إيران تخشى انتفاضة شعبية تهز أركان النظام

تنامي الدعوات إلى الاحتجاج في طهران تزامنا مع الذكرى الأولى لأحداث نوفمبر.
الثلاثاء 2020/10/27
استنفار تحسبا لوقوع المحظور

كثفت السلطات الأمنية في إيران احتياطاتها الأمنية ونشرت وحداتها العسكرية في عدة محافظات تحسبا لاحتجاجات شعبية قد تنطلق مع الذكرى السنوية الأولى لاحتجاجات نوفمبر التي رفعت شعارات مطلبية في بداية الأمر لكنها انتهت بالمطالبة بإسقاط النظام. وتخشى طهران أن تتلقف الولايات المتحدة موجة الاحتجاجات المرتقبة لمزيد الضغط على النظام الذي دخل في مرحلة تآكل شرعيته ومشروعيته.

طهران – أقر محمد رضا باهنر النائب السابق لرئيس البرلمان الإيراني، أنه إذا لم يتمكن مسؤولو النظام الإيراني من “إنهاء” أحداث نوفمبر 2019، فإن الأحداث كانت “تتجه نحو ثورة لا يمكن السيطرة عليها على الإطلاق”، فيما تنامت الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للاحتجاج مجددا ضد السياسات الحكومية التي أثقلت كاهل الإيرانيين ودفعت بثلثهم تحت خط الفقر المدقع.

وفي مقابلة نشرتها وكالة أنباء “إيلنا”، الاثنين، أعرب باهنر عن ارتياحه لعدم انضمام بعض الأشخاص إلى متظاهري نوفمبر 2019، والاكتفاء بـ”مشاهدة” الأحداث، قائلا إن السبب هو قلق الناس من الخروقات الأمنية.

وحذر النائب السابق لرئيس البرلمان الإيراني من أن مطالب الشعب التي لا تتم تلبيتها قد تتحول إلى “برميل بارود” وأحيانا تحتاج إلى شرارة للانفجار.

وتعكس تصريحات باهنر، الذي شغل حاليا منصب الأمين العام لجمعية المهندسين الإسلامية، مخاوف النظام من موجة احتجاجات شعبية جديدة قد تتجاوز الخوف من القبضة الأمنية لتتحول إلى ثورة اجتماعية لا يمكن تكهن عواقبها وتداعياتها الداخلية والخارجية.

ولم يوضح النائب السابق لرئيس البرلمان كيفية “إنهاء” احتجاجات نوفمبر الماضي، لكن رويترز ذكرت في 23 ديسمبر 2019 أن المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي كان “مضطربا” بعد أيام قليلة من بدء الاحتجاجات، جمع كبار المسؤولين الأمنيين والحكوميين، وقال لهم “افعلوا كل ما يلزم لوقف الاحتجاجات”. وفي أقل من أسبوعين من الاضطرابات التي بدأت في 15 نوفمبر، قُتل حوالي 1500 شخص، فيما لم يقدم مسؤولو الحكومة الإيرانية حتى الآن تقريرا دقيقا عن عدد الأشخاص الذين قتلوا أو أصيبوا أو احتجزوا أثناء الاحتجاجات.

وقد جاءت احتجاجات نوفمبر من العام الماضي، في الكثير من المدن الإيرانية، في أعقاب قرار الحكومة المفاجئ بمضاعفة سعر البنزين ثلاث مرات، لكنها سرعان ما تحولت إلى احتجاجات واسعة النطاق ضد جميع أركان النظام.

محمد رضا باهنر: لو لم نتمكن من إنهاء احتجاجات نوفمبر الماضي لحدثت ثورة
محمد رضا باهنر: لو لم نتمكن من إنهاء احتجاجات نوفمبر الماضي لحدثت ثورة

وقوبلت هذه الاحتجاجات الواسعة بقمع من قبل قوات الأمن، وبالإضافة إلى ذلك، قامت الأجهزة الأمنية والاستخباراتية للنظام الإيراني بقطع الإنترنت تماما في البلاد.

وعلى خلفية تلك الاحتجاجات أصدر القضاء الإيراني، في الأشهر الأخيرة، أحكاما بالإعدام على العديد من المتظاهرين.

وكانت أشهر هذه الأحكام تتعلق بقضية أمير حسين مرادي، وسعيد تمجيدي، ومحمد رجبي، والتي تم تعليق تنفيذها بعد احتجاجات واسعة وردود أفعال عالمية.

وقد حوكم الأشخاص الثلاثة وحُكم عليهم بالإعدام في مارس من العام الماضي، بتهم مثل الاشتباك المسلح، ومغادرة البلاد بشكل غير قانوني، والمشاركة في الاحتجاجات، والمشاركة في التخريب. كما حُكم عليهم بالسجن 38 عاما والجلد 222 جلدة. ويرى متابعون للشأن الإيراني أن الوضع الداخلي الآخذ في التردي مع اشتداد وطأة العقوبات الأميركية على طهران وانحسار عائدات النفط، المورد الأساسي للموازنة، يوفر ظروفا مواتية لاندلاع احتجاجات اجتماعية جديدة قد تكون أكثر حدة وأكثر خطرا على تماسك أعمدة النظام.

وعكست الصحف الإيرانية الصادرة بتاريخ 22 أكتوبر الجاري هذه المخاوف حيث كتبت صحيفة “اقتصاد سرآمد” في إشارتها إلى انتشار التهميش والفقر والبطالة “تلعب العوامل الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الانقسام الطبقي دورا مهما في انتشار التهميش والفقر والبطالة”.

وذكرت الصحيفة الحكومية “إن الاضطرابات التي شهدتها المدن والبلدات حول العاصمة بسبب ارتفاع أسعار البنزين أظهرت أن الانتشار الفوضوي للسكان في ضواحي طهران والمدن الكبرى يعتبر مثل مخزن البارود الذي يمكن أن ينفجر في أي لحظة”.

وحذرت صحيفة “رسالت” الحكومية بالقول “إن أقل تأثير في الظروف الاقتصادية والسياسية الحساسة الحالية هو زعزعة السلطة التنفيذية في البلاد، والتقلبات الشديدة في مختلف الأسواق، وتصاعد التضاربات في الأجهزة التنفيذية، وعدم الاستقرار في المجالات الجديرة بالاعتبار، وفي النهاية المزيد من الضغط على الشعب والمزيد من زعزعة السلام في المجتمع”، أما صحيفة “ابتكار” فكتبت “سوف نشهد كل يوم المزيد من الانقسام الخطير بين نظام الحكم والشعب، وسوف يواجه الاقتصاد والمجتمع أياما صعبة”.

ونشر موقع الدبلوماسية الإيرانية، المرتبط بالإصلاحيين، مقابلة مع خبير حكومي شكك في استراتيجية خامنئي المتمثلة في عدم الحرب ولا التفاوض مع الولايات المتحدة وتأثيرات ذلك على تماسك النظام في الداخل.

ودعا أحمد نقيب زاده، الأستاذ بالجامعة والخبير في الشؤون الدولية، إلى التفاوض مع الولايات المتحدة محذرا من وقوع انتفاضة كبيرة، قائلا إن النظام على وشك الانهيار.

وحذر نقيب زاده من أنه “فقط بالتفاوض مع الولايات المتحدة ورفع العقوبات قد نستطيع منع الشعب الإيراني من قلب النظام”، مضيفا “ليس لدينا خيار سوى التفاوض مع الولايات المتحدة”.

وتابع “يواجه البلد مختلف التحديات من التضخم الجامح والركود إلى البطالة وتقلص موائد المواطنين وبسبب تزاحم هذه المشكلات، فإن البلاد على وشك الانهيار الكامل، ولا يمكننا تجاهل هذا التهديد المحتمل”.

5