أحد هذه المؤسسات”.
وقال محمد محي الدين مقرر لجنة الدفاع والأمن القومي بالجمعية التأسيسية للدستور سابقًا إنه لا يمكن لأحد أن يستبعد احتمالات وجود متآمرين وخلايا مندسة داخل وزارة الداخلية، والحل أن يتم التسريع باتخاذ عمل وقائي لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
وأوضح محي الدين لـ”العرب” أن محاكمة المتهمين من أفراد الشرطة، وعدم التستر على بعضهم، يحسّن صورة رجال الأمن أمام المجتمع.
وكانت وسائل إعلام مصرية نشرت صورا لخمسة من ضباط الشرطة وحذرت من خطورتهم، بعد أن هربوا من مواقع عملهم، عندما اكتشفت أجهزة أمنية رقابية علاقتهم بتيارات متشددة، مع أنهم كانوا ساهموا في فض اعتصامي الإخوان في رابعة والنهضة في 14 أغسطس 2013.
ولم تنف وزارة الداخلية بشكل رسمي أيّا من الاتهامات التي وجهت إلى ضباطها.