استمرار إغلاق معبر راس اجدير بسبب خلافات ليبية أم لمشاكل مع تونس

لا يزال الليبيون والتونسيون ينتظرون إعادة فتح معبر راس اجدير الحدودي، بعد تسجيل ركود اقتصادي وتراجع في مستوى تنقل المسافرين والبضائع بين البلدين، في وقت يؤكد فيه المتابعون أن الملف يخص الشأن الداخلي الليبي، وليس خلافا بين الجانبين التونسي والليبي، كما ألمح وزير الداخلية الليبي عماد الطرابلسي.
راس اجدير (ليبيا) - بعثت تصريحات لوزير الداخلية الليبي عماد الطرابلسي الذي قال إن تونس وليبيا تنسقان لإعادة افتتاح المعبر رسائل مفادها أن استمرار إغلاقه يعود لوجود مشاكل بين تونس وليبيا، وهو ما يتناقض مع ما راج من أنباء في بداية الأزمة عن وجود خلافات بين الحكومة في طرابلس ومجموعات أمازيغية تنشط في التهريب.
وزاد تجاهل الطرابلسي للأزمة مع الأمازيغ في تصريحات أدلى بها السبت بشأن استمرار إغلاق المعبر، التأكيد على وجود أسباب أخرى في ظل معلومات متواترة منذ أيام بشأن خلاف بين تونس وطرابلس على إعادة تهيئة المعبر.
وتوقفت حركة العبور في معبر راس اجدير في 19 مارس الماضي، بعد صدور قرار من عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا إلى حين صدور تعليمات أخرى، بعدما شهد المنفذ اشتباكات مسلحة في 18 مارس الماضي.
وفي الوقت الذي يذهب فيه متابعون إلى أن الخلاف ليبي - ليبي بين وزارة الداخلية ومن ورائها حكومة الدبيبة وأهالي منطقة زوارة، نافين أن يكون خلافا بين الجانبين الليبي والتونسي، تذهب أطراف أخرى إلى كونه، يتجاوز الطرفين، ويأتي بقرار أميركي خدمة للمصالح وتأمين تنقل القوات الأميركية غرب ليبيا.
وأعلن وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عماد الطرابلسي التنسيق مع نظيره التونسي كمال الفقي لإعادة فتح منفذ راس اجدير الحدودي خلال الفترة المقبلة، وتفعيله من قبل الأجهزة المختصة بالدولتين. وجاءت تصريحات الطرابلسي في كلمة أمام الجمع العام لمنتسبي الوزارة، الذي أقيم اليوم السبت داخل مطار طرابلس العالمي.
ويقع معبر راس اجدير في مدينة بنقردان بمحافظة مدنين جنوب شرق تونس، ويبعد نحو 30 كلم عن مركز المدينة، وقرابة 180 كلم عن العاصمة الليبية طرابلس. ويعدّ المعبر أهمّ معبر برّي لغرب ليبيا ويربطها بتونس، لكنّه أيضا منفذ للتهريب تتنافس الميليشيات المسلّحة الليبية على السيطرة عليه.
وتدير المعبر من جانبه الليبي ميليشيات تابعة لمدينة زوارة التي تبعد حوالي 40 كلم على الحدود مع تونس، ترفض أي محاولة لطردها من طرف القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية. وأغلقت السلطات التونسية معبر راس اجدير الحدودي مع ليبيا، “لأسباب أمنية”، فيما قررت السلطات الليبية القيام بالمثل “بعد تهجم خارجين عن القانون على المنفذ”.
وقالت الإذاعة الرسمية التونسية في وقت سابق، إنه “تم غلق المعبر الحدودي من الجانب التونسي إثر تبادل إطلاق نار بالجانب الليبي، وذلك حفاظا على سلامة المواطنين القاصدين الأراضي الليبية". وأضافت الإذاعة أنه "تم السماح للمواطنين العالقين بالمعبر من الجانب الليبي الدخول إلى تونس إلى حين استقرار الوضع الأمني بالمعبر".
وتواترت في الفترة الأخيرة، أنباء عن خلافات بين تونس وليبيا بشأن تطوير المعبر وزيادة عدد البوابات في وقت لا يستبعد محللون أن تكون هناك قوى إقليمية ودولية وراء استمرار إغلاق المعبر بهدف خنق الاقتصاد التونسي وخلق أزمة قبل الانتخابات الرئاسية التي من المزمع إجراؤها خلال أشهر.
لكن المحلل السياسي والخبير الأمني، خليفة الشيباني، أفاد أن "تونس ليست لها أي علاقة بالموضوع والخلاف ليبي – ليبي بين قوات تابعة لوزارة الداخلية بحكومة الدبيبة وثوار منطقة زوارة، وهذه أمور داخلية لا دخل لتونس فيها”. وأكد في تصريح لـ”العرب”، أن "التنسيق بين وزير الداخلية الليبي عماد الطرابلسي ونظيره التونسي كمال الفقي، هو تنسيق عادي، وتونس ليس لديها أي إشكال" في ذلك.
وأضاف خليفة الشيباني “يفترض أن تسيطر حكومة عبدالحميد الدبيبة على الوضع، لكن هناك تجاذبات وانقسامات داخلية، ووجب تجاوز تلك الخلافات”، لافتا إلى أن “العلاقات بين تونس وليبيا طبيعية”. وأردف الشيباني قائلا “معبر راس اجدير هو شريان هام للاقتصاد والتجارة بين الطرفين، ونتمنى أن يكون الخلاف الأخير لأنه ليس في مصلحة ليبيا ولا في مصلحة تونس”.
وبدأت الخلافات والتنافس بين المجلس العسكري بزوارة وحكومة عبدالحميد الدبيبة على إدارة المعبر، منذ شهر نوفمبر من العام الماضي، إثر قرار يقضي بتشكيل غرفة أمنية مشتركة تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، وتكليفها بالسيطرة على المعبر لمكافحة التهريب وضبط الأمن، رفضته مكونات الأمازيغ واعتبرته تهديدا لها.
ويرى مراقبون أن أيّ محاولة لطرد القوات الأمازيغية من معبر راس اجدير ستدفع نحو مواجهات مفتوحة قد تكون مؤشرا على العودة بالمنطقة الغربية إلى مربع العنف والفوضى. وقال المحلل السياسي الليبي، عزالدين عقيل أن “إغلاق معبر راس اجدير هو قرار أميركي بالأساس، ولن يفتح المعبر حتى تؤمن واشنطن تنقل قواتها من غرب ليبيا وتتأكد من سلامتها، وخصوصا القوات الأميركية القادمة من نيجر وتشاد”. وأكد لـ”العرب”، “وضع معبر راس اجدير على قائمة الخلافات، هو بالأساس يعود لوجود ضغط أميركي على حكومة الدبيبة، وتونس ليست لها أي علاقة بهذا الجانب”.
واعتبر عقيل أنه “من قمة الغباء أن تأتي حكومة الدبيبة وتغلق معبر راس اجدير، ثم ترسل المسافرين إلى معبر ذهيبة وازن، وبالتالي ستؤجج الوضع ضدها”. ويوجد معبران حدوديان بين تونس وليبيا، الأول “راس اجدير”، والثاني معبر “ذهيبة وازن” في مدينة ذهيبة بمحافظة تطاوين (جنوب).