إنستغرام يقطع الطريق على نفخ الشعبية الزائفة

باريس – في مسعى لإنهاء السباق على الشعبية بين المستخدمين، بدأ إنستغرام حجب علامات الإعجاب على المنشورات في بعض البلدان ما يشكل بداية رد قد لا تكون كافية على “الضغط” الاجتماعي الممارس من الشبكات الإلكترونية والذي يؤثر سلبا في أحيان كثيرة على الفئات الشابة.
ويقول عالم الاجتماع الفرنسي ستيفان هوغون المتخصص في الابتكارات الاجتماعية والتكنولوجيا “إنستغرام يستبق حقيقة أن شغفنا بالأرقام يتراجع، وثمة طريقة جديدة لتصور الروابط الاجتماعية”.
ويبدو أن إنستغرام الذي يعد أكثر من مليار مستخدم في العالم، أدرك تبعات هذا “الضغط” الذي يعاني منه عدد كبير من المولعين به.
وقد أعلن رئيس شبكة إنستغرام آدم موسيري مطلع الشهر الحالي إطلاق أدوات جديدة لمكافحة المضايقات الإلكترونية بما يشمل ظهور رسالة تحذيرية لدى محاولة أي مستخدم نشر تعليقات تحتوي مضامين تنم عن كراهية، بالاستعانة ببرمجيات للذكاء الاصطناعي.
وفي موازاة ذلك، بدأت شبكة إنستغرام تجربة خاصية جديدة في سبعة بلدان هي كندا وأستراليا وإيطاليا وإيرلندا واليابان والبرازيل ونيوزلندا، تقوم على حجب عدد علامات الإعجاب تحت المنشورات وتصبح تاليا غير ظاهرة إلا لصاحب المنشور.
وقالت ميا غارليك المسؤولة عن قسم أستراليا ونيوزلندا في فيسبوك المالكة لإنستغرام، “نريد أن يكون إنستغرام مكانا يشعر فيه الناس بالارتياح للتعبير عن أنفسهم. نأمل أن تؤدي هذه التجربة إلى تخفيف الضغط (…) لتتمكنوا من التركيز على تشارك ما تحبون”.
وقد بات إنستغرام ميدانا للسباق على حصد الشعبية وتعزيز حب الذات لدى المستخدمين، وهذا يصح بصورة كبيرة في إيطاليا أحد البلدان التي تشملها التجربة المذكورة حيث ثقافة الصورة حاضرة بشكل كبير، وفق عالم الاجتماع سيموني كارلو.
إنستغرام أصبح ميدانا للسباق على حصد الشعبية وتعزيز حب الذات لدى المستخدمين
ويوضح هذا الأستاذ الجامعي المتحدر من ميلانو والمتخصص في الروابط الاجتماعية الرقمية “يضم إنستغرام أشكال الإدمان نفسها الموجودة في المجتمع، بما يشمل الترفيه وإظهار الذات وحصد إعجاب الآخرين. هذه سلوكيات موجودة منذ زمن بعيد في المجتمع الإيطالي”، رغم أن هذه الظاهرة لا تقتصر على إيطاليا.
ويشير أندريه موندو عالم الاجتماع الكندي والأستاذ في جامعة كيبيك في مونتريال إلى أن “فكرة التحدث عن الذات موجودة على وسائل الإعلام الرقمية، ويحصل ذلك لإرضاء الأنا” لدى المستخدمين.
وتظهر مشكلات في النظرة إلى الذات لدى المستخدم عندما “يتراجع الاهتمام الذي كان يتلقاه”.
وفي 2017، صنفت دراسة نشرتها “رويال سوسايتي فور بابليك هلث” إنستغرام على أنه أسوأ شبكة اجتماعية على الصحة العقلية للشباب في بريطانيا، بحسب 14 معيارا بينها النظرة إلى الذات والقلق ومستوى المضايقات.
وحتى مع زوال علامات الإعجاب، ستبقى الصور الخدّاعة والمتلاعب بها في أحيان كثيرة صورا زائفة عن واقع اجتماعي مثالي.
وقد نددت الأسترالية إيسينا أونيل -وهي من المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي- في 2015 بالصورة الكاذبة التي تعكسها شبكة إنستغرام كما عبّرت عن انزعاجها من خلال إعادة صياغة كل التوصيفات المرفقة بصورها لتعكس الحقيقة المخفية.
وقد تباينت آراء علماء الاجتماع الذين تواصلت معهم وكالة فرانس برس حيال تبعات هذه الخطوات المتخذة من إنستغرام.
ويرى سيموني كارلو أن عدم التركيز على عدد علامات الإعجاب من شأنه أن يعزز الارتياح لدى المستخدمين، لكن “حصد الشعبية سيبقى متوافرا للراغبين في ذلك”.
أما أندريه موندو فلا يرى أي تغيير جذري للمستخدمين العاديين. ويعتبر أن الحافز الأساسي لدى المنصة هو “على الأرجح” قطع الطريق أمام “تزييف الإعجابات” التي يشتريها بعض “المؤثرين” لنفخ شعبيتهم اصطناعيا على الشبكة.
وتقول لورنس ألار الأستاذة المحاضرة في جامعة ليل وفي معهد بحوث السينما والمرئي والمسموع في جامعة باريس 3 إن هدف إنستغرام هو التصدي “لاقتصاد المؤثرين الصغار”. وتوضح عالمة الاجتماع “ثمة رغبة في وضع ضوابط أخلاقية لهذه التجارة الخاصة بصغار المؤثرين وقطع الطريق أمام تزييف المتابعات ومجموعة من الممارسات والأشخاص المتصلين بها ممن لا تملك شبكة إنستغرام سيطرة عليهم”.
وتتوقع لورنس ألار أن تتخذ الحرب بين المؤثرين أشكالا أخرى ستظهر خصوصا من خلال “تغير وحدة قياس الشعبية”، عبر الاستناد مثلا إلى “الرسوم التعبيرية على شكل قلب في التعليقات أو العدد الإجمالي للتعليقات”.
يذكر أن النجمة الشّابّة، كايلي جينر، لا تزال تتمتّع بكونها الأكثر تحقيقا للأرباح، من خلال حسابها الخاصّ على إنستغرام، وفق آخر تقرير صدر بهذا الخصوص، حيث احتّلت نجمة برامج الواقع، وعارضة الأزياء، ومؤسِّسة شركة كايلي لمستحضرات التّجميل، مركزَ الصّدارة في قائمة أثرياء إنستغرام، للعام الثاني على التّوالي، متفوقة بذلك على شقيقتها الكبرى، كيم كارداشيان، التي حلّت في المرتبة الرابعة.
وتصدرت جينر القائمة، بالحصول على 1.27 مليون دولار لكلّ منشور دعائيّ، محققة بذلك، زيادة بحوالي 27 بالمئة عن الربح الذي حققته العام الماضي، والذي بلغ مليون دولار لكلّ صورة دعائيّة، نشرتها عبر من وسائل التّواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من أنّ جينر تمتلك عددا أقلّ من المتابعين، عبر حسابها، مقارنة بالمغنية أريانا غراندي، إذ أن لديها 159 مليون متابع، لكن أريانا احتلت المرتبة الثانية، بمبلغ يقدر بـ966 ألف دولار لكل منشور. بينما احتل نجم كرة القدم العالمي، كريستيانو رونالدو، المركز الثالث في القائمة بنحو 975 ألف دولار لكل منشور، رغم تفوقه على كلتيهما بعدد المتابعين، الذي يبلغ 175 مليون متابع.