استمرار الأزمة السياسية ينذر بتخفيض التصنيف الائتماني للكويت

الشيخ صباح الخالد يتجه لتغيير وزير الداخلية وإشراك أربعة نواب في الحكومة المقبلة.
السبت 2021/11/27
توقيت قاتل

دقت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني ناقوس الخطر بشأن الوضع الاقتصادي في الكويت في حال استمر الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وعدم إقرار إصلاحات مالية من بينها إقرار قانون للدين العام يسمح للإمارة الخليجية بالاقتراض.

الكويت - حذرت أوساط اقتصادية كويتية من أن عدم الاستعجال في حل الأزمة السياسية، واستمرار حالة عدم الاستقرار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فضلا عن الغموض الذي يلف الوضع الصحي لأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، كلها عوامل تؤثر على مساعي تحقيق التعافي الاقتصادي.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن تلويح وكالة التصنيف الدولية "موديز" بتخفيض التصنيف الائتماني للكويت إلى أكثر من درجة يشكل تحديا كبيرا أمام رئيس الوزراء المكلف الشيخ صباح الأحمد الخالد الصباح، الذي ينكب على مشاورات حثيثة مع القوى الفاعلة لتشكيل حكومة جديدة، بعد استقالة حكومته السابقة في الثامن من نوفمبر الجاري.

وقالت الأوساط ذاتها إن الشيخ صباح لا يملك ترف إهدار الوقت، حيث أن عليه حسم أسماء الوزراء قبل شهر ديسمبر، مع الأخذ بالاعتبار أن يكون الفريق الحكومي المقبل محل قبول أعضاء مجلس الأمة المتحفزين لعودة التصعيد في حال تم طرح أسماء جدلية، الأمر الذي سيعيق فرص إقرار قوانين مهمة لمالية الدولة من بينها قانون الدين العام المتعثر منذ سنوات.

وذكرت وكالة "موديز"، في تقرير تحت عنوان "التحليل الائتماني السنوي للكويت"، أنه استنادا إلى قراءتها لمستجدات السياسات الاقتصادية والمالية والبيانات المسجلة للإمارة خلال العام الحالي قد تضغط عوامل باتجاه تخفيض التصنيف الائتماني للإمارة الخليجية بأكثر من درجة.

واعتبرت الوكالة الدولية التي تقدم خدمات للمستثمرين أن من بين هذه العوامل زيادة مخاطر السيولة الحكومية، لاسيما مع اقتراب استحقاق الشريحة الأولى من السندات الدولية، إلى جانب استمرار تراجع القوة المالية للحكومة على المدى المتوسط بسبب زيادة الدين، في ظل سيناريو عدم تمرير قانون الدين العام الجديد وعدم قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات المالية.

وأشارت إلى التدهور الحاد في الموازنة العامة بنحو 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2021 مقارنة بنحو 14 في المئة - 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية السابقة، حيث تراجعت الإيرادات الحكومية بنسبة 39 في المئة لتصل إلى نحو 10.5 مليارات دينار مدفوعة بالانخفاض الكبير في أسعار وكميات إنتاج النفط. وفي الوقت نفسه اتسمت قاعدة الإنفاق الحكومي بعدم المرونة نسبيا، حيث تستحوذ فاتورة الأجور والدعوم الحكومية على أكثر من 75 في المئة من إجمالي الإنفاق العام.

وكالة موديز تحذر من وجود عوامل قد تضغط باتجاه تخفيض التصنيف الائتماني للكويت بأكثر من درجة

وحذّرت الوكالة من أن التصنيف يواجه تحديات، في مقدمتها استمرار الاعتماد على النفط وما ينتج عنه من تقلبات، وتوتر العلاقة بين السلطتين، مع مقاومة مجلس الأمة لخطة الحكومة في تنفيذ الإصلاحات المالية.

وشهدت العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة توترات خلال الأشهر الماضية بلغت حد جلوس نواب المعارضة على مقاعد الوزراء، واضطرار الحكومة أحيانا إلى تحويل جلساتها إلى قاعات أخرى.

وشكلت المساءلات التي وجهها نواب لرئيس الحكومة ووزراء، في ملفات تتعلق بالفساد وسوء إدارة أزمة وباء كورونا، أحد الأسباب الرئيسية في تلك التوترات التي حاول الأمير نواف احتواءها عبر الدعوة في سبتمبر الماضي إلى عقد حوار وطني، اختلف بشأنه نواب مجلس الأمة، ولاسيما المحسوبين على صفوف المعارضة.

وكان من نتائج ذلك الحوار الإعلان عن عفو أميري طال عددا من النشطاء ونوابا سابقين صادرة بحقهم أحكام في قضية اقتحام مجلس الأمة في العام 2011، في ما بدا للوهلة الأولى أن انفراجة في طريقها إلى التحقق في الكويت بيد أن المؤشرات القادمة من الإمارة تشي بأن الوضع لا يزال على حاله.

وعكست تصريحات بعض النواب حول نيتهم السير قدما في الضغط باتجاه فتح عدد من الملفات الشائكة، ومن بينها ملف الفساد الذي يطال عددا من المسؤولين، أن الدورة الجديدة التي بدأها مجلس الأمة لن تكون سهلة.

ويقول مراقبون إن الشيخ صباح الخالد، الذي أعيد تكليفه برئاسة الوزراء بمرسوم أصدره ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، يبدو في وضع صعب، بين الرضوخ للنواب بشأن الفريق الحكومي، وهو الأمر الذي سيظهره في موقف ضعف، وبين تشكيل حكومة بعيدة عن تأثيراتهم، وهو ما قد ينتهي به إلى صدام جديد مع مجلس الأمة.

تصريحات بعض النواب حول نيتهم الضغط لفتح عدد من الملفات تنذر بأن الدورة الجديدة التي بدأها مجلس الأمة لن تكون سهلة
تصريحات بعض النواب حول نيتهم الضغط لفتح عدد من الملفات تنذر بأن الدورة الجديدة التي بدأها مجلس الأمة لن تكون سهلة

وكشفت مصادر كويتية أن رئيس الوزراء المكلف يدرس ضم أربعة نواب إلى الحكومة المقبلة وهم حمد روح الدين، ومبارك العرو، ومحمد الراجحي، وهشام الصالح، كما أنه قرر تكليف وزير جديد للداخلية.

وبحسب صحيفة "القبس" المحلية هناك مرشحان من الأسرة الحاكمة، أحدهما من ذرية مبارك وشغل منصبا دبلوماسيا، والثاني شغل منصبا أمنيا، وسيفاضل بينهما الشيخ صباح لتولي وزارة الداخلية في الحكومة القادمة.

ويرى المراقبون أن إظهار رئيس الوزراء حرصا على ضم نواب جدد إلى الحكومة يندرج في سياق استباق أي تصعيد مع المجلس، من خلال تعزيز الكتلة البرلمانية الموالية له، لاسيما لتمرير القوانين المتعلقة بالإصلاحات المالية ومن بينها قانون الدين العام.

الشيخ صباح الخالد يبدو في وضع صعب بين الرضوخ للنواب بشأن الفريق الحكومي وبين تشكيل حكومة بعيدة عن تأثيراتهم وهو ما قد ينتهي به إلى صدام جديد مع مجلس الأمة

وانتهت صلاحية قانون الدين العام القديم في العام 2017، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف السجالات بين الحكومة التي تشدد على ضرورة إقرار قانون جديد يتيح لها الاقتراض عبر اللجوء إلى إصدار سندات دولية، ونواب المعارضة الذين يرون أن هذا القانون يجب أن تسبقه خطة إصلاح حكومية واضحة لتنويع إيرادات الدولة، مع وقف كل مظاهر الهدر والفساد.

ومن المرجح أن يظل موقف النواب على حاله، حيث أن الحكومة لا تملك الوقت لرسم سياسة إصلاحية واضحة تلقى قبول مجلس الأمة، وفي الآن ذاته هي ملزمة بتمرير قانون الدين العام سريعا في ظل الوضع الاقتصادي الصعب والمتوقع أن يتفاقم مع التقلبات المسجلة في السوق النفطية وارتفاع المخاطر بشأن عودة الموجات الوبائية للمنطقة.

وأكدت وكالة "موديز" أنه بالرغم من التقييمات السلبية إلا أن ذلك لا ينفي وجود إمكانية للتحسّن المستدام في القوة المؤسساتية ومعايير الحوكمة، من خلال العلاقة البناءة بين الحكومة ومجلس الأمة، مما يؤدي إلى تشكيل سياسة أكثر سلاسة يمكن التنبؤ بها، فضلا عن التحسن في فاعلية السياسة المالية بزيادة قدرة الحكومة على الاستجابة للصدمات، إضافة إلى تنفيذ الإصلاحات المالية التي تقلل بشكل جوهري من متطلبات تمويل الموازنة العامة.

ورجّحت الوكالة الدولية أن تحافظ البنوك الكويتية على سيولة جيدة، إذ تتجاوز جميع معدلات تغطيتها 100 في المئة، مع تمتعها بمصدات رأسمالية مرتفعة، معتبرة أن لوائح بنك الكويت المركزي التنظيمية وحصافته انعكستا استقرارا ماليا للنظام المصرفي خلال فترة تقلبات الاقتصاد الكلي.

3