إلغاء احتفالات رأس السنة يكبّد النزل التونسية خسائر كبرى

الإغلاق يقطع فرصة الانتعاش الأخيرة على المطاعم والمقاهي والفنادق السياحية.
الأربعاء 2020/12/23
شبح كورونا يمنع الاحتفالات

أثار قرار الحكومة التونسية إلغاء احتفالات رأس السنة خيبة أمل كبيرة داخل قطاع السياحة والنزل في تونس، حيث فرضت تطورات الوضع الوبائي عالميا مضاعفة إجراءات مكافحة كورونا في وقت كانت فيه الوحدات الفندقية والسياحية تتجهز لاستقبال وفود المحتفلين قبل أن تقطع سلالة كورونا الجديدة آمال الفرصة الأخيرة لإحياء للقطاع.

تونس - فاقم إجراء الحكومة بإلغاء حفلات رأس السنة الميلادية وإجراءات إغلاق الوحدات السياحية والفندقية متاعب القطاع السياحي المتعطش لفرصة أخيرة لتحقيق الإيرادات طيلة عام من الركود حيث تسببت تطورات الوضع الوبائي عالميا في تقويض أداء كامل القطاع السياحي والفندقي.

وأوصت اللجنة العلمية القارة لمكافحة فايروس كورونا المستجد، بمواصلة حظر التجوال وإلغاء كافة الاحتفالات والتجمعات خلال رأس السنة الميلادية الجديدة إضافة إلى غلق المجال الجوي ومنع التنقل بين المحافظات.

ويهدف الاتفاق إلى مواصلة العمل بالإجراءات الاستثنائية السارية حاليا للتقليص من التجمعات والاكتظاظ توقيا من انتشار الوباء لاسيما في ظل ظهور سلالة جديدة من فايروس كورونا في بريطانيا وبعض الدول، حيث أكدت الأبحاث العلمية أن الفايروس يتميز بسرعة الانتشار والعدوى حتى بين الأطفال.

وسام سويفي: الإجراء سيضر قطاعات أخرى مثل الفنادق والمطاعم والمقاهي
وسام سويفي: الإجراء سيضر قطاعات أخرى مثل الفنادق والمطاعم والمقاهي

وتؤثر هذا الإجراءات والتدابير المتخذة على العديد من القطاعات المنتجة التي ستدفع فاتورة باهظة جراء الإغلاق، باعتبار ارتباط نشاطها الوثيق بحفلات رأس السنة.

وأفاد رئيس الجامعة التونسية للنزل خالد فخفاخ، في تصريح لـ”العرب”، “أن اللجنة العلمية فكرت في أهمية صحة المواطنين قبل الاحتفالات، وهذا منطقي، ما جعل عددا من النزل تنشط في آخر أيام عطلة السنة”.

وأضاف فخفاخ “سنعمل على احترام البروتكول الصحي وسنلغي الاحتفالات مقابل الاقتصار على وجبات العشاء وفق ما تقتضيه الإجراءات اللازمة التي سننضبط لها”، واصفا نشاط النزل عموما هذا الموسم بالكارثي وأنه “في حدود 10 في المئة من نشاط الموسم السابق”.

ولئن كان تثبيت هذا الإجراء متوقعا باعتبار أن جميع دول العالم تسير في هذا الاتجاه، فإن السؤال المطروح كيف سيتم التعويض لأصحاب المهن المتضررة من هذه الإجراءات.

وأكد وسام سويفي مدير عام نزل لايكو تونس، أن “هذا الإجراء سيضر عدة قطاعات متداخلة في احتفالات رأس السنة (النزل، المطاعم، المقاهي، النقل) على أن نسبة الخسائر أقل من النزل الشاطئية (في جزيرة جربة، والحمامات)”.

وأضاف سويفي في تصريح لـ”العرب”، “سنحترم البروتكول الصحي رغم حرماننا من المداخيل المحترمة من الاحتفالات والزوار في موسم كارثي بالنسبة للمنشآت الفندقية والسياحية، فضلا عن منع المؤتمرات والاجتماعات التي أصبحت تقتصر على حضور 30 شخصا فقط وهذا لا يفي بالغرض”.

وتابع “لا أعتقد أن يستأنف العمل قبل منتصف يناير 2021، بعد هبوط مستوى الخدمات من 80 في المئة إلى أقل من 20 في المئة”. وبحسب إحصائيات غير رسمية، يشغل قطاع المقاهي والمطاعم أكثر من 20 ألف تونسي، يعمل جزء كبير منهم من دون تغطية اجتماعية.

وأفاد رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي محمد فوزي الحنفي في تصريح لـ”العرب”، “أن معاناة أصحاب المقاهي انطلقت منذ بداية انتشار الوباء”، مشيرا إلى أن الخسائر اليومية في حدود 70 في المئة، و”بعد أن كانت يشغل المقهى الواحد 6 عمال أصبح الآن لا يتجاوز العاملين فقط”.

ووفق رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي “يوجد أكثر من 20 ألف مقهى، ويشغّل القطاع 120 ألف عامل، 40 ألفا منهم يباشرون عملهم و80 ألفا آخرين في حالة بطالة”.

وكشفت دراسة أصدرها معهد الإحصاء الحكومي أن 35 في المئة من مجموع 1.5 مليون تونسي يعملون في القطاع الموازي ويشتغلون في القطاع الخدماتي بما في ذلك المقاهي والمطاعم والسياحية.

وحملت الأيام الأخيرة عدة تطورات على مستوى انتشار الوباء، وأربكت التطورات الوضع من خلال ظهور سلالة جديدة لفايروس كورونا تتميز بسرعة الانتشار بـ70 في المئة في عدة دول.

خالد فخفاخ: أداء القطاع كارثي ولم يتجاوز 10 في المئة بمقارنة سنوية
خالد فخفاخ: أداء القطاع كارثي ولم يتجاوز 10 في المئة بمقارنة سنوية

ودفعت هذه التطورات عدة دول لاتخاذ إجراءات عاجلة لتجنب انتشار العدوى. وينتظر تفعيل الإلغاء من عدمه، إذ ستقرر الهيئة خلال اجتماعها المقرر الأربعاء 23 ديسمبر الجاري.

ولا يزال الوضع الوبائي في البلاد دقيقا وعدد الإصابات في ارتفاع متواصل رغم الإجراءات الاستثنائية المتخذة منها خاصة حظر الجولان الذي تمّ التمديد فيه إلى غاية 30 ديسمبر الجاري، وتطرقت اللجنة في اجتماعها إلى الارتفاع المتواصل لعدد الإصابات الجديدة المكتشفة مع تسجيل حالة اكتظاظ في المستشفيات وعلى مستوى أسرة الإنعاش.

وسبق أن نفذ عمال المقاهي والمطاعم في 16 أكتوبر الماضي تحركات احتجاجية في محافظات تونسية مختلفة ضد القرارات الحكومية مطالبين بحمايتهم من تداعيات الغلق وحظر التجوّل الليلي في نحو سبع محافظات، من بينها إقليم تونس الكبرى، الذي يقطنه نحو 4 ملايين شخص ويمثل منطقة التركّز الكبرى للمقاهي وصالونات الشاي والمطاعم السياحية.

وحسب بيانات رسمية خلّفت موجة الغلق الأولى في تونس تراجعا حادا في المؤشرات الاقتصادية، حيث خسر أكثر من 110 آلاف شخص عملهم خلال الربع الثاني من العام، وارتفعت نسبة البطالة إلى 18 في المئة، وسط توقعات بأن يصل عدد العاطلين عن العمل إلى مليون عاطل في نهاية العام الحالي، مقابل 650 ألفا في بداية 2020.

وكانت الحكومة التونسية أعلنت يوم 29 أكتوبر الماضي قرار غلق المقاهي والمطاعم بداية من الساعة الرابعة مساء (بتوقيت تونس) مع احترام طاقة الاستيعاب المحددة بـ30 في المئة في الفضاءات المغلقة و50 في المئة في الفضاءات المفتوحة، ليفرض تطور الوضع الوبائي في ما بعد إلغاء وإغلاق جميع فضاءات الاحتفال خلال رأس السنة.

وتشير الأرقام الرسمية لمعهد الإحصاء إلى أن نسبة الانكماش الاقتصادي التي تسبب بها الوباء في الفصل الثاني من العام 2020 تخطت 20 في المئة وقفزت نسبة البطالة من 15 إلى 18 في المئة.

ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي من الحد من تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي إلى أن زادت الجائحة من تدهور الوضع وتفاقمت المديونية لدى المانحين الدوليين.

10