اتفاق بين نقابة التعليم الثانوي ووزارة التربية في تونس يقضي بتسليم نتائج الامتحانات

توصّلت وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي في تونس إلى اتفاق يتم بمقتضاه تسليم نتائج الامتحانات بعد أن اتخذت النقابة منع تسليم النتائج كخطوة احتجاجية منذ انطلاق السنة الدراسية، للدفاع عن حقوق المدرسين، في وقت اعتبر فيه مراقبون أنه يأتي في وقت متأخر وعلى حساب مصالح التلاميذ وأوليائهم.
تونس - أعلنت نقابة التعليم الثانوي في تونس قبول مقترح وزارة التربية حول بعض المطالب التي دخل من أجلها الأساتذة في احتجاج وإعلان عن عدم تسليم نتائج الامتحانات منذ بداية السنة الدراسية وتحويله إلى وثيقة اتفاق رسمي.
ويتعلق الاتفاق بصرف زيادة للقطاع بـ300 دينار (أكثر من 97 دولارا) على ثلاث سنوات وتحيين منحة العودة المدرسية والإعلان على الترقيات المجمدة وتسوية وضعية المديرين والنظار والاتفاق على مبدأ القضاء على التشغيل الهش.
وقررت الهيئة الإدارية للجامعة العامة للتعليم الثانوي، مساء الاثنين، في نهاية أشغالها المتواصلة بمدينة الحمامات (شمال) منذ الأسبوع الماضي، رفع قرار عدم تسليم نتائج الثلاثيين الأول والثاني (امتحانات كل ثلاثة أشهر) بالنسبة إلى المرحلتين الإعدادية والثانوية، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق مع وزارة التربية.
وأعلن الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الهيئة الإدارية عبدالله العش في تصريح لإذاعة محلية، أنه “بناء على ذلك الاتفاق، يرفع قرار حجب الأعداد وتسلم الأعداد وتنعقد مجالس الأقسام”.
وينص الاتفاق على استكمال توظيف الدفعة الرابعة للأساتذة النواب 2023 – 2024. وبخصوص دفعة 2022 تلقت الجامعة العامة للتعليم الثانوي وعودا وزارية بتسوية وضعية الأساتذة النواب وخلاص أجورهم.
كما قدّمت الوزارة للأساتذة النواب مقترحا يقضي بترفيع قيمة العقد من 750 دينارا (242.60 دولار) إلى ألف و120 دينارا (362.28 دولار) بالنسبة إلى من قاموا بالنيابات المشتركة (تدريس لمدة سنة كاملة).
كما سيتم تقديم طرح وزاري جديد يقترح توظيف الأساتذة النواب المسجلين بقاعدة البيانات 2008 – 2016، والقضاء على أشكال التشغيل الهش من خلال الجلسات التي ستقوم بها الوزارة الصيف القادم.
وقال لسعد اليعقوبي، كاتب عام جامعة التعليم الثانوي، “بعد جلسات مضنية من التفاوض توصلنا إلى اتفاق الحد الأدنى وفيه حسم لكل النقاط العالقة في اتفاق 2019، وفيه نقاط تخص زملاءنا النواب وزملاءنا المديرين والمبرزين دفعة 2015 السلك المشترك”.
وأكد في تصريح لوكالة الأنباء التونسية أن “الهيئة وافقت على هذا الاتفاق واعتبرته اتفاق الحد الأدنى في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ليكون بادرة إيجابية في اتجاه تدارك الحاصل التقييمي لا المعرفي بإرجاع الأعداد وإنجاز مجالس الأقسام، إلى غير ذلك من الإجراءات الإدارية التي تعطلت بسبب حجب الأعداد”.
وكان عبدالله العش ولسعد اليعقوبي، قد التقيا وزير التربية محمد علي البوغديري الجمعة الماضي خلال انعقاد الهيئة، وقدم مقترح الزيادة في الأجر الخام بـ300 دينار (أكثر من 97 دولارا) على ثلاث سنوات بعنوان زيادة في أجر التكاليف البيداغوجية يكون حاصلها 180 دينارا (58.22 دولار) تصرف بداية من يناير 2026 – 2027 – 2028.
ويأتي ذلك بعد أن لحقت أضرار كبيرة بالتلاميذ وأوليائهم، حيث كان بالإمكان التوصل إلى هذا الاتفاق قبل هذا الموعد، حتى يتمكن التلاميذ من التركيز في ما تبقى في الموسم الدراسي.
وقال أحمد المهوك، الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي، “الاتفاق جاء متأخرا جدا، لكن على الأقل سنتمكن من معرفة الأعداد التي تحصلوا عليها التلاميذ قبل نهاية السنة الدراسية”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “الأساتذة يريدون الحصول على حقوقهم واتبعوا خطوة حجب الأعداد في احتجاجهم، ونحن أولياء ولدينا أبناء يدرسون، لكن اضطررنا إلى إكمال ما تبقى في السنة الدراسية”
ويقول مراقبون إن الدور النقابي لجامعة التعليم تطغى عليه الصبغة السياسية، خصوصا بعد تمسّك نقابة التعليم بمطالبها دون مراعاة الصعوبات المالية والاقتصادية للبلاد، في علاقة بتأمين سدّ عجز الموازنة للعام 2023.
ويشير هؤلاء إلى أن نقابتي التعليم الأساسي والثانوي في تونس هما أبرز النقابات التي يراهن عليها اتحاد الشغل لابتزاز الدولة، وهو ما يشكل تهديدا للمنظومة التعليمية العمومية ككل.
لكن جامعة التعليم اعتبرت في بيان لها أن اتهامها بممارسة السياسة بديلا عن دورها في الدفاع عن حقوق منظوريها مجانب للصواب، وشدّدت على أن كل فعل نقابي هو فعل سياسي، باعتباره يهدف إلى رفع تداعيات وآثار السياسات المتبعة على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي للمدرسين.
وأفاد ناجي جلول، وزير التربية السابق، بأنه “كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق منذ بداية السنة الدراسية، لكن نقابة التعليم الأساسي أضاعت الكثير من الوقت على حساب التلاميذ”.
ووصف في تصريح لـ”العرب” النقابة بـ”حزب سياسي”، قائلا “هذه النقابة فقدت مصداقيتها وهي تتصرف كحزب سياسي، وما تقوم به منذ فترة ليست له علاقة بالعمل النقابي”.
وفاقمت الأزمة التي تواصلت منذ بداية السنة الدراسية، صعوبات الأسر التونسية في تقييم المستوى التعليمي لأبنائها التلاميذ.
ويشرع تلاميذ الأساسي والثانوي بداية الأسبوع القادم، في إجراء امتحانات نهاية الثلاثي الثالث.
واعتبر رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني أن “الاتفاق جاء متأخرا”.

وقال في تصريح إعلامي الثلاثاء إن “تأخّر التوصل إلى اتفاق بين الطرفين عنوان من عناوين إخفاق المنظومة التربوية”.
وأعلنت “المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسّط” إطلاق حملة “لا لتدمير التعليم العمومي”، على خلفية أزمة حجب الأعداد، التي تعتبرها المنظمة حلقة من حلقات استهداف هذا القطاع الحيوي.
وقالت المنظمة “بات واضحا أن التعليم العمومي قد تعرّض لعملية تدمير تكاد تذهب بآخر مكتسباته التي وضعت لبناته سنة 1958 كأول عملية إصلاح ناجحة ومفيدة، أسست أركان المدرسة الوطنية التي تخرّجت منها أجيال بنت الدولة الحديثة وشرّفت تونس في الخارج”.
واعتبرت أن “التعليم العمومي تعرّض إلى نكسة أخرى من خارج منظومة الإصلاح منذ 2011”، وتعتبر أنّه “أصبح لعبة بيد النقابات التعليمية التي استقوت على وزارة التربية والتعليم وعطّلت كل عملية إصلاح شاملة للتعليم لا تتماشى مع رؤيتها النقابية”.
وفي وقت سابق، دعا الرئيس التونسي قيس سعيد إلى ضرورة وضع حدّ لمشكلة عدم تسليم نتائج الامتحانات المتواصلة منذ أشهر، من أجل حلحلة الأزمة التي عمقت مشاكل التعليم في البلاد.
وأعلنت رئاسة الجمهورية التونسية أن “الرئيس قيس سعيد أكد، خلال استقباله بقصر قرطاج محمد علي البوغديري وزير التربية ومنصف بوكثير وزير التعليم العالي والبحث العلمي، على ضرورة التوصل إلى حل في أقرب الآجال لوضع حد نهائي للأزمة المتصلة بحجب الأعداد”.