إمعان وسائل الإعلام الغربية في الترويج لوجود فاغنر بتونس يستفز السلطات

السفارة التونسية بفرنسا ترد على تقرير تلفزيوني: التضليل الإعلامي رياضة يبرع فيها بعضهم.
السبت 2024/05/25
الشائعات الغربية تستهدف التعاون المثمر بين تونس وروسيا

أمعنت وسائل الإعلام الغربية في الحديث عن وجود مجموعة فاغنر العسكرية في تونس، كان آخرها قناة الـ سي أي الإخبارية الفرنسية، وهو ما دفع السفارة التونسية في باريس للرد عليها واصفة تقريرها بأنه "لا أساس له من الصحة" في حين يرى محللون أن الغرب يترجم مخاوفه من احتمال حدوث تقارب بين روسيا وتونس بهذه الأخبار.

تونس - نفت السفارة التونسية في فرنسا، الخميس، صحة تقارير في وسائل إعلام غربية بوجود عناصر من مجموعة فاغنر الروسية في جزيرة جربة جنوب شرق تونس، واصفة تلك التقارير بأنها “لا أساس لها من الصحة”.

ويرى مراقبون أن ترويج هذه الأخبار يستفز السلطات التونسية، في وقت يتصاعد فيه منسوب القلق لدى أبرز العواصم الغربية من تقارب محتمل بين تونس وموسكو في الفترة القادمة، ما يمهّد لتحويل بوصلة تونس في علاقاتها من الغرب إلى الشرق.

ويعتبرون أن تونس تحاول الحفاظ على علاقاتها مع شركائها التقليديين (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي)، وتسعى في نفس الوقت إلى الانفتاح على روسيا التي تربطها بها علاقات تاريخية.

لكن الولايات المتحدة الأميركية التي تتعاطى مع الوضع في تونس كملف حقوقي بالدرجة الأولى وتريد تنازلات من الرئيس قيس سعيد بشأن موضوع الديمقراطية والأحزاب والحقوق والحريات.

وكانت وسائل إعلام إيطالية وفرنسية أفادت بوجود أعضاء من مجموعة فاغنر الروسية في جزيرة جربة الواقعة قرب الحدود مع ليبيا، وأشارت إلى إمكانية تورطهم في تسهيل عمليات الهجرة غير الشرعية أوروبا.

وقالت سفارة تونس في باريس “أفادت  قناة ال سي آي الإخبارية كذبا بوجود أعضاء من فاغنر في جربة.. لم يتم التحقق من هذه المعلومات من مصادر رسمية”.

وتابعت “تونس دولة ذات سيادة تتحكم وحدها في كامل أراضيها”.

وأكد البيان أن “الهجرة غير النظامية تشكل تهديدا لجميع البلدان: بلدان المنشأ والعبور والمقصد. ولن نتمكن من وضع حد لها وإنقاذ حياة الآلاف من البشر إلا من خلال معالجة الأصول العميقة لظاهرة الهجرة”.

وأكدت السفارة، في بلاغ على صفحتها في موقع فيسبوك، أن “القناة الفرنسية تواصل عملها في التضليل الإعلامي من خلال ترويج معلومات لا أساس لها من الصحة عن تونس دون التحقق من هذه المعلومات مسبقًا من المصادر الرسمية”، مضيفة:

“التضليل الإعلامي رياضة يبرع فيها البعض”.

خليفة الشيباني: لا وجود لفاغنر في تونس، وإجابة السفارة في محلها
خليفة الشيباني: لا وجود لفاغنر في تونس، وإجابة السفارة في محلها

وشددت على أنّ القناة المذكورة لا تحترم أخلاقيات المهنة التي تحكم العمل الإعلامي بشكل عام، مشيرة إلى أن “أولئك الذين يدعون حماية حرية التعبير يقومون بانتهاكها!”.

 كما أكدت السفارة أن تونس بلد ذو سيادة، ويستطيع بمفرده السيطرة على كامل أراضيه وحمايتها.

ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه مخاوف العواصم الغربية من النفوذ الروسي المتنامي في ليبيا، حيث حذر دبلوماسيون أميركيون في وقت سابق من نية روسيا إقامة قاعدة بحرية شرق البلاد، وهو ما نفته موسكو.

وأفاد المحلل السياسي والخبير الأمني، خليفة الشيباني أن “جربة مفتوحة للجميع، لكن فرنسا خصوصا تبحث عن نفسها من جديد ولديها مخاوف من فاغنر فتسارع إلى ترويج هذه المغالطات”.

وأضاف لـ”العرب” “هذه أكاذيب فرنسية في إطار سياسة باريس في أفريقيا، وهي تعتبر أن تونس ليست كما قبل تاريخ 25 يوليو 2021، وهذا ما يؤكد تخبط السياسة الفرنسية في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون”.

وتابع الشيباني “لا وجود لفاغنر في تونس، وتونس لا تعادي أحدا وتسعى للشراكة مع الشرق والغرب في إطار خياراتها، كما أن إجابة سفارة تونس في فرنسا كانت في محلها”.

مراد علالة: فرنسا الآن توظّف الذراع الإعلامية باصطناع الأزمات
مراد علالة: فرنسا الآن توظّف الذراع الإعلامية باصطناع الأزمات

وسبق أن تحدثت صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية عن وجود طائرات حربية روسية في مطار جزيرة جربة، والتي تبعد 150 كلم عن الحدود مع ليبيا، مشيرة إلى أنه لم يتم اكتشاف طبيعة النشاط الذي تقوم به الطائرات الروسية في تونس.

وردت السفارة الروسية في ليبيا على الخبر بالقول: “قررت الصحيفة الإيطالية تخويف القارئ عديم الخبرة بفكرة وجود طائرات مقاتلة روسية في مطار جزيرة جربة في تونس. لا يسع المرء إلا أن يحسدهم على مثل هذا الخيال”.

وأضافت: “لكن كردّة فعل، علينا أن نقول إن هذا كذب وتزييف، وعدم احترام كامل للقارئ، سواء كان في إيطاليا أو خارجها”.

ويثير التعامل مع روسيا حرجا إضافيا خاصة في ظل العقوبات الأميركية على مجموعة فاغنر الروسية والاتهامات الموجهة إلى روسيا بإعادة فرض نفوذها في أفريقيا في تحد لمراكز نفوذ تقليدية في القارة وخاصة نفوذ الولايات المتحدة وفرنسا، وكلاهما حليف أمني وعسكري لتونس.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة، “من المهم جدا الرد على ما يروّج في الإعلام الغربي من قبل الجهات الرسمية المخوّل لها، وهي ردت في الوقت المناسب في عقر دار البلد الذي تم فيه التضليل”.

وأكد في تصريح لـ”العرب”، “هناك ابتزاز متواصل لتونس في ملف الهجرة غير النظامية ونحن ندفع ضريبة على ذلك باعتبار الموقع الجغرافي، ولازالوا يضغطون على تونس لإرغامها على لعب دور الحراسة والترويج لهذه الشائعات”.

ولفت مراد علالة إلى أن “الذراع العسكرية الفرنسية لم تعد قادرة على العمل مثل السابق، وفرنسا الآن توظّف الذراع الإعلامية باصطناع الأزمات”.

وتشهد تونس أزمة اقتصادية غير مسبوقة. وتتفاوض الحكومة منذ نحو سنتين على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.

وفي حين يرجع البعض تأخر الاتفاق مع صندوق النقد بسبب رفض تونس لبعض الشروط من بينها رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية مثل الخبز، ربطت ستيفانيا كراكسي رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الإيطالي تأخر الاتفاق بعراقيل تضعها الولايات المتحدة.

4